بحث
بحث

معركة دمشق: الروس يتدخلون.. ويحيّدون الإيرانيين


المدن – 

انسحبت فصائل المعارضة من جميع النقاط التي سيطرت عليها مؤخراً في محيط كراجات العباسيين ومحور شركة “كراش” على الطريق الدولي دمشق–حمص، في أحياء دمشق الشرقية، مساء الجمعة، بعد اقتحام قوات النظام للمنطقة بأكثر من 20 آلية مدرعة وكاسحة ألغام، وقصف عنيف بالمدفعية والطيران، ما مكّنها من الالتفاف في محيط مناطق تمركز الفصائل، واضطر المعارضة إلى الانسحاب، قبل الوقوع في الحصار.

مصدر عسكري في الغوطة الشرقية، أكد لـ”المدن”، أن “حركة أحرار الشام” كانت أول المنسحبين، مساء الخميس، بعد غارة روسية تسببت بخسارتها إحدى نقاطها الاستراتيجية المطلة على الأتستراد الدولي، تلاها انسحاب “فيلق الرحمن”، لتكون “هيئة تحرير الشام” آخر المنسحبين من المنطقة. المصدر أكد أن “العملية كان يجب أن تستمر، ولم تكن مجرد رسالة سياسية للخارج، لكن عدم مشاركة بعض الفصائل، وعدم دعمنا من جهة الاتستراد الدولي، والقصف المكثف الذي طال مناطق سيطرتنا حال دون إكمال المراحل الأخرى”.

وتستمر مليشيات النظام بإغلاق المناطق المحيطة بمنطقة الاشتباكات، واغلاق اتستراد العدوي، والطريق الواصل بين مساكن برزة وكراجات العباسيين، ومحيط ساحة العباسيين، وسط تخوف من هجوم مفاجئ للمعارضة على المنطقة بعد هدوء القصف، مع اتخاذ إجراءات احترازية وعدم إزالة المتاريس الاسمنتية التي تم رفعها على أطراف شارع فارس خوري. وذلك بالإضافة إلى التشديد الأمني والتفتيش الشخصي في بعض الشوارع، والانتشار المكثف لمليشيات موالية محلية وأجنبية شيعية، وتعزيز الحواجز في محيط دمشق القديمة وفروع الأجهزة الأمنية، ونشر حواجز جديدة ومضاعفة الحواجز غير الثابتة التي تتنقل بين الأحياء يومياً.

النظام أحرز نصراً إعلامياً “باهراً”، وظهر لمواليه وكأنه سيطر على كامل الغوطة الشرقية، فخرجت مسيرات موالية تقدمتها سيارات “همر” يملكها تاجر مُقرّب من النظام، جابت شوارع دمشق ورفعت أعلام روسيا و”حزب الله” وهتفت “للوطن والقائد”، رغم خسارة النظام الواضحة في تلك المعركة، حتى لو استعاد السيطرة على الأرض. فحالة الفوضى التي دخلت فيها العاصمة خلال الأسبوع الماضي، بيّنت هشاشة المليشيات الموالية التي تسيطر على دمشق، فضلاً عن الخسائر البشرية التي قدرت بمئات العناصر أغلبهم في الأيام الأربعة الأخيرة، ممن تمّ تجنيدهم في عمليات “التسوية” مع مناطق “المصالحات”. وفُقدت مجموعات كاملة من المليشيات الموالية، ولم يتضح مصيرها بعد.

مصدر مقرّب من النظام كان قال لـ”المدن” قبل أيام، إن “لا نية للروس بالتدخل في معركة دمشق نهائياً”، مع بداية المعارك في بساتين برزة. حينها حاولت روسيا إجراء “هدنة” مع مناطق المعارضة غربي حرستا، التي كانت على علاقة جيدة مع الروس، لكن قوات النظام لم تستجب للأمر وبدأت بالقصف والاقتحام المباشر، ما جعل الروس يكفّون يدهم عن تلك المناطق، ودعوا النظام بشكل واضح للاستعانة بالإيرانيين وسلاحهم.

المصدر ذاته، أكد أنه خلال الساعات الـ48 الأخيرة، تدخل الروس بطلب من النظام، بعد انهيار قواته على جبهة الكراجات، بشكل فعلي، وعدم القدرة على شنّ هجوم معاكس في المناطق التي سيطرت عليها المعارضة. فكان الردّ الروسي بالموافقة على التدخل، شرط إبعاد المليشيات الإيرانية والشيعية عن تلك المناطق، والاكتفاء بقوات النظام ممثلة بـ”الفرقة الرابعة” و”الحرس الجمهوري” العاملين في دمشق، بالإضافة إلى” الفيلق الخامس” بإدارته الروسية.

وبعد ساعات من اتخاذ القرار، أنشأت روسيا غرفة عمليات بقيادة ضباط روس، انتشرت قواتها في نقاط بساتين برزة ومحيط جوبر، مع انسحاب كامل لممثلي المليشيات العراقية من غرف العمليات، وبقاء قواتهم في نقاط خلفية عن خطوط التماس. واستقدمت غرفة العمليات الروسية آليات حديثة شاركت في اقتحام منطقة الكراجات، مساء الجمعة، مع عدم التحرك الفعلي على باقي الجبهات.

وأشار المصدر إلى أن الرسالة الروسية للنظام باتت واضحة في الفترة الأخيرة، فإبعاد المليشيات الشيعية عن أرض المعارك، أحد أهم أهداف الروس، مع تصعيد اللهجة الروسية مع كبار ضباط النظام الذين يريدون إقحام قادة عراقيين شيعة في غرف العمليات على الرغم من عدم سيطرتهم على المنطقة. كما حصل في منطقة الكراجات عند استدعاء مليشيا “أبو الفضل العباس” التي ظهرت تقاتل إلى جانب قوات النظام، وانتشار صور لزعيم مليشيا “ذو الفقار” أبو شهد الجبوري، في غرفة عمليات المعارك، الجمعة، وهو المعروف بارتكابه مجازر تطهير عرقي كان أبرزها مجزرة النبك.

القوات التي نشرها الروس على محور بساتين برزة، ستعجّلُ من السيطرة على المنطقة، خاصة مع التقدم الذي احرزته مليشيات النظام في الساعات الـ48 الماضية، فضلاً عن السيطرة على أحد الانفاق الواصلة بين أحياء دمشق الشرقية والغوطة، ونفق أخر يصل حي برزة بالغوطة.

ويبقى الوضع غير مفهوم في حي برزة؛ فالمنطقة التي تم تحييدها عن الاشتباك، يستمر النظام بإغلاق كافة منافذها إلى دمشق، منذ تفجير القصر العدلي قبل أسبوعين تقريباً. فضلاً عن فصل برزة عن منطقة البساتين، بشكل كامل، وعدم فتح ملف “المصالحة” من جديد رغم تحريكه من قبل فصائل الحي، وإرسال الوفود إلى النظام لإنهاء الموضوع. لكن، وعلى ما يبدو، فالروس ينتظرون إنهاء ملف القابون والبساتين، قبل أن يتوجهوا إلى أحياء برزة وجوبر، وفرض حل عسكري أو “مصالحة” فيها.

المصدر: اضغط هنا