استحوذ النظام السوري مؤخراً على كثير من المنازل في قرية العبادة بغوطة دمشق الشرقية، تعود ملكيتها لعائلات هُجّرت قسراً إلى الشمال السوري.
وقال موقع “سيريا ريبورت” نقلاً عن مصدر أهلي إن اختيار المنازل لم يكن “عبثياً”، إذ شكلّ المجلس البلدي في العبّادة لجنة لتقسيم المنازل وفقاً لخلفية أصحابها السياسية، وعلى هذا الأساس، رُقمت المنازل التي غاب أصحابها الأصليون، باستخدام لونين في طلاء الأرقام.
واعتمد النظام على اللون الأزرق لترقيم المنازل التي هُجر أصحابها إلى الشمال السوري وتركيا وللمنشقين عن الجيش والشرطة والوظائف الحكومية، في حين رُقمت المنازل التي لجأ أصحابها إلى لبنان والأردن، ومن غير الملاحقين أمنياً باللون الأحمر.
وبموجب نتائج عمل هذه اللجنة، وانصياعاً لتوجيهات أمنية، حذّر مسؤولو البلدية وفرقة حزب البعث في البلدة، قاطني البيوت المرقمة بالأزرق من أقارب المُهجّرين أو المستأجرين، وطلبوا منهم مغادرتها، ليتم اتخاذ بعضها كمساكن لعائلات الضباط، وأخرى حُولت لمقار عسكرية، وفلل للاصطياف، ومقار لدوائر رسمية، حسب المصدر.
وعاد إلى العبادة حوالي 250 عائلة من أصل 8 آلاف شخص قبل العام 2011، حيث هُجرت 1450 عائلة إلى الشمال السوري، في حين أن 300 عائلة وجدت طريقها إلى خارج سوريا.
وفي مطلع عام 2019، قالت بلدية العبادة أنها ستطبّق القانون رقم 10 لعام 2018، لغرض إزالة التعديات على الشوارع، ضمن المخطط التنظيمي القديم للبلدة، المُجمّد منذ أكثر من 40 عاماً، ولم توضح البلدية كيفية تطبيق القانون 10\2018 على المخطط القديم الذي لم يتم تطبيقه ولا تعديله خلال السنوات الـ 40 الماضية.
وشقت البلدية عدة شوارع في القرية، بموجب المخطط القديم، ما أدى للإزالة الكلية، أو الإضرار جزئياً، بأكثر من 200 منزل، دون مراعاة 40 سنة من التغيرات فيها، ومن دون ملاحظة واقع الحرب والتهجير.
وسيطر النظام السوري على قرية العبادة في تموز 2013، ولم يسمح للأهالي بالعودة إلى منازلهم حتى منتصف عام 2018، أي بعد شهور من سيطرتها الكاملة على الغوطة الشرقية.
وبعد عودة بعض الأهالي إلى العبادة، وجدوا جميع منازلهم وممتلكات المؤسسات الحكومية والخدمية في البلدة “مُعفّشة بالكامل”، إلى درجة أن من عاد من الأهالي اضطر لوضع القماش والبلاستيك، بدلاً من الأبواب والنوافذ.
وحسب موقع “سيريا ريبورت” فإن من اضطر للعودة إلى العبادة يعيش حالياً في ظروف “تشبه الحياة في قرية من القرن التاسع عشر، فلا كهرباء في البلدة، ولا شبكات مياه أو صرف صحي”.
وسبق كل ذلك تجريف قوات النظام في العام 2013، لكامل البيوت الواقعة في تل غريفة المرتفع نسبياً في البلدة، إضافة إلى “تفجير منازل تعود لشخصيات معارضة بارزة، كإجراءات انتقامية، وأحرقت مئات المنازل”.
ورغم صغر حجم البلدة إلا أنه يوجد فيها خمسة حواجز رئيسية، ومقرات عسكرية، وتحيط بها ثكنات عسكرية.
ويعاني سكان البلدة من “تشديد أمني كبير” على سكانها، لمنعهم حتى من التواصل مع أقاربهم المهجرين إلى الشمال السوري، حيث ما زال مئات المقاتلين من أبناء البلدة منضوين في صفوف المعارضة المسلحة السورية.