انخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي في معظم مناطق سورية الليلة الماضية وفي ساعات الصباح الباكر، في موجة صقيع غير مسبوقة دفعت الكثير من الأهالي إلى عدم إرسال أبنائهم إلى المدارس في بعض المناطق، خوفًا عليهم، لا سيما أن معظم المدارس السورية تفتقر إلى مواد التدفئة، وقد لا يحتمل الطلاب فيها درجات الحرارة المتدنية.
ورغم شدة البرد، لم يصدر أي قرار حكومي رسمي بتعليق الدوام المدرسي، ما دفع بعض الأهالي إلى التماشي مع الوضع الراهن وإرسال أبنائهم إلى المدرسة، وفق ما أوضحت النازحة المقيمة في مخيم البركة للنازحين في منطقة دير حسان شمال غربي سورية بمحافظة إدلب.
فدوى الأحمد، التي أوضحت في حديثها لـ”العربي الجديد” أن ابنتها الكبرى وشقيقها الأصغر منها ذهبا إلى المدرسة في الصباح، بينما بقي طفلها الأصغر، الذي يدرس في الصف الأول، في البيت، موضحة أن من الأفضل توفير مواد تدفئة للمدارس، قائلة: “في الليل كان البرد لا يُطاق، منذ سنوات ونحن هنا في المخيم لم نشهد هذا البرد، الأولاد ذهبوا إلى المدرسة مترددين، لكن لا يمكن أن يبقوا في البيت مدة أسبوع حتى تزول موجة الصقيع”.
وبعد تردد أرسلت الثلاثينية غفران العمر أطفالها الثلاثة إلى المدرسة، اليوم الأحد، وازداد ترددها بعد أن فتحت باب المنزل في مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي حيث تقيم، مؤكدة أنها كانت تنتظر في الصباح أن تتلقى إشعاراً من المدرسة يفيد بأن اليوم عطلة، لكن ذلك لم يحدث.
وقالت لـ”العربي الجديد”: “ابنتي الكبرى في الصف الرابع، ولديَّ ابن في الصف الثاني وابنة في الصف الأول، ولشدة خوفي عليهم جعلتهم يرتدون الكثير من الملابس، والمدرسة التي يذهبون إليها لا توجد فيها تدفئة رغم كونها مدرسة خاصة، شعرت بالندم على إرسالهم، لكن ما باليد حيلة، لم يرتدوا القفازات، إذ ليس لديهم، فأخبرتهم أن يحرصوا على وضع أيديهم في جيوبهم خلال الذهاب”.
تابعت العمر: “لم نكن مستعدين لهذا المستوى من البرد هذا العام، وفي الليل كان البرد لا يطاق. اقترحت على زوجي تشغيل المدفأة، لكنه رفض ذلك خوفًا من الاختناق، لكون هذا الخطر شائعًا، يجب أن يكون هناك تدفئة في المدارس على أقل تقدير، لكون فترة بقاء الأطفال فيها طويلة، وبخاصة فترة الدوام الصباحي، حيث يكون الجو باردًا جدًا”.
واشتكى الكثير من الأهالي في عدد من المناطق السورية من غياب مواد التدفئة في المدارس، خصوصاً في ظل الظروف الراهنة من البرد، حيث اضطر بعض الأهالي في ريف حمص الشمالي وضمن مدينة حمص إلى تغييب أبنائهم عمداً عن المدارس، نظراً لعدم توافر وقود التدفئة فيها، وفترة بقاء الطالب في المدرسة طويلة، وقد لا يحتمل الطلاب البرد خلالها.
بدوره، قال وليد رافع لـ”العربي الجديد”، وهو أب لطفلة في الصف الخامس، ينحدر من مدينة السويداء، إنه لم يُرسل ابنته إلى المدرسة بسبب موجة الصقيع، موضحًا أن كمية وقود التدفئة التي حصلت عليها أغلب المدارس في المحافظة كانت قليلة وغير كافية، والمدارس في الوقت الحالي بلا تدفئة.
وأوضح أن الطرق في الصباح الباكر تتشكل عليها طبقة من الجليد، ما يشكل خطرًا على الطلاب أيضًا. مضيفًا: “فضّلت بقاء ابنتي في المنزل، لدينا كمية مازوت قليلة قد تكفينا لأربعة أيام، نستخدم البطانيات أيضًا عند جلوسنا في الغرفة، ودرجات الحرارة ما دون الصفر، والبرد لا يحتمل، ننتظر أن يمرّ المنخفض ونشعر ببعض الدفء”.
واكتفت وزارة التربية السورية بإجراء واحد، هو تأخير الدوام المدرسي حرصًا على سلامة الطلاب والكوادر الصحية، حيث أُخِّر الدوام في المدارس ذات الفوج الواحد حتى الساعة التاسعة صباحًا، بينما أُخِّر الدوام في المدارس التي فيها فوجان حتى الساعة الثامنة والنصف، دون تغيير زمن الحصة الدراسية، وذلك وفق ما صدر عنها مساء أمس.
المصدر: العربي الجديد