صوت العاصمة – الجزيرة نت
بعد سلسلة التفجيرات التي طالت وفودا عراقية بمقبرة باب الصغير، ومن ثم القصر العدلي ومنطقة الربوة بدمشق منتصف الشهر الماضي، عمد النظام إلى تشديد قبضته الأمنية على العاصمة، وفرض المزيد من الإجراءات الأمنية.
“دمشق ما قبل مارس/آذار هذا العام ليست كدمشق ما بعده، والحياة فيها تغدو أصعب يوما تلو آخر”. هذا ما يتهامس به كثير من سكان العاصمة السورية، وحال مدينتهم خلال الأسابيع التي تلت تفجيرات ومعارك مارس/آذار الماضي.
بعد سلسلة التفجيرات التي طالت وفودا عراقية في مقبرة باب الصغير، ومن ثم القصر العدلي ومنطقة الربوة منتصف الشهر الماضي، عمد النظام إلى تشديد قبضته فارضا المزيد من الإجراءات الأمنية بهدف منع تكرار حوادث مشابهة، خاصة مع اتهام منفذ تفجير القصر العدلي بانتحاله صفة أمنية لتسهيل مروره ودخوله لتلك الدائرة الحكومية رغم التفتيش الدقيق.
وإثر الهجوم المباغت الذي شنته الفصائل المعارضة على محور كراجات العباسيين في حي جوبر الدمشقي أواخر الشهر نفسه، ازداد تخوف النظام من تسلل مقاتلين من المناطق المحررة المتاخمة لمناطق نفوذه أو من وجود خلايا نائمة لا علم له بها، لتزداد القبضة الأمنية حدة وشراسة.
إجراءات مشددة
ورصد ناشطون خلال الأسابيع الفائتة مجموعة من الإجراءات الجديدة وغير المسبوقة في بعض الأحيان. ولا يمكن النظر إليها بشكل منفصل عن استشعار النظام تهديدات موجهة لأهم معقل أمني له داخل بلاد فقد السيطرة على مساحات واسعة منها في السنوات الأخيرة.
ففي مطلع الشهر الحالي، نشرت مجموعة “مراسل سوري” الإعلامية خبرا يفيد بقيام محافظة دمشق وبإيعاز من الأفرع الأمنية بسد فتحات الصرف الصحي في العديد من أحياء المدينة خاصة الوسط التجاري.
ورغم أن هذا الإجراء ليس جديدا حيث شهدت دمشق إجراءات مماثلة خلال السنوات الماضية بالأحياء القريبة من مناطق سيطرة المعارضة كحي الميدان جنوبا، فإن امتداد هذه العمليات لوسط دمشق التجاري كان لافتا للانتباه.
أما في الأحياء الشرقية وعلى الأخص القريبة من منطقة كراجات العباسيين، مثل شارع فارس الخوري وحي التجارة وحي مساكن برزة، فقد تحدث شهود عيان للجزيرة نت عن تكثيف حملات المداهمة وتفتيش المنازل.
وتقول رُبا -وهي من سكان شارع فارس الخوري المتاخم لكراجات العباسيين وجوبر- إن المداهمات وإجراءات التدقيق الأمني باتت حدثا شبه يومي في فارس الخوري والشوارع الفرعية المحيطة، حيث يتم السؤال عن هويات كافة السكان والتدقيق فيها، إضافة للتأكد من عقود الإيجار والموافقات الأمنية المرافقة لها إن وجدت.
تفتيش ومليشيات
أما ظاهرة التفتيش الشخصي وانتشار عشرات العناصر المسؤولين عنها والتابعين للمليشيات المقاتلة إلى جانب النظام، فقد باتت مصدر إزعاج للكثيرين من سكان دمشق. وأفادت شبكة “صوت العاصمة” الإخبارية أن هذه الظاهرة ازدادت بشكل كبير بعد المعارك المباغتة التي دارت بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة شرق المدينة، حيث انتشر عشرات الشبان والفتيات في أرجاء مختلفة منها بغرض تفتيش المارة بشكل دقيق.
وتقول “صوت العاصمة” إن هؤلاء العناصر يوجدون على الخصوص بمحيط المدينة القديمة، حيث يتمركزون انطلاقا من القصر العدلي وصولا لسوق الحميدية، وقرب ساحة الجامع الأموي، إضافة لمداخل الشوارع المؤدية لمقام السيدة رقية، بالإضافة لمنطقة ساروجة التي تقف على مداخلها دوريات مؤلفة من شاب وفتاة بغرض التفتيش.
الشبكة ذاتها رصدت انتشار دوريات على أبواب بعض المساجد أثناء صلاة الجمعة لتفتيش الداخلين والخارجين والتدقيق بهوياتهم “وهو إجراء غير روتيني في دمشق”.
سيدة أربعينية تدعى جمانة ترى في الإجراءات الأمنية المشددة بدمشق إرهابا لسكانها، وخاصة الإجراءات المتعلقة بالتفتيش الشخصي التي تهدف لفرض شعور دائم بالخوف والقلق داخلهم. وتشير جمانة في حديثها للجزيرة نت إلى تعرضها لتفتيش دقيق للغاية على مدخل القصر العدلي أثناء إنجازها لبعض المعاملات الرسمية هناك “وهو تفتيش يتم بطريقة وحركات مهينة في بعض الأحيان من قبل فتيات مجندات”.
ولا ترى جمانة أن هذه الإجراءات ستساهم في تحسين الوضع الأمني داخل المدينة، وتقول “رغم القبضة الأمنية شديدة الإحكام، لا يزال مقاتلو المعارضة قادرين على اختراقها في أوقات غير متوقعة، ما يعطي سكان دمشق إحساسا دائما بعدم الأمان”.