بحث
بحث
انترنت

تقليص القوات الروسية في سوريا تغير الحسابات لصالح إسرائيل

انسحاب القوات الروسية أو نقلها إلى أوكرانيا سيسهّل حرية العمل لإسرائيل ضد عمليات تهريب السلاح الإيراني إلى سوريا

تجري القوات الروسية عمليات تقليص لتواجدها في سوريا لحساب الجبهة الأوكرانية بحسب ما أكد مسؤولين كبار في الشرق الأوسط لصحيفة نيويورك تايمز مما قد يغير الحسابات الإسرائيلية في الميدان السوري ويجعل مهمتها أكثر سهولة باتجاه ضرب القواعد الإيرانية.

وبحسب الصحيفة ،لا يقتصر “التقليص” التدريجي والمتواتر على قوات الأرض والقادة فحسب، بل يشمل منظومات الدفاع الجوي، ما يطرح تساؤلات عن الأثر الذي قد يفرضه على الساحتين، كونه “إجباريا” لا “كيفيا”، وعن الحدود والحسابات التي قد تنعكس على باقي اللاعبين في المحيط، في مقدمتهم إسرائيل.

ووفق تقرير الصحيفة الأميركية، فقد أعادت روسيا مؤخرا نشر عتاد وقوات عسكرية مهمة من سوريا، ولا تزال روسيا التي كانت قوة عسكرية مهيمنة في سوريا منذ عام 2015 وتساعد في الحفاظ على قبضة النظام السوري على السلطة، تحتفظ بوجود كبير هناك. لكن التغيير قد ينذر بتحولات أوسع في ميزان القوى، في واحدة من أكثر مناطق الصراع تعقيدا في العالم.

سحب بطاريات “إس 300 “
وأضاف التقرير، سيسمح التغيير في ميزان القوى لإسرائيل، بإعادة التفكير في نهجها تجاه كل من سوريا وأوكرانيا، حسب قول أحد المسؤولين لـ”نيويورك تايمز”. ويرتبط ذلك بأن سحب العتاد شمل بطاريات الدفاع الجوي “إس 300”.

وهذه ليست المرة الأولى التي تكشف فيها تقارير صحفية عن “عمليات تقليص تجريها القوات الروسية في سوريا لحساب الجبهة الأوكرانية”، إذ سبق وأن تطرقت صحيفة روسية وشركة استخبارات إسرائيلية عن ذلك، وفي وقتين مختلفين.

الفراغ الروسي تملأه الميليشيا الإيرانية
وفي شهر أيار الماضي، وكأول تقرير، قالت صحيفة “موسكو تايمز” إن “روسيا نقلت العديد من الوحدات العسكرية من قواعد في جميع أنحاء سوريا إلى 3 مطارات متوسطية، حيث تم نقلها إلى أوكرانيا”، وأن “الفراغ ملأه الحرس الثوري الإيراني، وكذلك جماعات حزب الله اللبناني”.

وأثارت شركة استخبارات فضائية إسرائيلية في شهر أب، علامات استفهام، بعدما نشرت صور أقمار اصطناعية، قالت إنها تظهر إقدام موسكو على تفكيك ونقل منظومة الـ”إس-300″ من سوريا إلى أراضيها، وسط غزوها المستمر في أوكرانيا.

نقل قادة من سوريا لأوكرانيا
وظهر لافتا بحسب الصحيفة، بأنه إلى جانب عمليات نقل العتاد، اتجاه بوتين لتعيين قادة عمليات في أوكرانيا، سبق وأن استلموا دفة الحرب في سوريا، آخرهم الجنرال الجديد، سيرغي سوروفيكين، وقبله “جزار حلب” (ألكسندر دفورنيكوف)، والكثير من قادة العمليات الآخرين.

ويوضح كير جايلز، كبير الزملاء الاستشاريين في برنامج روسيا وأوراسيا في “تشاتام هاوس” ومؤلف كتاب “قواعد موسكو” أنه ومنذ عدة أشهر وحتى الآن كانت روسيا “تستغل أي مصدر من مصادر القوة البشرية في وسعها، للحفاظ على قواتها في أوكرانيا”.

ويقول جايلز لموقع “الحرة”: “تعاني روسيا من نقص خاص في قواتها الأكثر خبرة، والتي تم سحقها في المراحل الأولى من الصراع”.

وبالإضافة إلى “التعبئة الجزئية” التي أعلنها الرئيس بوتين، فليس من المستغرب أن يتطلعوا (الروس) إلى مسارح مثل سوريا، “بحثا عن أي مصدر متبقٍ لأفراد أكثر تدريبا وخبرة”، وفق الخبير الأمني.

ويرجح الخبير الأمني أن “تعطي روسيا الأولوية للعمليات القتالية الجارية في أوكرانيا، مقابل استمرار وجودها الأمني في سوريا”.

عدد القوات المسحوبة
وتشير تقديرات المسؤولين الذين تحدثوا لـ”نيويورك تايمز” متباينة حول عدد القوات الروسية التي تم سحبها من سوريا، وبينما قال اثنان إن كتيبتين، أو ما بين 1200 و1600 جندي، تحدث آخرون عن “رقم أكبر بكثير”.

وقال مسؤول إسرائيلي إنه تم إعادة انتشار العديد من القادة الروس من سوريا إلى أوكرانيا، فيما أصبحت القيادة العسكرية الروسية في موسكو أقل مشاركة في الإدارة اليومية للعمليات في سوريا، بما في ذلك التنسيق العسكري مع إسرائيل.

ويرى الخبير الأمني، كير جايلز أن نقل العتاد الروسي من سوريا إلى أوكرانيا “سيكون له تأثير حتمي على أهداف موسكو في الحفاظ على درجة من السيطرة على توازن القوى في سوريا. رغم أنها أقل بكثير مما كانت عليه عندما كانت الأنشطة القتالية في أوجها”.

الانسحاب الروسي سيسهل مهمات إسرائيل
و يرى المحلل السياسي الإسرائيلي، يوني بن مناحيم أن “انسحاب القوات الروسية أو نقلها إلى أوكرانيا لن يغير من عمليات تهريب السلاح الإيراني إلى سوريا”، اعتبر أن ذلك “سيسهّل حرية العمل لإسرائيل”.

ويوضح بن مناحيم لموقع “الحرة”: “سلاح الجو الإسرائيلي ستكون مهمته سهلة في ضرب هذه الأسلحة وهذه المستودعات على الأراضي السورية، لأن انعدام قوة الدفاع الجوي الروسية عامل مساعد”.

بدوره يتوقع الخبير الأمني كير جايلز أن “روسيا ستردد بالطبع في تقليص طموحها في إبراز قوتها بعيدا عن حدودها، وسيكون الانسحاب من سوريا كليا انعكاسا جوهريا لا يمكن إنكاره”.

ومع ذلك، يقول جايلز: “نظرا لأن القوات المسلحة الروسية تتعرض لضغوط متزايدة في أوكرانيا، فسيتعين عليها إعطاء الأولوية – وتعتبر روسيا أن أوكرانيا تمثل مصلحة حيوية أكثر بكثير من وجودها في الشرق الأوسط وكلما استمرت الحرب الروسية على أوكرانيا، زاد الضغط على قادة القوات المسلحة الروسية للعثور على احتياطيات جديدة من المعدات الحديثة والأفراد المدربين”.

ويضيف الخبير الأمني: “لن تكون جميع الجهود الحالية لدمج القوى العاملة غير المدربة في القوات المسلحة بديلا عن الكفاءة والتكافؤ التكنولوجي. لذلك من المحتمل أن تواجه روسيا في مرحلة ما خيار تقليص وجودها في سوريا تماما”.

وزاد: “كما هو الحال دائما، يجب ألا نخلط بين التصريحات الروسية حول ما فعلته والواقع، ويجب دائما قياس موقف روسيا من خلال الحقائق الفعلية على الأرض بدلا مما تعلنه موسكو”.

وكشفت صحيفة الشرق الأوسط في تقرير لها، أن الحرب في أوكرانيا فاقمت الخلافات الروسية الإسرائيلية في سوريا بعد التصعيد الكلامي بين موسكو وتل أبيب مع بروز دعوات في إسرائيل إلى تعزيز تسليح أوكرانيا في مواجهة انخراط السلاح الإيراني في الحرب وتقارير عن استعداد طهران لتزويد موسكو بقدرات صاروخية متعددة الأغراض.