ناقش تقرير نشره موقع “العربي الجديد” مستقبل القواعد الأجنبية العسكرية في سوريا، ورأى الخبير العسكري ضياء قدور، أن مستقبل القواعد الأجنبية يعتمد على العديد من العوامل، أبرزها العلاقات بين سوريا والقوى الإقليمية والدولية المختلفة.
وأضاف أن الإدارة الجديدة تسعى لتحقيق توازن بين القوى المختلفة لضمان مصالح واستقرار البلاد، لافتاً أن روسيا تعد من اللاعبين الرئيسيين في سورية، وقاعدتيها في حميميم وطرطوس تمثلان أهمية استراتيجية كبيرة لها.
وتابع: “إذا قررت الإدارة السورية أن تتبنى عقيدة غربية للجيش السوري القادم، فقد يؤدي ذلك إلى تقليص أو حتى إنهاء الوجود الروسي في البلاد، ولكن لن يكون ذلك على الفور، لا سيما أن العلاقات السورية الروسية تمتد لأكثر من نصف قرن.
ورأى القدور أن الهجمات الإسرائيلية المستمرة على سورية تزيد من الحاجة إلى الدفاعات الجوية القوية، لذا من الممكن أن تلعب القواعد التركية أو الروسية، خصوصاً تلك التي تحتوي على أنظمة دفاع جوي متقدمة مثل أس 400، دوراً مهماً في حماية سورية من هذه التهديدات.
وأما فيما يخص النقاط التركية المنتشرة في شمال وشمال غرب سوريا فقد بيّن الخبير أن لأنقرة مصالح وتعتبر وجود القواعد العسكرية التركية جزءاً من استراتيجيتها الأمنية ضد تهديدات المليشيات الكردية والمسلحين المدعومين من إيران.
وأشار إلى أنه في حال تم توقيع اتفاقيات دفاع عسكرية بين الجانبين السوري والتركي، فإن ذلك قد يتطلب وجود قواعد عسكرية تركية دائمة داخل سورية.
بينما وصف قدور الحضور العسكري الأميركي في سورية بالمحدود، وأنه يركز بشكل أساسي على مكافحة تنظيم الدولة، مضيفاً: أعتقد أن مستقبل القواعد الأميركية في سورية قائم على الحاجة الأميركية لإبقاء عدد من قواتها هناك، والتوجهات السياسية للإدارة السورية الجديدة والعلاقات المنتظرة بين واشنطن ودمشق.
على حين رأى المحلل العسكري العقيد فايز الأسمر، في تحليله لمستقبل القواعد الأجنبية في سورية أن مهمة القواعد الأميركية، سواء تلك التي في شرق الفرات أو قاعدة التنف، انتهت مع نهاية تنظيم الدولة في سوريا.
وأوضح أن واشنطن حالياً تماطل في الانسحاب تحت ذريعة الخشية من عودة التنظيم، لافتاً أن الولايات المتحدة ستخفف من عدد قواتها في سوريا ولكن لن تنسحب بشكل نهائي.
ورأى أن عدد القواعد التركية في سوريا سيقل في المستقبل، مضيفاً أنه ربما يقتصر الأمر على قاعدتين أكثر تجهيزاً وقوة بهدف التدخل السريع في أعمال قتالية ضد “قسد” وتوابعها.
بينما يجد الأسمر، أن القاعدتين الروسيتين أسهمتا في قتل وتهجير السوريين وتدمير بلادهم، مبدياً تصوره أن الوجود العسكري الروسي في سورية سيواجه صعوبات، لا سيما أن الغرب ربط بين إنهاء هذا الوجود برفع العقوبات عن سوريا.
وتُجري الإدارة السورية الجديدة مفاوضات وُصفت بـ”الحساسة” مع كل من تركيا وروسيا والولايات المتحدة لتقرير مصير القواعد الأجنبية في سوريا التي تحتفظ بها الدول الثلاث في الجغرافيا السورية لأسباب مختلفة، في ظل حديث عن اتجاه هذه الحكومة نحو إبرام اتفاقيات دفاعية مع عدة دول، ما يجعل وجود بعض القواعد الأجنبية حاجة ملحة لمواجهة الأخطار المحتملة على الأمن والاستقرار في البلاد.
وأنشأت روسيا عدة قواعد عسكرية في البلاد بدءاً من عام 2015، بموافقة من نظام بشار الأسد المخلوع لضمان مساندته في محاولاته القضاء على الفصائل السورية التي كان يواجهها.
ولموسكو قاعدة أخرى في مدينة طرطوس على الساحل السوري اقل أهمية، مختصة بعمليات الإصلاح والإمداد لأسطول البحر المتوسط الروسي. وإلى جانب الروس، هناك حضور للتحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة بشكل طاغٍ في شرق سورية، وتحديداً في ريفي دير الزور والحسكة.
وللولايات المتحدة والتحالف الدولي الذي تقوده قاعدة العمر التي تقع ضمن حقل نفطي يحمل ذات الاسم، ويُعَدّ من أكبر الحقول في سورية، ويُعتقد أن في القاعدة قوات متنوعة أميركية وفرنسية وبريطانية، وفي داخلها مهبط للطيران المسيّر والمروحي، يضم مروحيات قتالية.
وللتحالف قاعدة في حقل كونيكو للغاز في ريف دير الزور تضم مركزاً للتدريب ومهبط مروحيات، ولدى الولايات المتحدة في الحسكة قواعد عدة، أبرزها تلك الموجودة في محيط حقول رميلان للنفط والمعروفة بقاعدة خراب الجير.
وللولايات المتحدة قاعدة تُعَدّ الأكبر والأهم، وهي قاعدة التنف، التي أنشأها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عام 2014، وتقع غرب الحدود العراقية، وتبعد نحو 22 كيلومتراً عن الحدود السورية – الأردنية، وهي من أهم القواعد العسكرية للتحالف الدولي في سورية.
وفي الشمال السوري للجانب التركي نفوذ عسكري واسع، ضمن خريطة القواعد الأجنبية في سورية مع احتفاظ أنقرة بالعديد من القواعد سواء غرب الفرات أو شرقه، أقامتها على مدى سنوات الحرب السورية وتعززت أكثر بعد تفاهمات مع الجانب الروسي في سياق ما كان يُعرف بمسار أستانة.
وتُعتبر نقطتا معسكر المسطومة بريف إدلب الجنوبي الغربي، ومطار تفتناز بريف إدلب الشمالي الشرقي، من أهم النقاط العسكرية التركية في شمال غرب سورية.
وللجيش التركي قاعدة في محيط بلدة الباب شمال شرقي حلب، فضلاً عن نقاط شرق نهر الفرات في منطقتي تل أبيض ورأس العين.
المصدر: العربي الجديد – بتصرف