بحث
بحث
مصرف سوريا المركزي - صوت العاصمة

التضخم الاقتصادي في سوريا يلتهم أموال ومدخرات السوريين

أدى ارتفاع معدلات التضخم الاقتصادي في سوريا إلى خسارة السوريين لأموالهم ومدخراتهم خصيصاً تلك المودعة في المصارف بالليرة السورية والتي انخفضت قيمتها منذ العام 2011 حتى اليوم بنحو 280 ضعفاً مقابل العملات الأجنبية.

وقالت الخمسينية وداد عزالدين إنها وضعت مبلغ 300 ألف ليرة لوالدتها  في فرع لمصرف التوفير عندما كان سعر الدولار أقل من ألف ليرة لتؤمن مبلغاً لوالدتها تجده عند الحاجة، ولكن بعد سنوات اكتشفت هي ووالدتها أنهما خسرتاه، وفقاً لموقع نورث برس المحلي.

وتحدث سوريون بندم وخيبة عما حصل معهم، عندما لبوا نداءات للعمل على دعم الليرة ووضعوا مدخراتهم في البنوك حتى إن بعضهم ذهب إلى بيع مقتنياته من الذهب ليضع قيمتها في البنوك ومع مرور السنوات وزيادة معدلات التضخم اكتشفوا أن المبالغ التي تم وضعها لتحسين قيمة الليرة خسروها بكل معنى الكلمة، ولم تتحسن قيمة الليرة، إنما ظلت في تراجع مستمر.

سياسات خاطئة
وقدّر اقتصاديون قيمة التضخم في سوريا منذ بداية الحرب وحتى العام الجاري بما لا يقل عن 16000% وهذا يعني أن الأسعار زادت بنسبة وصلت إلى161%، وهذا ما عزاه اقتصاديون إلى السياسية والقرارات الاقتصادية الخاطئة.

وذهب بعضهم إلى تحميل مسؤولية التدهور للحكومة واللجنة الاقتصادية التي ساهمت قراراتها في تدهور قيمة الليرة وزيادة التضخم ورفع الأسعار وأن من بين هذه القرارات موضوع منصة تمويل المستوردات وإصدار قوائم الحد من الاستيراد وترشيده لينشط التهريب بديلاً عنها وهذا عمق المشاكل الاقتصادية وأضعف قيمة الليرة السورية وسبب التضخم.

واسترشد اقتصاديون بتصريح لوزير الاقتصاد سامر الخليل أعلن فيه عبر وسيلة إعلام محلية أن السياسات القديمة المتبعة عمقت المشاكل الاقتصادية، وباتت بحاجة إلى مراجعة.

وأخرجت الحكومة نحو 700 ألف أسرة خارج مظلة الدعم مما تسبب بزيادة الضغط على الناس وزيادة الأسعار، ولم يتعالج التضخم كما كانوا يروجون له.

عبء حقيقي
وحوّل التضخم الأموال في سوريا إلى عبء حقيقي بأن هذا فرض على كل أصحاب الفعاليات الاقتصادية أن يعملوا على التصرف بدخولهم في نهاية كل يوم والبحث عن الدولار أو الذهب لقلب الليرة إلى وسائل ادخار أكثر أماناً، أو السعي الحثيث لشراء بضاعة في نهاية اليوم، لكي لا تفقد نسبة من قيمتها في اليوم التالي.

وأكد بعض التجار والمدخرين أنّ كل قطعة تم بيعها سيعاودون شرائها بأسعار أعلى، ووصفوا التضخم بأنه أعمق مشكلة اقتصادية تعاني منها سوريا.

 وذكر باحث اقتصادي أن أسباب التضخم كثيرة ولكن ليست كما يحاول المسؤولون في الحكومة الترويج لها، إذ يلاحظ أن ارتفاع تكاليف الإنتاج داخلياً سبب من أسباب التضخم وتقع مسؤوليته على الحكومات ويجب عليها العمل لعلاجه وهذا أدى إلى زيادة الكتلة النقدية دون زيادة الكتل السلعية، نتيجة قلة الإنتاج من جهة وتراجع القدرة الشرائية من جهة ثانية.

وبين أن تراجع الإنتاج زاد من الحاجة للاستيراد ما أسهم أيضاً في زيادة التضخم بسبب ارتفاع الأسعار العالمي، والحاجة إلى دولار لشراء هذه المواد، حيث يتم شراؤه من السوق السوداء، وهذا يزيد من ارتفاع سعر الصرف، ويزيد التضخم أيضاَ.

ضرائب واحتكار
كما أن سعي الحكومة إلى تحسين مواردها عن طريق زيادة الضرائب على أصحاب الفعاليات الاقتصادية، ساهم في زيادة التكلفة، وكذلك الأسعار لأنه بالمحصلة النهائية سيتحملها المستهلك.

ومن العوامل الداخلية التي تساهم في زيادة نسبة التضخم ويمكن علاجها أيضاً هو موضوع الاحتكار وعدم المنافسة وتعزيز “الشللية”، وبين الاقتصادي، أن عدم معالجة موضوع الاحتكار مكن القائمين عليه من فرض الأسعار التي يريدونها، وهنالك عشرات الأمثلة على ذلك من استيراد السكر إلى الأعلاف.

وأضاف أن هذا لا ينفي التأثيرات الخارجية لأسباب التضخم كالحرب وسرقة موارد الدولة من خلال الاحتلالات المتواجدة في البلاد إضافة إلى الكوارث الطبيعية مثل الزلزال والأعاصير التي حصلت  وتسببت في نقص السلع وزيادة الطلب عليها وبالتالي زيادة أسعارها وزيادة المعروض من العملة في الأسواق.

واعتبر الباحث أنّ كافة الظروف الاقتصادية السابقة أوصلت التضخم إلى حالة خطيرة يمكن وصفها بـ”التضخم الجامح”.

ودفع التضخم الاقتصادي في سوريا بالعديد من العمال والموظفين لزيادة ساعات عملهم والبحث عن أعمال إضافية تساعدهم في تحقيق مردود مالي يكفي لسد احتياجاتهم الأساسية وسط ارتفاع الأسعار لمستويات غير مسبوقة وتدني الرواتب.