ترجمة صوت العاصمة
قالت مجلة الفورين بوليسي الأمريكية في تقرير نشرته الأسبوع الفائت، إن شبح الترحيل يلاحق اللاجئين السوريين في لبنان، ضمن سياسات الحكومة اللبنانية التي تهدف إلى إجبارهم على المغادرة، حيث يقوم الأمن العام باعتقال اللاجئين وتسليمهم للنظام السوري بتهم مختلفة أبرزها دخول البلاد بشكل غير شرعي.
وأضافت المجلة أن القوات اللبنانية اقتحمت مخيم عرسال الحدودي، وأجبرت اللاجئين السوريين على هدم خيامهم فيه، وفرضت على أصحاب المحال والمطاعم والمقاهي في بيروت إجراءات صارمة وغرامات باهظة، لإرغامهم على فصل العمال السوريين أو استخراج تصاريح عمل لهم، مشيرةً إلى أن لبنان يعد من أكبر البلدان التي استضافت السوريين منذ عام 2011، حيث بلغ عددهم قرابة مليون لاجئ سوري، حسب الإحصاءات الحكومية الرسمية
ولفتت المجلة أن تهديدات الحكومة اللبنانية بترحيل اللاجئين السوريين وتسليمهم للنظام السوري باتت حقيقية، مشيرةً إلى أنها سلمت 300 لاجئ للنظام السوري خلال شهر أيار فقط، بعد إصدار قرارات رسمية بإعادة اللاجئين الذين دخلوا الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية.
وبحسب المجلة فإن السياسية المتبعة ضد اللاجئين في لبنان تعود إلى ثقافة الجذور اللبنانية التي تتركز على الطائفية وكره الأجانب، إضافة للوضع الاقتصاد المتدهور في البلاد، لافتةً أن السياسيون اللبنانيون يتبنون رواية النظام السوري بعودة الأمان في سوريا، دون اكتراث لعمليات الاعتقال والتعذيب والتجنيد الإجباري.
ونقلت المجلة عن اللاجئ السوري “محمد” المقيم في مدينة صيدا اللبنانية، قوله إن السلطات اللبنانية اعتقلت شقيقه “رائد” وسلمته للنظام السوري تنفيذاً لقرارها بترحيل اللاجئين الذين دخلوا أراضيها خلسة، مشيراً إلى أن شقيقه مقيم ف لبنان منذ علم 2014.
وأعرب محمد عن خوفه من احتمالية قتل شقيقه واعتباره خائناً للسلطات السورية، أو تجنيده إجبارياً وإرساله إلى جبهات القتال في حماة وإدلب.
وأكدت المجلة أن السلطات اللبنانية وعدت بعدم ترحيل السوريين قسراً، إلا أنها اتهمتها بخداع اللاجئين في التوقيع على الاستبيان حول رغبتهم في العودة إلى سوريا أم لا، والتلاعب بنتائج النماذج المطروحة، لإظهار رغبتهم بالعودة، معتقدة أنها تتبع هذا الإجراء للأقناع المجتمع الدولي أن عودة السوريين إلى بلادهم طوعية وليست قسرية.
وبدورها، قالت محامية المنظمات غير الحكومية “غيدة فرنجية” إن الحق في طلب اللجوء في لبنان مكفول بموجب الدستور اللبناني، وأي أمر ترحيل يجب أن يمنح المواطن الأجنبي الفرصة للطعن فيه قبل تنفيذه، مشيرةً إلى أن عمليات ترحيل اللاجئين السوريين تلقى دعماً شعبياً واسعاً.
اعترف الأكاديميون اللبنانيون المتعاطفون مع محنة السوريين، بأن التدفق زاد من تدهور البنية التحتية المدنية المتهالكة، ووضع عبئاً على المالية العامة في لبنان، ما فاقم العداء بين المضيفين واللاجئين، إضافة لأن 250 ألف شخص لبناني باتوا عاطلين عن العمل بسبب اللجوء السوري بحسب البنك الدولي.
وبحسب البنك الدولي فإن تدهور الوضع الاقتصادي اللبناني ليس واضحاً أن كان ناتجاً عن تراجع السياحة وانخفاض الصادرات إلى سوريا، أم بسبب وجود السوريين في البلاد، مؤكداً أنه لا يمكن إلقاء اللوم على السوريين في ذلك.
وتعمل بعض وسائل الإعلام اللبنانية المحسوبة على الساسة المعارضين لفكرة اللجوء، على إظهار السوريين في لبنان، كـ طفيليات يستخدمون الرعاية الصحية والتعليمية وغيرها من وسائل الراحة، ويضرون بالبيئة من خلال المساهمة في البنية التحتية للصرف الصحي في لبنان، إضافة لاعتقاد اللبنانيين السائد بأن معظم اللاجئين السوريين هم من المسلمين السنة المحافظين، ما يجعلهم معزولين ثقافياً ومتخلفين دينياً من وجهة نظر العديد من منهم.
ويسعى الساسة اللبنانيون لتخويف المجتمع اللبناني من خلال نشر فكرة تغيير اللاجئين السوريين للتوازن الديمغرافي والثقافي الحساس في لبنان، وأنهم قد لا يغادرون البلاد، ما يخلق ازدياد في عدد الطائفة السنية فيه.
ومن جهته، قال المحلل السياسي اللبناني “سامي نادر”: “علينا أن نحافظ على التوازن بين الجماعات الطائفية المختلفة، واستيعاب السوريين السنة سيدعو إلى إعادة النظر في الصيغة اللبنانية على حساب شكل الدولة كما هي الآن”، مشيراً إلى أنه لا يمكن للبنان استيعاب سني واحد إضافي، بسبب وجود300 ألف لاجئ فلسطيني سني.
ويسعى المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي في سوريا، يمكن اللاجئين من العودة دون خوف من الاعتقال، لكنه بعيداً كون الحرب مستمرة في إدلب، مع احتمال نشوب صراعات جديدة في الشمال والشرق، لذلك لا بد من العمل على ربط التمويل الطارئ الذي وعد به المجتمع الدولي، لتطوير البنية التحتية في لبنان، ما يوفر فرص عمل للسوريين فيه.
وتسببت الحرب في سوريا بنزوح 6 ملايين سوري، يستضيف لبنان قرابة مليون منهم بين سكانه البالغ عددهم نحو 4 ملايين نسمة، ما يمنحه أعلى نسبة من اللاجئين إلى السكان الأصليين في العالم.
المصدر: مجلة الفورين بوليسي الأمريكية