بحث
بحث

المدن: أين تنتهي سياسة “جيش الإسلام” التفاوضية؟



المدن – 

علمت “المدن” من مصادر خاصة، أن مدير المكتب السياسي في “جيش الإسلام” محمد علوش، وقّع اتفاقاً جديداً مع الروس بخصوص الغوطة الشرقية، لم تُعرف تفاصيله بعد. وسرعان ما قوبل الاتفاق الجديد بتصعيد عسكري في الغوطة من قبل مليشيات النظام، حصد أرواح مدنيين. كما أجرى “جيش الإسلام” عملية تفاوضية مع مليشيا “حزب الله” اللبنانية، لتسليم جثث عدد من قتلى الحزب في الغوطة الشرقية، ودخلت شخصيتان من أبناء دوما، من دمشق إلى الغوطة، لتسلم الجثث.

وتسير مفاوضات علوش الأخيرة، حول ترسيخ وجود “جيش الإسلام”، كقوة دفاع ذاتي تدير الغوطة الشرقية مقابل منع أي عمل عسكري تجاه العاصمة دمشق، بحسب تسريبات لم يتسنّ لـ”المدن” التأكد من صحتها من مصدر مستقل.

ويبحث “جيش الإسلام”، عن موطئ قدم له في الخريطة السياسية لمستقبل سوريا، وعن مصادر تمويل ليدفع مستحقات مقاتليه وكوادره، بعيداً عن مبادئ نشأته لقتال النظام ومليشياته. ولم يعد “جيش الإسلام” يجد حرجاً في التفاوض مع “الأعداء” حفاظاً على استمرارية وجوده، خصوصاً أن “الأزمة السعودية” قد تؤثر بشكل مباشر على الجيش المدعوم من المملكة.

وأصبح علّوش عرّاب المفاوضات مع روسيا، التي تحولت في تصريحاته من عدو لدود إلى “ضامن”، بعد وعود من الأخيرة بتقديمها مساعدات وتسهيلات من دون شروط، وفق ما ذكره مصدر سياسي معارض لـ”المدن”.

وأضاف المصدر أن الجناح السياسي لـ”جيش الإسلام” انتهج خياراً تفاوضياً مغايراً لنشأته ومخالفاً لتوجهات قائده الراحل زهران علوش. فالتقى محمد علوش، بعيداً عن الأضواء وضجيج الإعلام، مع جنرال روسي، وكان اللقاء خاصاً بملف “جيش الإسلام” لا مفاوضات أستانة، على اعتبار أن علوش أيضاً عضو في “الهيئة العليا للمفاوضات”.

ولم يكتفِ “علوش” بالتفاوض عن جيش الإسلام، فأبرم اتفاقاً في القاهرة، في تشرين الأول/أكتوبر، يقضي بدخول جنوبي دمشق اتفاق “خفض التصعيد” مع روسيا. ووقع بالنيابة عن “جيش الإسلام” و”أكناف بيت المقدس”، ويعمل حالياً على ضمّ مزيد من الفصائل ضمن الاتفاق الروسي.

وكان “جيش الإسلام” أول من وقّع اتفاقاً لـ”خفض التصعيد”، بمعزل عن “الهيئة العليا للمفاوضات”، وباتصالات مباشرة مع روسيا في القاهرة، عبر “تيار الغد” برئاسة أحمد الجربا، في تموز/يوليو 2017. وأولى المساعدات التي دخلت مناطق “جيش الإسلام”، بعد توقيع الاتفاق، كانت روسية لا من الأمم المتحدة أو الهلال الأحمر، كما جرت العادة، ودُمغ على المساعدات علم روسيا والعلم السوري، وعبارة “روسيا معكم.. سوريا معكم”.

وبعد سير “جيش الإسلام” في مضمار “السياسة” التي كان يحاربها زهران علوش، أسس “الجيش” بزعامة عصام بويضاني، مكتباً سياسياً داخلياً برئاسة أبو عمار دلوان، إلى جانب المكتب السياسي الذي يرأسه محمد علوش، ما قد يشير إلى وجود انقسام داخلي في صفوف الجيش.

وترتفع أصوات عسكريين في “جيش الإسلام” يؤمنون برفضهم لتوجه القيادة السياسية للجيش في التفاوض مع الروس، والتي لم تجد نفعاً. ويعتقد هؤلاء أنه لا يمكن التحاور مع النظام إلا بالقوة، إذ لم يلتزم النظام بكل المفاوضات المبرمة بضمانة روسية.

ويبدو أن “جيش الإسلام” وقع في شرّ مفاوضات مكتبه السياسي، فالضامن الروسي لم يلتزم بما وقعه في العملية التفاوضية، ولم يمارس الضغط على النظام للالتزام ببنود التفاوض؛ كوقف إطلاق النار وفتح المعبر الإنساني الوحيد. والقوة العسكرية التابعة لـ”جيش الإسلام” غير قادرة على كسر كلمة قيادتها السياسية والانفكاك من توقيع الاتفاق. واقتصر عمل الجيش العسكري في الآونة الأخيرة على رد اعتداءات النظام فقط.

ويمارس النظام مزيداً من الضغط على فصائل الغوطة الشرقية، لتحسين شروط التفاوض لصالحه، ويبدو أنه لن يكتفي بضمانات “جيش الإسلام” لوقف أي عمل عسكري تجاه العاصمة دمشق. بل لا يريد النظام قوة عسكرية معارضة على خاصرة العاصمة دمشق، إذ عمل جاهداً من خلال “هدن” محلية على تهجير الثوار من محيط العاصمة في داريا ووادي بردى وغيرها.

وقد يصل جيش الإسلام في مفاوضاته، إذا ما استمر على هذا النهج، إلى قوة “معارضة” شكلياً للنظام ومليشياته، فيما يقتصر عملها العسكري على قتال تنظيم “الدولة الإسلامية”، تماشياً مع السياسات الدولية.

داخل الغوطة الشرقية، يضرب “جيش الإسلام” بيدٍ من حديد، على معارضيه، حتى أولئك الرافضين لسياسته التفاوضية. وكان آخرها اعتداء “مجهولين” على طبيب صعّد من لجهته حيال علوش. أهل الطبيب لم يتهموا “جيش الإسلام” بالاعتداء، ولكن ناشطين قالوا إن الاعتداء كان في منطقة تخضع لرقابة شديدة من “جيش الإسلام”. وبحسب أحد الشهود، فقد قال المعتدون للطبيب: “هي منشان تعرف تحكي علينا ثاني مرة”.

اترك تعليقاً