بحث
بحث
مراكز ايواء مهجري دمشق .. هجرة اضافية والعائلات بلا ماؤى
انترنت

مراكز الإيواء في دمشق .. هجرة إضافية والعائلات بلا مأوى

المهجرون في دمشق ما بين إغلاق مراكز الإيواء، ومنعهم من العودة لمنازلهم.

“لا نطلب سوى سقف يؤوينا”، هذه أقصى أحلام أبو محمد الذي هجره النظام السوري عن حي القابون عام 2013، وأعاد تهجيره عدة مرات بين مراكز الإيواء في العاصمة دمشق، ليستقر به الحال في مركز باب مصلى.

واليوم يشارك أبو محمد في حلمه المئات من قاطني مركز باب مصلى للإيواء، وذلك بعد أن أمهلتهم محافظة دمشق أيام قليلة لإخلاء المركز، مهددة برميهم في الشارع في حال الاعتراض.

وتعتزم محافظة دمشق إغلاق المركز ونقل قاطنيه إلى آخر المراكز الواقع في مشروع دمر، والذي من المخطط أن يتم إغلاقه أيضاً خلال الأشهر الثلاثة القادمة كحد أقصى، ليُطوى بذلك ملف مراكز الإيواء “سيئة السمعة”، ويطوى معه ملف الفساد الذي أحاط بتلك المراكز لأعوام.

مركز باب مصلى (الأمل)

افتتحت محافظة دمشق مركز إيواء باب مصلى عام 2013، وأطلقت عليه اسم مركز الأمل، ليكون واحداً من أكبر مراكز الإيواء في دمشق، مع أكثر من 1200 شخص، هُجّروا من مناطق الغوطة الشرقية وجنوب دمشق ومحيطها ، تزامناً مع عمليات النظام العسكرية فيها.

وانخفضت أعداد المهجرين في المركز، الذي كان في السابق “معهد إعاقات سمعية”، خلال السنتين الماضيتين، ليبقى فيه حوالي 800 شخص، مُنعوا من العودة إلى مناطقهم المغلقة والمدمرة كحي جوبر والقابون ومخيم اليرموك والحجر الاسود على اطراف دمشق طوال سنين.

واتخذت محافظة دمشق قبل أيام قراراً بإغلاق المركز، وأبلغت قاطنيه بضرورة تجهيز أنفسهم لنقلهم إلى مركز مشروع دمر، ودمجهم مع قاطني الأخير، الذين يُقدر عددهم بـ 400 شخص، وسط تهديد “برمي المعترضين في الشارع”.

إما مركز دمر أو الشارع

أبو محمد من حي القابون، منعه النظام من الاستقرار في مركز إيواء واحد منذ أن هجره عن حيه عام 2013، يقول لصوت العاصمة: “أُجبرت وعائلتي على التنقل بين خمسة مراكز، بدءاً من برزة انتقالاً إلى مركز المزة ومنه إلى كفرسوسة فالزاهرة، ليستقر بي الحال في مركز باب مصلى، والآن يُخيرونني ما بين الانتقال إلى مركز دمر، أو إلى منزلي المدمر في القابون”.

وتسآئل أبو محمد الذي يعمل في أحد المطاعم بمنطقة الزاهرة: “زوجتي تعمل بمشغل خياطة في منطقة دف الشوك، وأبنائي يرتادون مدرسة قريبة من مركز الإيواء، وطبعاً لا يخفى على أحد سوء الوضع الاقتصادي في البلد، فكيف لنا الانتقال إلى مشروع دمر البعيد وغير المخدّم؟”.

“لانطلب سوى سقف يؤوينا داخل المدينة”، يضيف أبو محمد على لسان المئات من ساكني المركز الذين سيخسرون أشغالهم ومدارس أبنائهم في حال الانتقال لمشروع دمر، المقرر إغلاقه خلال الأشهر الثلاث القادمة.

حال أبو محمد كحال صباح التي عانت لأشهر من صعوبة تسجيل ولدها في أحد المدارس القريبة من المركز، وعند قبوله، خُيّرت ما بين مشروع دمر أو “الشارع”.

ووصفت صباح مركز مشروع دمر، نقلاً عن إحدى معارفها القاطنة فيه، بأنه “سجن بعيد، لا يوجد بقربه أي خطوط مواصلات عامة، ولا يوجد فيه تدفئة أو أسواق، هو عبارة عن جبل وبضعة أبنية”، مشيرة إلى أن أسعار المواد الغذائية هناك مضاعفة عن أسواق دمشق.

وأضافت: “هنا في باب مصلى، السوق قريب، والأسعار أرخص، والمواصلات متوفرة، وعملي ومدرسة ولدي بالقرب منا، فلماذا ينقلوننا إلى منطقة بعيدة، سنخسر بها كل ما حاولنا صنعه بالرغم من وضعنا السيئ”، مضيفة “حاولنا أنا وعدة نساء الوصول إلى مكتب المحافظ لطرح مشكلتنا، إلّا أننا شُتمنا وطُردنا من قبل حرس المبنى”.

وتسائلت صباح، التي تنحدر من حي الحجر الأسود، عن حالها وأولادها في حال رفضت الانتقال إلى مركز مشروع دمر، فهي غير قادرة على ترميم منزلها في حي الحجر الأسود، إذا ما سُمح لها بالعودة إليه، قائلة “ليس لدي المال لترميم المنزل، فزوجي معتقل ولا أعلم عنه شيئاً منذ عام 2014، وابني الكبير يعمل ونتشارك المصروف سوية لكي نستطيع العيش”.

إذلال عن قصد

مشرف في أحد مراكز الإيواء قال لصوت العاصمة إن المسؤولين ” يتقصدون إذلال الناس عبر نقلهم وافراغ المراكز دون اي رحمة”.

وأضاف أنه في إحدى اجتماعات اللجان المسؤولة عن المراكز، قالت “ميرزا عبود” مسؤولة ملف المهجرين ومديرة فريق دمشق التطوعي، الذي كان يدير المراكز خلال الفترة الأولى التي أعقبت تأسيسه: “هؤلاء (المهجرون) يجب أن لا يهدأ لهم بال، ويجدر بنا نقلهم كل عدة أشهر حتى لا يشعروا بالاستقرار، فهم بيئة حاضنة للإرهاب”، معتبرة أن أبناء الأرياف لا يجب أن يقيموا في المدينة، ضمن مراكز “خمس نجوم”.

وأشار أن التنقلات كثرت عام 2018، حين أُفرغ 12 مركزاً، ونُقل ساكنوها إلى حرجلة والدوير، منوهاً إلى أن عناصر أمن رموا أشخاصاً حينها في الشارع لمجرد اعتراضهم على القرار، والآن يتكرر المشهد في آخر مركزين، معتبراً أن ما جرى ويجري هو “بداعي الانتقام فقط، خاصة أن السلطات لم تتكلف شيئاً خلال ثمانية أعوام مضت على المراكز، إذ أنها لم تُقدم سوى الأبنية والماء والكهرباء، وأن ما قُدم كان عبارة عن مساعدات من الهلال الأحمر والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات”.

من المسؤول؟

كثيرون لهم مصلحة في إغلاق مراكز الإيواء في العاصمة، خوفاً من فتح ملف “الفساد الإغاثي” الذي استمر لسنوات، حسب ما ذكر مصدر في محافظة دمشق لصوت العاصمة، الذي أكد أن “المشرفين والمسؤولين عن ملفات الإغاثة بالمراكز علموا أن الملف سيُفتح خلال الفترة القادمة”.

وحمّل المصدر محافظة دمشق المسؤولية كاملةً، كونها الجهة الرسمية الوحيدة المخولة بإدارة المراكز، وهي أكثر العالمين بحال المهجرين وبوضعهم السيء، مشيراً إلى أنها وجّهت كتاباً لوزارة الإدارة المحلية، التي حولته بدورها لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، طالبت فيه إغلاق المركز، واستلامه أصولاً، دون ذكر الأسباب، وحال المهجرين القاطنين فيه.

وأضاف المصدر أن المحافظ “عادل العلبي” لم يقم بأي زيارة لمراكز الإيواء، منذ استلامه منصبه وحتى اليوم، أي أنه لا يعلم شيئاً عن حال قاطنيها.

وكذلك هو الحال بالنسبة لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، إذ تحدث مصدر في الوزارة لصوت العاصمة أن الوزيرة ليس لديها أي معلومات عن وجود مهجرين داخل تلك المباني التي وافقت على إغلاقها، مشيراً إلى أنها وقّعت على القرار بناء على صورة نُقلت لها، تفيد بأن الوزارة بحاجة لتلك الأبنية لاحتواء “طلاب الاعاقة”، الذين يدرسون في مبنى مجاور منذ ثمانية أعوام.

وأضاف المصدر أن الوزيرة “تناست ان المهجرين القاطنين بالايواء فعليا يتبعون لوزارتها وهي بمنصبها كرئيسة اللجنة العليا للاغاثة بسوريا تتحمل مسؤولية اخراجهم للشارع”.

المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير