سلَّطت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها على سياسة التدمير المتعمدة والمنهجية التي اتبعها نظام الأسد للاستيلاء على المنازل والأراضي والعقارات في محافظة درعا.
وتحدث تقرير الشبكة الصادر اليوم تحت عنوان ” تداعيات عمليات التدمير والاستيلاء التي مارسها نظام بشار الأسد على الملكيات الخاصة في محافظة درعا وأثرها على عودة اللاجئين والنازحين”، عن انخراط أهالي المحافظة في الحراك الشعبي السوري، وتداعيات ذلك على حياتهم وممتلكاتهم العقارية.
كما تناول مسار تطور الحراك الشعبي السلمي المطالب بالديمقراطية، وردَّ فعل نظام بشار الأسد العنيف تجاه هذه المطالب منذ بداية آذار 2011، مستعرضاً أبرز الانتهاكات الجسيمة التي نفذها النظام وحلفاؤه، ومبيّناً حجم الدمار الواسع الذي لحق بالممتلكات والبنى التحتية في المحافظة نتيجة لهذه الممارسات.
واستخدم التقرير مجموعة واسعة من القوانين والتشريعات التي تفتقد إلى الشرعية القانونية، كما اعتمد على دراسة وتحليل حالات منتقاة من مدينة درعا، شملت أحياء مخيم اللاجئين ومخيم النازحين وطريق السد، إضافة إلى مناطق من ريف المحافظة متمثلة في بلدة خربة غزالة ومدينة نوى، كنماذج توضح نمط الانتهاكات في الريف.
وأشار التقرير إلى توسُّع نظام بشار الأسد بشكل ملحوظ خلال السنوات الست الأخيرة (منذ عام 2018 تحديداً) في عمليات الاستيلاء على الممتلكات العقارية للسوريين، مستعيناً بمجموعة من القوانين والمراسيم التي أصدرها بشكل غير قانوني بدءاً من عام 2011، مستغلاً ظروف النزاع الداخلي المسلح، إلى جانب سيطرته الكاملة على السلطة التشريعية والتنفيذية في الدولة.
وأكد التقرير وجود علاقة وثيقة بين العديد من الانتهاكات الجسيمة التي استهدفت السكان المدنيين وبين انتهاكات حقوق الملكية، حيث أدّت هذه الممارسات إلى إجبار الأهالي على الرحيل القسري، ما سهَّل استيلاء النظام على ممتلكاتهم من خلال القوانين التي أصدرها.
وقد استعرض التقرير حصيلة أبرز هذه الانتهاكات، ومنها مقتل ما لا يقل عن 22,443 مدنياً بينهم 3,869 طفلاً و2,140 سيدة (أنثى بالغة)، على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في محافظة درعا، في الفترة من آذار 2011 حتى تموز 2024.
كما وثّق التقرير وجود ما لا يقل عن 8,706 أشخاص، بينهم 224 طفلاً و194 سيدة، لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري منذ بداية النزاع وحتى تموز 2024.
إضافةً إلى ذلك، سجل التقرير مقتل ما لا يقل عن 2,500 شخص بسبب التعذيب، بينهم 19 طفلاً و4 سيدات خلال الفترة نفسها، لافتاً إلى أنَّ الغالبية الساحقة من هذه الانتهاكات ارتُكبت من قِبَل نظام بشار الأسد وحلفائه.
ووثّق التقرير إلقاء ما لا يقل عن 11,153 برميلاً متفجراً من قبل طائرات نظام بشار الأسد على مناطق مختلفة في محافظة درعا، وذلك منذ تموز 2012 وحتى آب 2018، ما أدى إلى مقتل 1,177 مدنياً على الأقل، بينهم 272 طفلاً و193 سيدة.
كما وثَّق التقرير ما لا يقل عن ثلاث هجمات استُخدمت فيها الأسلحة الكيميائية على مناطق في المحافظة، وذلك بدءاً من أول استخدام موثَّق للأسلحة الكيميائية بتاريخ 23 كانون الثاني 2012 وحتى تموز 2024، وأكد أنَّ جميع هذه الهجمات الكيميائية نفذتها قوات نظام بشار الأسد.
واستنتج التقرير من خلال التحليل الخرائطي أنَّ عمليات القصف المدفعي والجوي التي شنّها نظام بشار الأسد وحلفاؤه على عدد من المدن والأحياء والمناطق الريفية في محافظة درعا كانت مفرطة للغاية، وأكد التقرير أنَّ هذا المستوى من الاستهداف لم يكن بدافع عسكري بحت، بل كان يهدف إلى إحداث أكبر قدر من التدمير في الممتلكات العقارية للسكان المدنيين بغية السيطرة عليها.
وخلص التقرير إلى أنَّ الغاية الأساسية من هذه السياسة كانت إجبار السكان على النزوح أولاً، وضمان عدم قدرتهم على العودة ثانيةً، ليتمكّن النظام لاحقاً من استغلال هذه الممتلكات في مرحلة إعادة الإعمار، مشدداً على أنَّ هذا الهدف شكّل المحرّك الأساسي لجميع المراحل السابقة، بغض النظر عن حجم الخسائر المادية الفادحة التي لحقت بالشعب السوري أو حالة التفقير المتعمَّد الناتجة عن الاستيلاء على ممتلكاتهم وأراضيهم.