بحث
بحث
فقدان الأدوية الأساسية من الأسواق، ووزارة الصحة تتنصل من مسؤوليتها

فقدان الأدوية الأساسية من الأسواق، ووزارة الصحة تتنصل من مسؤوليتها

اختفت الكثير من أصناف الأدوية من الصيدليات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام خلال الفترة الماضية، تزامناً مع ارتفاع “غير مبرر” للأنواع الموجودة.

وقال مراسل “صوت العاصمة” إن السوق يفتقد للكثير من أصناف الأدوية، في مقدمتها أدوية القلب والضغط والسكري، ولأدوية أمراض الكلى والكبد والأمراض العظمية المزمنة، إضافة لخافضات الحرارة، وخاصة تلك التي تُعطى للأطفال.

ونقل مراسلنا عن عدد من الصيادلة قولهم إن الوضع أصبح “غير مقبول”، حيث القوا باللوم على وزارة الصحة التي ” ترفض التسعير حسب الوضع الراهن، وتحدد الأرباح للمعامل والصيادلة بنسب لا تتجاوز 20%، وهذا لا يناسب أصحاب المعامل والصيادلة”.

وأشار أحد الصيادلة إلى أن هناك فجوة بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة بما يخص التسعير الصحيح للأدوية، كنسبة ربح وتسعير يتناسب مع المصاريف، إلى جانب مشاكل أخرى بين الوزارة وبين معامل الأدوية، تتمثل بارتفاع تكاليف الإنتاج، وتوقف استيراد المواد الأولية.

وحسب أحد الصيادلة فإن ادوية القلب مفقودة من الأسواق منذ 3 أسابيع، مشيراً إلى أنه التقى بحالات دخلت لقسم العناية المشددة بسبب عدم وجود دواء لحالاتهم المزمنة.

من جانبه قال صاحب أحد معامل الأدوية في ريف دمشق إن ارتفاع تكاليف الإنتاج باتت “لا توصف”، مشيراً إلى أن البنك المركزي لم يعد يدعم المواد الأولية لتصنيع الدواء بسعر الصرف الذي كان 437 ليرة، والذي ارتفع إلى الـ ٧٠٠ ليرة بعد ضغوطات من قبل وزير الصحة، وهو ما تسبب في إغلاق الكثير من المعامل، وإيقاف خط انتاجها.

ونوه إلى أن الكثير من أنواع الأدوية وصل فيها حد الخسارة، إذا ما تم بيعها في السعر المحدد من قبل وزارة الصحة، إلى 60%، وهي نسبة كبيرة ستتسبب، إذا ما استمر التصنيع، بفقدان المعمل لرأس المال الكامل بعد مدة.

وأضاف أن العبوات والمواد البلاستيكية وقطع غيار الآلات المصنعة، والكثير من الأمور الأخرى، يتم يُدفع ثمنها بسعر صرف السوق السوداء البالغ حوالي 1900 ليرة للدولار الواحد، الأمر الذي شكل عبئاَ كبيراَ على انتاج الدواء، محملاً المسؤولية لوزارة الصحة التي تعمل مع لجانها على مبدأ “الكيديات”، حسب وصفه.

وذكر صاحب المعمل أنه وفي إحدى المناقصات، انكفئت الكثير من المعامل عن المشاركة، نتيجة لانخفاض السعر، وعدم وجود أي أرباح، الأمر الذي أغضب وزارة الصحة، ومُنعت على أثره هذه المعامل من تصدير الأدوية للخارج، وهددتهم بإيقاف دعم المصرف المركزي لهم فيما يخص شراء المواد الأولية.

شاب ثلاثيني يدعى “مازن”، قال في تصريح لـ “صوت العاصمة” إنه يعاني من تأمين الدواء لوالدته التي تعاني من أمراض مزمنة، كالضغط والسكري، لعدم توفره، ما يضطره لشرائه من السوق السوداء بما يعادل 18 ضعف عن سعر الأصلي، مشيراً إلى أن الدواء الأجنبي مفقود، بسبب إغلاق الحدود وتوقف التهريب.

وأضاف “مازن” الذي يقطن في العاصمة دمشق، أنه بقي ٥ أيام يبحث عن الدواء، سأل خلالها أكثر من ٣٠ صيدلية، تزامناً مع تفاقم حالة والدته، إلا أن وجده في السوق السوداء، قائلاً: “لولا لطف الله لدخلت والدتي إلى المشفى، ولا يخفى على أحد وضع المشافي في البلد”.

ويرى خبراء اقتصاديون إن هناك عدة حلول لتجاوز الأرمة، أولها رفع سعر الدواء بنسبة مقبولة على أساس التكاليف، او فتح المجال لتصدير جزء من انتاج المعامل للأدوية المتوفرة لدول الجوار، او البحث عن إمكانية لرفع سعر الصرف، ليوازي او يقارب سعر السوق السوداء، معتبرين أن سعر 700 ليرة التي يطرحها المركزي، لا تفي بالغرض، وحتى الإجراءات المتبعة للحصول على دولار المركزي روتينية وطويلة المدة.

ويؤكد الخبراء أن مستوري المواد يدفعون عمولات كبيرة عند تحويل الأموال إلى المعامل الصينية أو شركات المواد الأولية، وذلك نتيجة عدم القدرة على تحويل الأموال عن طريق البنوك، بسبب العقوبات المفروضة على المصرف المركزي.  

وحسب مراسلنا، خاطب كل من نقابة الصيادلة وأصحاب المعامل وزارة الصحة، في محاولة لإيجاد حلول جذرية، لكن الوزارة تجاهلت الجميع، واكتفت ببيان مقتضب نشرته عبر موقعها، أشارت خلاله إلى العقوبات والمؤامرة والعدوان والحصار الذي تتعرض له سوريا، وشددت خلالها على ضرورة التعاون بين جميع الوزارات والنقابات، وبمساعدة المواطنين، لإيجاد الحلول، والانتصار على العدوان.

وبينت الوزارة في بيانها أن حكومة النظام السوري اتخذت حزمة من الإجراءات لدعم الصناعة الدوائية، منها إلغاء مؤونة الاستيراد البالغة 40% من قيمة المستوردات، واحتساب الرسوم الجمركية لمواد ومستلزمات الصناعة الدوائية على أساس سعر الصرف الرسمي 438 ليرة للدولار، وتخفيض عمولات تحويل قيمة المستوردات بالقطع الأجنبي بنسبة 5%، ما يعطي الصناعيين مزايا سعرية تنافسية ناتجة عن انخفاض التكاليف، مع استمرار وزارة الصحة بالسماح للمعامل بتصدير أدويتها بعد تحقيق الاكتفاء في السوق المحلية.

المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير