كشفت صحيفة” نيويورك تايمز” في تقرير نشرته أمس، الثلاثاء 23 شباط، عن مجريات لقاء عقده رأس النظام السوري “بشار الأسد” مع صحفيين موالين له خلال الأيام القليلة الماضية.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن الأسد أجاب على سؤال وُجّه له خلال اللقاء عن الانهيار الاقتصادية وانهيار العملة والارتفاع الهائل في أسعار السلع الأساسية والنقص المزمن في الوقود والخبز، بـ “نعم.. أنا أعرف”.
وأضافت الصحيفة أن الأسد وجّه تعليمات للفضائيات المحلية، بإيقاف بث برامج “الطهي” عبر شاشاتها، لتفادي دفع السوريين إلى السخرية من صور الطعام بعيد المنال، دون تقديم أي خطوات ملموسة لوقف الأزمة.
وبيّن التقرير أن رأس النظام ألقى باللوم على مجموعة من القوى تسببت بالويلات في سوريا، من مثل: “وحشية الرأسمالية العالمية”، و”غسيل المخ من قبل وسائل التواصل الاجتماعي”، في حديث بدا فيه “منفصل هن المخاوف الحقيقة للسوريين”، واصفة إياه بـ “المتمسك بالتفاهات”.
وأكّدت الصحيفة أن مستشار رئاسي قاطع أحد الصحفيين بغضب، خلال سؤال وجهه لرأس النظام حول طبيعة تعامله مع الغضب بين مؤيديه بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، إلا أن الأسد أجاب بأنه على علم بآلام الناس، وأن الوضع سوف يتحسن، دون كشف خطط واضحة.
ونشرت الصحيفة في تقريرها، لقاءات تمكنت من إجرائها مع بعض السوريين في دمشق وضواحيها، يظهر مدى البؤس والفقر المسيطران على حياة الناس، وسط انهيار لليرة السورية وصلت فيه إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار الأميركي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية أكثر من الضعف في العام الماضي.
وما يزيد من المعاناة، أن حلفاء الأسد الاستراتيجيين، روسيا وإيران، لم يعدا قادرين على تقديم المساعدات/ كونهما بالأساس يعانيان من قلة الموارد جراء العقوبات الغربية وتبعات جائحة فيروس كورونا المستجد، وهو ما صرّح به السفير الروسي في سوريا “ألكسندر إيفيموف” خلال الشهر الجاري، حيث قال: “الوضع الاجتماعي والاقتصادي في سوريا اليوم صعب للغاية”، مضيفاً: “إرسال المساعدات أضحى صعبًا للغاية لأن روسيا أيضاً تعاني من الوباء والعقوبات الغربية”.
نساء أجبرن على بيع شعرهن:
نقلت الصحيفة الأمريكية عن إحدى السيدات التي رفضت الكشف عن اسمها الحقيقي لأسباب أمنية، أنها اضطرت إلى أن تبيع شعرها إلى إحدى صالونات التجميل حتى تعيل عائلتها، مبيّنة: “كنت أمام خيارين أما أن أبيع جسدي أو أتخلى عن شعري”.
وأضافت السيدة: “زوجي يعمل نجارا ولكنه يعاني العديد من الأمراض ويعمل بشكل متقطع، ولدينا ثلاثة أطفال علينا إعالتهم، اشتريت بثمن شعري ليترات قليلة من وقود التدفئة ومعاطف شتوية لأولادي، ودجاجة مشوية، لأننا لم نتذوق اللحم منذ ثلاثة أشهر”، خاتمة: “بقيت أبكي لمدة يومين من القهر والألم والعار”.
وبدوره، قال فنان موسيقي إن أكثر ما يشغل الناس هذه الأيام هو كيفية تأمين الطعام وغاز الطهي ووقود التدفئة، مشيراً إلى أن الأجواء الأمنية والقمعية تجعلهم خائفين وغير قادرين على فتح أفواههم للاعتراض على أوضاعهم المزرية والصعبة، في إشارة منه إلى اعتقال المذيعة التلفزيونية الموالية “هالة الجرف” مؤخراً.
اعتقال الجرف جاء بعد يوم واحد على كتابة منشور عبر صفحتها الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، قالت فيه “فيما يتعلق بالثراء لن يكون أي مواطن ثرياً بما يكفي لشراء آخر، ولا يوجد فقير بما يكفي ليجبر على بيع نفسه”، في رد على سؤال “ما هي الأمة؟”.
خمس ساعات يومياً في طوابير انتظار الخبز!
بالقرب من القصر الرئاسي، يجني أب لتسعة أطفال ما يعادل 5 دولارات في اليوم من بيع الخضار، مشيراً إلى أنه لم يعد قادر على تحمل نفقات المدراس رغم قلتها، لذلك امتنع اثنين من ابنائه عن الدراسة، فيما هاجر آخر إلى ألمانيا ليرسل إلى أبيه بضعة دولارات تكفي لسداد إيجار بيتهم المتواضع.
وأضاف الأب في حديثه للصحيفة أن أحد أبنائه يتفرغ كل يوم لمدة ثلاثة أو خمس ساعات للوقوف في طابور طويل للحصول على بضعة أرغفة من الخبر المدعوم من الحكومة”، متابعاً: “حتى الكماليات البسيطة أصبحت نادرة، فقبل أسابيع قليلة اشتريت دجاجة أعدت زوجتي منها ثلاث وجبات”.
ومن جهته، قال أحد العاملين في وزارة حكومية يُدعى “وسيم” إن راتبه وأجر زوجته كانت تسمح لعائلته بالحصول على معيشة كريمة نوعا ما، ولكن ومع انهيار العملة، الذي بدأ في أواخر عام 2019، تضاءل دخلهم، مما أجبرهم على تناول نوعيات أرخص من الطعام وشراء ملابس مستعملة.
وأشار وسيم إلى أنه افتتح مؤخراً متجراً للعطور، يديره عقب انتهاء دوامه لزيادة دخله، ولكن ذلك يترك له القليل من الوقت للانتظار في طابور الحصول على الخبز، مما يجبره على شراء الخبز غير المدعوم “الخبز السياحي” والذي يكون سعره أعلى بستة أضعاف الخبز المدعوم.
وختم وسيم: “نسمع يومياً تصريحات من الرئيس بشار الأسد وحكومته حول المقاومة والسيادة الوطنية، لكن الحكومة أغلقت آذانها وعينيها ولا تبدي أي اهتمام بظروفنا المعيشية”.