بحث
بحث
جنود من الجيش الأمريكي في قاعدة حامات العسكرية اللبنانية - انترنت

32 طائرة عسكرية غربية هبطت في لبنان خلال آخر شهر

رصدت مواقع ملاحة جوية نشاطاً في حركة طائرات نقل عسكرية لجيوش بعض الدول الغربية إلى مطار بيروت وقاعدة حامات العسكرية في لبنان منذ 8 تشرين الأول الفائت حتى الأسبوع الجاري، بعضها كان لإخلاء بعثات دبلوماسية وغيرها لأسباب غير معروفة.

وأثارت رحلات تلك الطائرات إلى لبنان شكوكاً حول طبيعة مهمها، خصيصاً أنّ غالبيتها كانت تغلق أجهزة التتبع والملاحة قبل هبوطها في المطارات اللبنانية، وفقاً لصحيفة الأخبار اللبنانية.

وهبطت 32 طائرة عسكرية في مطار بيروت الدولي وقاعدة حامات العسكرية الجوية، بين 8 من تشرين الأول الماضي و10 من تشرين الثاني الجاري بمعدل طائرة يومياً وبعض هذه الطائرات من النوع الضخم ما يثير تساؤلات حول طبيعة هذا النشاط المستجد بأبعد مما يتم ترويجه عن أنه يتعلق بإخلاء السفارات أو تعزيز إجراءاتها الأمنية وخصوصاً أنّ الواضح حتى الآن أنّ سفارتي كندا وألمانيا فقط تقدّمتا بطلبات إلى قيادة الجيش للاستحصال على موافقة لتعزيز إجراءاتها الأمنية.

وتتبع غالبية الطائرات لكل من سلاح الجو الأميركي والهولندي والبريطاني حطّت في قاعدة حامات و23 في القاعدة المخصصة للطائرات العسكريّة والدبلوماسية في الجهة الغربية من مطار بيروت وهي تابعة لكل من الجيش الفرنسي والإسباني والكندي والإيطالي والإسباني والسعودي إضافة إلى طائرات عسكريّة أميركيّة وهولنديّة.

ولفتت الصحيفة إلى أن بعض هذه الطائرات من طرازات لم تحطّ في لبنان إلا في أوقات الأزمات، كالطائرتين العسكريتين السعوديتين Lockheed C130H- HERCULES اللتين وصلتا إلى مطار بيروت بفارق نصف ساعة بينهما في 24 تشرين الأوّل لإجلاء عائلات دبلوماسيين عاملين في السفارة.

ولم يتوجه النوع من الطائرات إلى لبنان إلا مرة واحدة خلال نقل مساعدات طبيّة إثر تفجير مرفأ بيروت، والأمر نفسه ينطبق على الطائرة العسكريّة الكنديّة Boeing C-17A Globmaster وهي من أضخم الطائرات ومخصّصة لنقل العتاد الثقيل والإمدادات العسكريّة إذ يمكنها حمل طائرة هليكوبتر كبيرة و3 دبابات وهي من الطراز نفسه الذي استخدمه الجيش الأميركي في جسر جوي لعمليات الإجلاء من أفغانستان بعد سقوطها في يد حركة طالبان قبل عامين.

وحطت طائرتان عسكريتان كنديتان من طراز Lockheed C130H- HERCULES في مطار بيروت في 3 و9 تشرين الثاني الجاري، ولم يسبق أن هبطت طائرات عسكرية هولندية في قاعدة حامات وتكرّرت هذه السابقة 5 مرّات بين 15 تشرين الأول و2 تشرين الثاني الجاري إضافة إلى 4 رحلات حطّت في مطار بيروت، ما يجعل إجمالي عدد الطائرات الهولنديّة التي هبطت في لبنان في أقل من شهر هو 9 طائرات، وهو يساوي عدد الطائرات الأميركيّة، علماً أنّ هذه الطائرات من طراز Lockheed C130H- HERCULES كانت تتنقل بين لبنان وقاعدة سلاح الجو الهولندي في إيندهوفن في هولندا والقاعدة العسكرية في بافوس القبرصيّة.

ويسجل حلف الناتو بعض الطائرات العسكرية باسم الدولة الهولندية مما يرجح أن الطائرات التسع التي هبطت خلال الشهر الأخير في بيروت قد تكون تابعة للحلف وليس لهولندا بشكل مباشر.

ويعتبر نشاط الطائرات الفرنسية والإسبانية والإيطالية روتينياً لتكرار هبوطها الدوري في مطار بيروت لإتمام عمليات التبديل لقوات اليونيفيل.

وهبطت خلال هذه الفترة في مطار بيروت الدولي 4 طائرات Airbus A330 -243 وAirbus A330 -202MRTT فرنسيّة وطائرتا Boeing 767-2EY وLockheed C130H- HERCULES إيطاليتان، وطائرة إسبانيّة من طراز Airbus A400M Atlas.

طائرات أميركيّة في وضع التخفي
ولوحظ نشاط لطائرات أمريكية هبطت وأقلعت في وضع التخفي، 6 منها في مطار بيروت و3 في قاعدة حامات، بينها 5 طائرات عسكريّة من طراز CN35 حطّت في مطار بيروت بين 21 تشرين الأوّل و9 الجاري بعدما تقصّدت إطفاء إشاراتها ADS-B لعدم ترصّدها من قبل أجهزة تعقّب الطائرات في خرقٍ واضح لقوانين الطيران التي تراعي السلامة العامّة وما يُعرّضها للحوادث مع الطائرات المدنية في المجال نفسه.

وأوضح خبراء أنّ الطائرات عادةً لا تقوم بإطفاء إشاراتها إلا في حال قيامها بعمليات عسكرية كما هي الحال مع طائرات العدو الإسرائيلي عندما تقصف أهدافاً في سوريا.

وأكّد مدير موقع Intel sky طلال نحلة أنّه لم يسبق أن قام سلاح الجو الأميركي بإطفاء إشارته إذ إن الطائرة التي أقلّت الرئيس الأميركي جو بايدن في زيارته لإسرائيل الشهر الماضي لم تخف نشاطها، ولا حتى الطائرة العسكرية التي نقلت وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في جولاته الأخيرة على المنطقة.

وأضاف أنّ الطائرات التي تقوم بمهام تجسّسية واستطلاعيّة في الأجواء السورية أو تلك التي تنقل شخصيات قياديّة في FBI وCIA إلى المنطقة لا تُطفئ إشاراتها ويمكن رصدها على شاشات الرادارات وهذا ما يطرح تساؤلات عن أسباب السريّة التي أحيطت بهذه الرحلات وخصوصاً أنّ هذه الطائرات انطلقت من أميركا وتنقّلت بين لبنان وقاعدة أكروتيري العسكرية الخاضعة للسيادة البريطانية في قبرص.

وشهدت قاعدة أكروتيري حركة طائرات عسكريّة ناشطة منذ بدء 7 تشرين الأول وتحوّلت إلى ما يُشبه جسراً جوياً إلى تل أبيب.

وربط نحلة بين الطائرات الأميركية التي تنقّلت بين لبنان وأكروتيري والطائرات الهولنديّة التي نشطت بين لبنان والقاعدة العسكريّة في بافوس وخصوصاً أنّ القاعدتين بافوس وأكروتيري، تقعان قبرص وتبعد إحداهما عن الأخرى مسافة أقل من 20 دقيقة.

ومن المفترض أن تهبط في مطار بيروت بشكل سري 6 طائرات أميركية إلا أن اثنتين ألغتا رحلتيهما إلى بيروت في 27 تشرين الأول الماضي و4 تشرين الثاني الجاري، فيما أقلعت البقية من قاعدة أكروتيري وحطّت 4 طائرات عسكريّة أُخرى في لبنان، 3 منها في قاعدة حامات إضافة إلى طائرة من طراز Dornier C-146A Wolfhound لم تزر لبنان منذ أكثر من عامين وهي مخصصة للتدريبات المشتركة بين الجيشين اللبناني والأميركي.

وتنقلت تلك الطائرة التي حطت في مطار حامات في 29 تشرين الأوّل الماضي بين حامات وقاعدة موفق سلطي في الأردن لمرتين، ولارنكا وقاعدة خانيا الأميركية في جزيرة كريت اليونانية.

وأشار نحلة إلى أنّ هذا الطراز من الطائرات صغير الحجم وهي تابعة للقيادة الوسطى في الجيش الأميركي وغير معدّة لنقل العتاد والإمدادات العسكريّة معتقداً أنّها كانت تنقل أفراداً وشخصيات بشكل سري.

الجيش اللبناني يراقب حركة الطائرات
وأكّد مسؤولون عسكريون في لبنان أن هذه الحركة طبيعية، وينفي هؤلاء أن تكون ماهية هذه الطائرات أو حمولتها سريتين ويؤكدون أن هناك برنامجَ طيران سنوياً يتمّ الاتفاق عليه بين جيوش العالم لضمان هبوط الطائرات في المطارات العسكرية أو حتى المدنية، شارحين أنّ أي طائرة عسكرية تُريد الهبوط في لبنان يتوجب عليها تبليغ القيادة الجوية اللبنانية مُسبقاً للحصول على إذنها.

وأكّد المسؤولون أنّ الجيش اللبناني يحصل على المانيفست الخاص بهذه الطائرات ويقوم بتفتيشها عبر جهاز الجمارك بعيد هبوط الطائرات بالإضافة إلى ختم الجوازات عبر جهاز الأمن العام.

 وأضافوا أنّ عناصر الجمارك والأمن العام يحضرون إلى قاعدة حامات عند هبوط أي طائرة أجنبية علماً أنه ليس هناك جهاز سكانر في قاعدة حامات.

وأوضح العميد الطيار المتقاعد بسام ياسين الذي أشرف على افتتاح قاعدة حامات الجوية عام 2012 وكان مسؤولاً عنها لسنوات أنّها مطار حامات صغير نسبياً وقد شيده حزب الكتائب اللبنانيّة إبّان الحرب الأهليّة من أجل تحرك قياداته عبر الهليكوبتر.

 ولفت إلى أنّ طول المدرج لا يتعدى 2500 متر، بالإضافة إلى عدم وجود مدرج ثانٍ أو Taxi way يتيح استخدامه في حال تعطل الأول أو تغير مسار الهواء وبالتالي فإنّ المدرج مخصص للطائرات العسكريّة الصغيرة، وأنّ أكبر الطائرات التي يمكنها الهبوط فيه هي من طراز Lockheed C130H- HERCULES.

وقال ياسين إنّ صغر المدرج أو تغير مسار الهواء يدفع ببعض الطائرات العسكرية إلى الهبوط في مطار بيروت بعد إبلاغ القيادة الجوية التي تبلغ بدورها المديرية العامة للطيران المدني للإشراف على هبوطها.

 وبين أن كل المدارج في مطار بيروت يمكن استخدامها من قبل هذه الطائرات العسكرية بحسب توجيهات برج المراقبة قبل أن تقوم قيادتها بركن هذه الطائرات في الأماكن المخصصة لقاعدة بيروت الجوية لأنها مجانية للطائرات العسكرية بسبب البرنامج الموقّع بين الجيشين.

ولفت إلى أنّ معظم حمولات الطائرات العسكرية يكون عادةً مرتبطاً بالذخيرة والمعدات اللازمة لفرق التدريب العسكرية أو لتأمين المعدّات وتبديل العناصر في مقارها الديبلوماسية.

واعتبر ياسين أنّ إطفاء بعض الطائرات العسكريّة لإشاراتها هو مجرد كلام غير علمي ويتوجب على كافة الطائرات اخطار أبراج المراقبة بعمليات الهبوط والتنسيق مع المطارات.

ورفض الضابط اللبناني الادعاءات بأن قاعدة حامات هي “قاعدة أميركيّة” لافتاً إلى أنها قاعدة تابعة للجيش اللبناني ولكن الأميركيين يعدونها آمنة بالنسبة إلى عمليات الإجلاء بسبب قربها من مرفأ سلعاتا من أجل النقل البحري في حال أُعيق النقل الجوي.

 وأشار إلى أنّ كل الجيوش التي توقع الاتفاقيات السنوية يمكنها الهبوط في هذه القاعدة تماماً كما تهبط الطائرات العسكرية اللبنانية في القواعد الجوية وهو ما حصل مثلاً عندما شاركت القوات الجويّة اللبنانية في إطفاء الحرائق في اليونان وهبطت في القواعد العسكرية في المنطقة.

طائرة بريطانية من لبنان إلى تل أبيب
وأثارت رحلة طائرة Airbus A400M Atlas البريطانيّة لنقل العتاد والعديد الكثير من التساؤلات كونها الوحيدة التي أتت من أربيل إلى القاعدة البريطانيّة في أكروتيري ثم حطّت في قاعدة حامات قبل أن تنتقل إلى أكروتيري لبعض الوقت لتعود وتحط في مطار اللد في إسرائيل.

وفسر مدير موقع Intel sky طلال نحلة هذا المسار بأنه فعلياً من لبنان إلى تل أبيب مذكراً بأنّ كل الطائرات الديبلوماسية التي تُريد الانتقال من مطار بيروت إلى تل أبيب عليها أن تحط في بلدٍ وسيط قبل التنقل بين البلدين وهو ما حصل مثلاً مع الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين أخيراً.

أسئلة بلا إجابات
ولا يكاد يوم يمر من دون زيارة أو اتصال يجريه طاقم السفارة الأميركية في بيروت بقيادة الجيش اللبناني، وتشير المعطيات إلى أن الأميركيين طلبوا من الجيش اللبناني القيام بما يكبح ميليشيا حزب الله، مؤكدين أنها تخرق القرار 1701، إضافة لمطالبات بمساعدة قوات اليونيفيل على منع المظاهر المسلحة.

وأكد بيان لمديرية التوجيه أن الطيران هو لنقل معدات للسفارات الغربية تحسّباً لاندلاع حرب شاملة، دون وجود ضمانات حول حمولة هذه الطائرات التي زاد عددها بكثرة يتم إدخاله والاحتفاظ به داخل لبنان، وما إذا كانت بالفعل رحلات عسكرية سرية أم مجرد رحلات دبلوماسية تعمل في ظروف طارئة.