بحث
بحث
صوت العاصمة - خاص

فشل السياسات الحكومية يدفع بفئة الشباب للهجرة من سوريا

سوري واحد من بين كل ثلاثة لاجئين مجنسين في ألمانيا خلال العام 2022

دفعت السياسات الحكومية في سوريا والأوضاع الأمنية والاقتصادية بفئة الشباب للهجرة من البلاد لتصبح واحدة من الدول التي يغلب على طابع مواطنيها فئة العجزة.

في المقابل أسهم الشباب السوري برفد الاقتصاد والصناعة في دول عربية كمنطقة الخليج ومصر ولبنان والأردن وعموم الدول الأوروبية التي وصلها اللاجئين والمهاجرين السوريين بحسب جريدة البعث الحكومية.

وشكل السوريون نسبة 29% من اللاجئين المجنسين في ألمانيا وحدها بعدد تجاوز 48 ألف سوري في العام 2022 وفقاً للمكتب الاتحادي للإحصاء.

وأشار رئيس الجامعة الافتراضية السورية خليل عجمي أنّ غالبية المجنسين في ألمانيا هم من أصحاب الخبرات والكفاءات والمهارات الذين تعلموا وتدربوا في سورية بكلف عالية تحملتها الدولة وحصلت عليهم اليوم ألمانيا مجاناً لافتاً إلى أن تصدير الكفاءات والقوة البشرية هو أسوأ أنواع التصدير كونه يحوّل سورية إلى بلد ذات اقتصاد ضعيف قائم على المعونات الخارجية حتى ولو كانت من أبنائها.

ولفت عجمي إلى أن السياسات الحكومية في ظل الحرب في سوريا أدت لخسارة فئة الشباب في الوقت الحاضر مضيفاً أنّ استمرار السياسات على هذا النحو ستؤدي لخسارة المستقبل.

واعتبرت الدكتورة نسرين موشلي أن سوء التخطيط في إدارة الموارد البشرية هو السبب الأول في دفع الكوادر والكفاءات الشاب والخبيرة للهجرة مؤكدة أنه “لو كان عندنا تخطيط صحيح واستراتيجية وطنية لتشغيل الشباب ما وصلت معاناة مؤسساتنا إلى هذا الحد المخيف من هجرة الكوادر”.

وأصدرت جامعة الدول العربية دراسة في العام 2010 أظهرت نتائجها أن سورية سابع دولة عربية من حيث هجرة الكفاءات، لكن ماذا عن ترتيبها اليوم بعد 12 عاماً من الحرب؟

ويفتقر موضوع هجرة الشباب للأرقام والإحصائيات التي تتناول موضوع هجرة الكفاءات في سورية وخاصة خلال السنوات العشر الأخيرة لكن وبحسب إحصائية نشرتها صحيفة الأيام السورية عام 2020 فقد بلغ عدد أساتذة الجامعات الذي غادروا البلد بين عامي 2011 و2020 أكثر من 1220 أستاذاً من مختلف الكليات الجامعية يضاف لهم نحو 150 أستاذاً من حملة درجة الدكتوراه الذي يعملون في مؤسسات مختلفة فيما يقدّر عدد المهندسين بـ8521 مهندساً باختصاصات متنوعة وتشير الإحصاءات إلى أن هناك أكثر من 21480 من حملة الإجازة الجامعية هاجروا أيضاً وهو الرقم الأكبر في عدد الكفاءات المهاجرة فيما قدرت بعض الإحصائيات عدد من غادر سورية بنحو 17 ألف طبيب.

وتكمن خطورة هجرة الكفاءات السورية في أنها لم تتوقف عند حدود الشباب الخريجين في الجامعة بل لم يسلم منها الحرفيين أيضاً وتشير الأرقام إلى أن سورية فقدت نحو 80% من حرفها اليدوية.

ووصف عدد من الخريجين الجامعيين ظاهرة هجرة الكفاءات بالمأساة أو الكارثة ومنهم من وصفها بالجائحة في هذا البلد المنكوب وأعربوا عن حزنهم الشديد على خروج الكثير من الشباب المقتدر من ذوي الاختصاصات العليا في الطب والهندسات والصيدلة التي يحتاجها البلد في مرحلة إعادة الاعمار التي طال انتظارها.

وقال آخرون إنّ “هجرة الكفاءات هي أسوأ ما يحصل اليوم من تداعيات الحرب على سورية، فبعد أن رعتهم الدولة وحمَّلتهم شهادات هاجروا ليخدموا بها بلاداً كانت ولا تزال عدواً يتآمر علينا”.

وبلغ عدد الأطباء السوريين المجنسين في العديد من البلدان حول العالم 13 ألف طبيب الأمر الذي سبب وفقاً للصحيفة فقراً في الأطباء الاختصاصيين وخاصة أطباء التخدير الذي لا يتجاوز عددهم اليوم 500 طبيب.

وبحسب باحث في الاقتصاد والتخطيط فإن مشكلة هجرة الكفاءات لن توقف في سورية طالما العقلية التي تتعامل مع الخريجين في الجامعة وخاصة المتفوقين منهم تنظر إليهم كعبء اقتصادي ولا يجوز مطالبتها باستثمارهم.

وتشير الأرقام إلى أن هناك نسبة كبيرة من الطلبة يتسربون من الجامعات والمدارس ويهاجرون في عملية خلاص فردي بعد شعورهم بأن الجهات الحكومية لن تقدر كفاءاتهم وخبراتهم بعد التخرج وسينتظرون كغيرهم سنوات طويلة على قارعة طريق البطالة علماً أن الوظيفة في مؤسسات الدولة وحتى في القطاع الخاص لم تعد مغرية للشباب نتيجة ضعف الرواتب التي لا توازي غلاء الأسعار المتصاعد الذي أفقد الليرة الكثير من قوتها الشرائية.

ونوّهت الصحيفة إلى أن سوريا تحولت إلى دولة عجوز بعد أن كانت نسبة الشباب فيها تتجاوز 60% مطالبة الحكومة بأن يكون ملف الشباب من ضمن أولويتها بعيداً عن الوعود والشعارات التي وصفتها بـ”الخلبية”.

وأوضحت أنّ بداية الاهتمام بهذا الملف تكون من دراسة أسباب الهجرة والعمل على إنهاء وجودها وفق خطط تضمن للكفاءات السورية حصولها على فرص عمل كريمة تنعكس تداعياتها على الحال الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع والفرد على حد سواء.

وبرر نقيب الأطباء السوريين غسان فندي النقص في أعداد الأطباء عامة وأطباء التخدير على وجه الخصوص بأنها قليلة في دول العالم وليس فقط في سورية لافتاً إلى أن النقص حتى الآن مغطى وفي حال لم تكن هناك حلول مستقبلية لمشاكل أطباء التخدير ستكون هناك مشكلة في المستقبل في هذا الاختصاص.