صوت العاصمة – متابعات
أخطاء طبية عديدة تشهدها المشافي السورية، بعضها يمضي بصمت، وقصص أخرى تنتشر حين يصر ذوو المريض على معرفة ماجرى.
حسني الحسني، طفل في الخامسة عشر من عمره، دخل إلى المشفى يمشي على قدميه ويمازح والده، فخرج من المشفى جثة هامدة.
والد الطفل روى لقناة شامنا حكاية ابنه “دخل ابني لإجراء عملية انحراف وتيرة على يد الطبيب، عبد القادر ياسر قره بلا، في مشفى المهايني الحديث”.
وتابع ” بعد أن خضع لعميلة انحراف الوتيرة دخل في غيبوبة لمدة ستة أيام ليخرج من المشفى جثة هامدة”.
وأضاف :”توفي ولدي نتيجة إهمال الطبيب الجراح والكادر الطبي والقائمين على العملية”.
وقال الوالد المفجوع إن العملية استمرت أكثر من ساعة، حيث خرج الطبيب و “لم يكن طبيعياً ” .
وبعد خروج الطبيب من العملية أخبر الوالد أن كسوراً في الأنف هي التي أخرت العملية، مؤكداً أن الطفل بحالة طبيعية جداً وسيهدأ بعد نصف ساعة.
وأضاف الوالد أن الطبيب كان ينظر إلى الطفل وهو في حالة اختناق دون أن يحاول مساعدته أو انقاذه.
وفي الوقت الذي كان يعاني منه الطفل من الاختناق طلب الطبيب من الوالد أن يدفع له باقي الحساب وهو 55 ألف ليرة، فقبض المبلغ وذهب.
وتابع الحسني “بعد عشر دقائق توقف تنفس وقلب ولدي، وجحظت عيناه وانتفخت رقبته وتوقف عن النبض والحركة، وتم نقله للعناية المشددة، حيث دخل في غيبوبة”.
وأضاف الوالد أنه بعد ما يقارب الساعة في العناية حضر طبيب التخدير، عماد الدين الخطاب، الذي أوضح أن حالة الطفل سيئة جداً .
و بعد ساعتين حضر الطبيب الجراح، عبد القادر ياسر قره بلا، ولم يعطِ أي تفسير لما حصل، وأتى في اليوم الثاني 10 دقائق قبل أن يختفي .
وأحضر والد الطفل ما يقارب 10 أطباء من عدة اختصاصات منها عصبية وأنفية، من خارج المشفى والذين أكدوا أن حالته سيئة جداً.
وتابع الوالد حديثه بحزنٍ شديد: “في اليوم الخامس توقف قلب ولدي مرتين، وازدادت حالته سوءاً، وطالبت بإحضار الطبيب الجراح، الذي أرسل والده نيابة عنه ولم يحضر”.
وأضاف :”حضر طبيب التخدير الذي أخبرني ما حدث، وأنه عند الكشف عن أنف الولد في غرفة العناية لم يكن موجوداً سوى صفيحة واحدة”.
وتابع ” أخبرني الطبيب أيضاً أنه تم إخفاء الصفيحة الثانية التي لم تكن مثبتة عند وضع المنفسة، والذي تبين أنها تسببت بسد مجرى التنفس”.
وبعد 6 أيام من الغيبوبة تبيّن أن سبب الوفاة كان عدم تثبيت صفائح العملية التي وضعت في أنف المريض ما أدى إلى اختناقه وموته فجر اليوم السادس.
وقدم الوالد معروضاً للتحقيق في ما حصل مديناً فيه طاقم المشفى وطبيب التخدير والجراح، مطالباً بمعرفة من المسؤول عن اخفاء الصفيحة الثانية.
يشار إلى أن الصفائح يجب أن تثبت بقطب ومصنوعة من البلاستيك وحجمها بين 7 حتى 10 سم. إلا أنه وعلى خلاف ذلك، فقد تبين خلال التشريح أن الصفيحة الموضوعة عبارة عن رقاقة سلفان غير مثبتة.
وقال والد الطفل:” تقدمنا بشكوى للشرطة، والقاضي تمام داوود كان مشرفاً على عملية التشريح مع الأطباء خطوة بخطوة “.
واتصل الطبيب الشرعي في مشفى المجتهد بالطبيب الجراح الذي أجرى العملية، والذي أصر أن “العملية ناجحة”.
وعندما سأله الطبيب الشرعي عن سبب عدم مراقبته خلال مروره بحالة اختناق، رمى الجراح المسؤولية على طبيب التخدير.
ورأى الطبيب الشرعي أن “الطبيبين تسببا بوفاة ابني لأنهما يلقيان اللوم على بعضهما” وأدان التقرير الصادر من الطبيب الشرعي الطبيب الجراح.
الطبيب الجراح عبد القادر ياسر قره بلا الذي تسبب بوفاة الطفل هرب إلى لبنان، حسبما علمت قناة شامنا.
وبعد أن تناقلت عدة صفحات حكاية الخطأ الطبي الذي أودى بحياة الطفل، نشر الطبيب الجراح تبريراً للحادثة عبر حسابه على موقع “فايسبوك”.
ورمى الطبيب بالمسؤولية على طبيب التخدير، وحمله مسؤولية “جرعة تخدير زائدة”، علماً أن تقرير الطبيب الشرعي يحمل الجراح المسؤولية.
وبرر الطبيب سبب خروجه إلى لبنان بأنه يعود “إلى أسباب خاصة وليس هروباً من المسؤولية”، وتابع “الله على ما أقول شهيد”.
وزارت قناة شامنا مشفى المهايني باعتباره طرفاً في قضية موت الطفل، إلا أن مدير المشفى معاذ مهايني تهرب من جميع الزيارات، ولم يجب على أي سؤال.
بدوره نفى المدير المالي للمشفى شادي شيبان أن يكون الجراح متعاقدا مع المشفى، معتبراً أن الجراح يتحمل كامل المسؤولية، وأن المشفى بريء منها.
كذلك، رأى المدير المالي أن المشفى لم يقصر حتى على الصعيد الانساني “لم نتقاضى منهم أجرة غرفة العناية لستة ايام والتي تصل إلى نحو 600 ألف”!.
يشار إلى أن الطفل لم يكن ليدخل غرفة العناية أو يفارق الحياة أصلاً لولا الخطأ الطبي القاتل.
وعلمت قناة شامنا أن والد الطبيب الجراح زار منزل والد الطفل بصحبة محامي في محاولة لدفع مبلغ مالي و “للفة الموضوع”، إلا أن الأهل رفضوا “المساومة بدوره، نفى طبيب التخدير الذي يعد شاهداً في القضية وقوع أي خطأ من المشفى، إلا أنه أبدى رغبته بالتفاوض مع الأهل ودفع مبلغ من المال كتعويض !.
من جهته ، رأى المحامي سيمون بدين أن دعاوى أخطاء الأطباء عادة لا تنجح لعدم وجود قانون قضائي صارم يدين الطبيب.
وتابع المحامي ” لا يوجد هيئات تعاقب الطبيب، إضافة إلى أن أغلب الأطباء لا يتكلمون الحقيقة أثناء تشكيل اللجنة”.
وأضاف ” يتم تشكيل لجنة طبية للاطلاع على قضية، وغالباً هؤلاء الأطباء لا يدينون الطبيب لتخوفهم من وقوعهم بخطأ طبي مماثل”.
وأما بالنسبة للحالة الخاصة بالشاب حسني أكّد المحامي أنه “لا يجوز طبياً القيام بعملية الجيوب لطفل لم يتجاوز الثامنة عشر”، و اشار إلى أن “هروب الطبيب الجراح إثبات قريني على ارتكابه الخطأ”.
حكاية الطفل حسني لم تنته بعد، وهي حكاية تشابه عشرات الحكايات الأخرى التي تقع بعيداً عن الأضواء، فهل ينصف الأهل المكلومون هذه المرة؟!!.