تناقلت حسابات جهادية تابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، مساء الأحد، أنباءً عن عمليات إعدام سابقة نفذها “جيش الإسلام” بحق 45 عنصراً من “الهيئة” كانوا معتقلين لديه، منذ حملته الأمنية الأخيرة في أيار/مايو. الكشف عن إعدام “جيش الإسلام” للمعتقلين لديه من “تحرير الشام”، جاءت في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات لإخراج “تحرير الشام” من الغوطة الشرقية، بالاتفاق بين “جيش الإسلام” و”فيلق الرحمن” وممثلين عن روسيا والنظام.
وقالت مصادر مقربة من “هيئة تحرير الشام” إن اللجنة المدنية المفوضة بتوصيل الرسائل بين أطراف التفاوض حول ملف خروج “تحرير الشام” من الغوطة الشرقية المحاصرة، نقلت لـ”الهيئة” نبأ مقتل معقلين وأسرى لها لدى “جيش الإسلام”. وتتواصل اللجنة المدنية مع “جيش الإسلام” و”فيلق الرحمن” و”هيئة تحرير الشام”، وقدّمت إلى مسؤولي “هيئة تحرير الشام” المفاوضين عن الراغبين منها بالخروج من الغوطة، صوراً لعناصر تم اعدامهم ميدانياً في سجون الجيش، برصاص في الرأس، بالإضافة لصور مقاتلين آخرين قضوا في اشتباكات مع الجيش.
وكان مفترضاً خروج 130 شخصاً من “تحرير الشام” برفقة عائلاتهم، ومن بينهم مهاجرون، نحو الشمال السوري، السبت. إلا أن الاتفاق توقف بسبب عدم التزام “جيش الإسلام” بمسألة إطلاق سراح الأسرى. حافلات الإخلاء كانت قد وصلت إلى معبر مخيم الوافدين، وبقيت أكثر من 12 ساعة قبل سحبها نحو دمشق. وكانت “الهيئة” قد رفضت الخروج من دون أسراها، وطالبت بالخروج من مناطق سيطرة “فيلق الرحمن”، لا من معبر مخيم الوافدين الذي يسيطر عليه “جيش الإسلام” من جهة الغوطة.
القسم الراغب بالخروج من “الهيئة”، كان يفاوض “جيش الإسلام” على الخروج من الغوطة مقابل إطلاق سراح 140 معتقل لدى الجيش، وإخراجهم إلى ادلب مع قوافل الخارجين. ورفض الجيش ذلك الأمر، ثم انخفض العدد المُطالب به إلى 40 شخص قُدمت اسماؤهم إلى اللجنة المدنية المخولة بالتواصل بين الطرفين. وعند عودة اللجنة من مدينة دوما، قالت للمفاوضين عن القسم الراغب من “الهيئة” بالخروج، إن 27 شخصاً من الـ40 قُتلوا في سجون الجيش. واصطحبت اللجنة معها صوراً للقتلى محمّلة على جهاز خليوي، ورفضت تسليم الصور لـ”فيلق الرحمن” و”هيئة تحرير الشام”، حتى إتمام الاتفاق ووصول الراغبين بالخروج إلى مدينة إدلب.
“جيش الإسلام” نفى في بيان رسمي له، نُشر في مواقع التواصل الاجتماعي، الأنباء عن إعدام عناصر “الهيئة”، متهماً إياها بنشر صور لقتلى من عناصرها قضوا خلال الاشتباكات الأخيرة من الجيش على أنهم أسرى قام الجيش بتصفيتهم، مشيراً في بيانه إلى أن ذلك هو “كذب وخداع”.
وأضاف الجيش في بيانه أن الصور المنشورة قديمة وموثقة من قبل منظمة الدفاع المدني في الغوطة الشرقية، وأن الهدف من وراء إعادة نشرها هو إذكاء حقد اتباع “الهيئة” وإيهامهم أن زملائهم ما زالوا أسرى لدى الجيش لدفعهم إلى محرقة “البغي” مرة أخرى، واستخدام هؤلاء العناصر في تنفيذ هجمهات جديدة بهدف عرقلة عملية الخروج من الغوطة الشرقية.
“هيئة تحرير الشام” لم تعلق على الموضوع. التفاوض على الخروج كان قد شق صفوف “الهيئة” إلى قسمين؛ راغب ورافض للخروج. القسم الراغب بالخروج من الغوطة، عيّن مفاوضين عنه، بعدما انفصل عن “الهيئة” بشكل نهائي، وبات يفاوض على الخروج بلا موافقة “الهيئة” في الغوطة الشرقية.
مصدر في “تحرير الشام” أكد لـ”المدن”، أنه من بين الصور التي وردت عبر اللجنة المدنية 5 فقط قضوا خلال الاشتباكات، أما البقية، فهم ممن سلّموا أنفسهم للجيش بعد محاصرتهم في مقراتهم ومنازلهم خلال الحملة الأمنية، بعد التعهد لهم بعدم التعرض لعوائلهم وإعطائهم الأمان. المصدر قال إن عناصر “جيش الإسلام” اعتقلوا حينها النساء والأطفال، بعد تسليم مقاتلي “الهيئة” أنفسهم.
وقال المصدر إنه من بين هؤلاء القتلى المهاجر “أبو حفص الأردني” ابن اخت الشيخ “عبد الله عزّام”، والذي تم اعتقاله وزوجاته بعد إعطائه الأمان من قبل عناصر “جيش الإسلام”، قبل أن تظهر صورته قتيلاً برصاصة بالرأس.
معظم القتلى الذين وردت أسمائهم وصورهم ضمن القائمة التي سلمها الجيش لـ”لجنة التفاوض”، كانوا على قيد الحياة، قبل شهور قليلة، في معتقلات “جيش الإسلام”، بحسب شهادة عناصر من “تحرير الشام” كانوا أسرى لدى “جيش الإسلام” في الفترة ذاتها.
عمليات الإعدام ليست بجديدة، بل جرت على مدى أشهر خلال فترة وجود الأسرى لدى “جيش الإسلام”. هذا عدا عمن تم إعدامه ميدانياً، في ساحة المعركة، بعد اعتقاله. الأمر الذي جعل الجيش يرفض مراراً مسألة التفاوض على أسرى “هيئة تحرير الشام”. ومع وصول الأمور إلى مرحلة متقدمة، وسط تعهد الجيش للجانب الروسي بتسهيل خروج “الهيئة” نحو الشمال السوري، لم يعد أمام الجيش إلا كشف مصير المعتقلين، لإنهاء ملف الأسرى.
وبعد الكشف عما حدث مع الأسرى، خفضت مجموعة “تحرير الشام” الراغبة بالخروج من الغوطة، سقف المفاوضات، وطالبت بعشرين أسيراً موجودين لدى “جيش الإسلام”، مقابل الخروج من الغوطة الشرقية نحو إدلب. ولا تزال المفاوضات جارية حتى اللحظة من دون التوصل لاتفاق واضح بين الأطراف المتفاوضة، وسط انتظار من النظام والروس لإتمام الاتفاق الداخلي في الغوطة لجلب الحافلات التي ستقل العناصر وعوائلهم نحو الشمال السوري.
المصدر: جريدة المدن الالكترونية.