دفعت الأوضاع في سوريا خلال 13 عاماً السوريين على تغيير عاداتهم الاستهلاكية، بما لا يتناسب مع احتياجاتهم المادية، حتى باتوا غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الغذائية بالحد الأدنى.
وبحسب تقرير لجريدة قاسيون المحلية، فإنّ الإنفاق الاستهلاكي العائلي انخفض بنسب متفاوتة خلال السنوات الماضية، حيث وصلت نسبة انخفاض الاستهلاك العائلي في عام 2022 إلى 35,81% عما كانت عليه في العام 2011، وذلك بالاعتماد على سعر الصرف الرسمي البالغ 3015 ليرة في عام 2022.
في حين أنّ سعر الصرف بالسوق الموازي بلغ حينها حوالي 7000 و7500 ليرة، وعليه فإنّ نسبة انخفاض الاستهلاك العائلي هي أعلى بكثير وتُقدر بما لا يقل عن 74,19%، وبحال تقدير انخفاض الاستهلاك بالاعتماد على سعر الصرف الذي يفرضه التجار أثناء تسعير منتجاتهم المُقدر بحوالي 10,000 ليرة في عام 2022، تصل النسب الحقيقية إلى انخفاض معدلات الاستهلاك إلى 80,64%.
وأشار التقرير إلى أنّه “لا يمكن اختزال الأسباب الرئيسية لكل الكوارث الاقتصادية التي ضربت البلاد وحصرها فقط بالعقوبات الاقتصادية وسنوات الحرب كما يروج الرسميون، مع عدم نفي نتائجها أو التقليل منها، إلا أنّ السياسات الاقتصادية المتبعة هي الأساس الأهم بذلك”.
وأوضح التقرير أنّ البيانات الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء أشارت إلى أنّ معدلات التضخم آخذة بالارتفاع عاماً تلو الأخر، مضيفاً: “على سبيل المثال فإنّ حساب معدل التضخم التراكمي بين عامي 2005 و2011 قُدر بحوالي 48%، أي إنّ التضخم بين هذه السنوات كان يزيد سنة بعد أخرى بمعدل وسطي سنوياً 6,85% تقريباً، على اعتبار 2005 عام الأساس”.
إلا أنّ معدلات التضخم ضمن سنوات الأزمة أسوأ من ذلك بكثير، حيث وصلت إلى مستويات مرتفعة قياسية لها تأثيراتها الكارثية على السوريين، خاصة مع تراجع القيمة الشرائية لليرة وسياسات الأجور شديدة التدني، تبعاً للتقرير.
التقرير لفت إلى أنّ معدل التضخم التراكمي المقدر بين عامي 2005 و2011 كان حوالي 48% تضاعف بشكل غير مسبوق بين عامي 2011 و2022 ليصل إلى حوالي 63,42% تقريباً، أي إنّ وسطي زيادة معدل التضخم سنوياً ضمن هذه الفترة يقدر بحوالي 55,88% تقريباً.
ووفقاً للتقرير، فإنّ الحد الأدنى للأجر بين عامي 2011 و2022 انخفض بنسبة لا تقل عن 75,38%، وبالتالي فإنّه وبالتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم بمعدل وسطي 55,88% سنوياً خلال هذه الفترة، فإنّ قيمة الأجور بدلاً من أن تزيد بالمعدل نفسه على الأقل، إلا أنها آخذة بالانخفاض سنة بعد أخرى بمعدل وسطي يُقدر بنسبة 13,8%.
كما أشار إلى أنّه “إذا ما تم الاعتماد على سعر الصرف في السوق الموازي للعام 2022 نستنتج أن الحد الأدنى للأجور لا يتجاوز 12,37 دولاراً تقريباً، أي إنّ القدرة الشرائية للسوريين انخفضت بما لا يقل عن 90,1% تقريباً”.
وأوضح أنّ الحد الأدنى لتكاليف المعيشة حينها قُدر بحوالي 24,000 ليرة لأسرة تتألف من خمسة أفراد، إلا أنّ الحد الأدنى للأجور كان 6,000 ليرة، وهو بالكاد يغطي 25% فقط من الحد الأدنى لتكاليف المعيشة.
ومع اشتداد تدهور الأوضاع الاقتصادية، ووصول معدلات التضخم وارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة فإنّ الحد الأدنى للأجور اليوم البالغ 280,000 ليرة لا يغطي من الحد الأدنى للمعيشة المُقدر بـ 8,100,000 ليرة إلا نسبة 3,4%.
ووفقاً لبيانات المكتب المركزي للإحصاء، فإنّ الإنفاق الحكومي العام بلغ حوالي 754,000,000,000 ليرة في العام 2011، ما يعادل تقريباً حوالي 15,708,333,333 دولاراً وفقاً لسعر الصرف في حينه.
إلا أنّ حجم الإنفاق في عام 2022 بلغ 13,325,000,000,000 ليرة ما يعادل وفقاً لسعر الصرف الرسمي ما يقارب 4,419,568,823 دولاراً، وبالتالي فإنّ الإنفاق العام انخفض بنسبة 71,8% تقريباً بالمقارنة مع عام 2011.
كذلك انخفض الإنفاق على الدعم الاجتماعي أيضاً بنسبة لا تقل عن 68,8%، فحجم الإنفاق على الدعم الاجتماعي في عام 2011 بلغ حوالي 300,000,000,000 ليرة، ما يعادل حوالي 6,250,000,000 دولار بالسعر الرسمي، ولكن الإنفاق على الدعم في عام 2022 بلغ 5,925,000,000 ليرة تقريباً وهذا يعادل وفقاً لسعر الصرف الرسمي ما يقرب من 1,965,174,129 دولاراً تقريباً.