بحث
بحث
انترنت

بعد التطبيع معه.. النظام السوري يغرق الدول العربية بالتفاصيل

منها مطالبات بتقديم تنازلات عربية وخلافات على مكان اجتماع اللجنة الدستورية عرقلة عمل اللجان العربية

خيّب النظام السوري تطلعات الدول العربية التي سعت للتطبيع معه وإعادته للجامعة العربية كونه لم يبادر بأي خطوات صغيرة تجاه المحيط العربي.

ويفترض أن يتحرك النظام السوري ويبادل المعلومات ويساعد في تشكيل لجان أمنية للتعاون في محاربة تجارة وتهريب المخدرات وإحراز تقدم في ملفات إعادة اللاجئين وانعقاد اللجنة الدستورية إضافة لملف وصول المساعدات الإنسانية للسوريين، وفقاً لصحيفة المجلة.

وخلال الأشهر الأخيرة لم يحصل أي تقدم في هذه الخطوات أو حصل تقدم جزئي جدا، مثل تشكيل لجنة أمنية سورية- أردنية لمحاربة الإرهاب، وتسلم وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ورقة عمل من نظيره الأردني أيمن الصفدي وتسلم ممثلي دمشق وثيقة المبعوث الاممي غير بيدرسن، تضمنت عناصر “خطوة مقابل خطوة” مع اشتراط بألا تكون ملزمة

وتفاجئ وزراء عرب بمن فيهم أولئك المتحمسون للتقارب أن شحنات المخدرات زادت وغارات المسيرات تصاعدت بعد التطبيع، هذا عمليا، أما خطابيا فحجم الصدمة العربية يعود الى “طريقة تعاطي المقداد في الاجتماعات الوزارية العربية وتصرفه وكأن شيئا لم يحصل وكأن سوريا في العام 2010 وما قبل”، حسب قول أحد المعنيين.

غير أن المفاجأة الأخرى جاءت في موضوع مكان انعقاد اللجنة الدستورية والتي علقت جلساتها في جنيف قبل أكثر من سنة.

ويعتبر هذا المسار البسيط والصغير الذي استعملته أطراف عدة ورقةَ توتٍ لقول إن هناك عملية سياسية برعاية أممية لحل الأزمة السورية تعرض لعطب شديد جراء الحرب الأوكرانية، وباختصار موسكو قالت إنها ترفض عقد الاجتماعات في جنيف لأن سويسرا لم تعد محايدة في الحرب وفرضت عقوبات على روسيا.

وصار الهم هو البحث عن مكان يستضيف هذا “النقاش السوري” بعد التطبيع العربي، وعرضت القاهرة الاستضافة إلا أنّ دمشق أبلغت موسكو ثم أبلغت القاهرة شفويا وخطيا، أنها غير موافقة لأنها وعدت مسقط بالاستضافة، بينما رفضت المعارضة السورية مسقط واقترحت الكويت، وقدم وسطاء باقتراح وسط بعقدها بالتناوب بين مسقط والكويت.

اللجنة الوزارية العربية التي تشكلت بموجب قرار الجامعة إعادة دمشق قررت في اجتماعها بالقاهرة منتصف آب توثيق موافقة دمشق وتضمن البيان الختامي رغبة في عقد اللجنة الدستورية في سلطنة عمان قبل نهاية العام.

ويفترض أنه موفع الاجتماعي مجرد تفصيل بسيط وعادي وفي الواقع أنّ تفصيل التفصيل ليس تفصيلا في دمشق، وعندما سئل الجانب السوري عن عقد اجتماع اللجنة الدستورية في مسقط نصح بضرورة التنسيق مع مسقط وعندما سئلت مسقط قالت إنها غير مستعدة لذلك، وحاليا تبحث اللجنة الدستورية عن مكان جديد، تفصيل من التفاصيل السورية الكثيرة.

أما تفصيل مصير الورقة الأردنية فلا يقل مأساوية عن اللجنة الدستورية ذلك أن الجانب السوري الذي تسلمها “فقط للاطلاع” لم يجد الوقت إلى الآن لقراءتها والاطلاع عليها، ولاشك ان مصير الورقة التي قدمها المبعوث الاممي لمقاربة “خطوة مقابل خطوة” لن يكون أحسن حالا.

النظام السوري يدمن إغراق المحاورين في التفاصيل، والرغبة “في اغراقه بالتفاصيل” أعلنها صراحة أكثر من مسؤول سوري، فدمشق لديها أسبابها فهي تقول إنها قدمت الكثير من التنازلات للعرب بينها تشكيل اللجان الأمنية الثنائية لمحاربة المخدرات وإبلاغ الأمم المتحدة بفتح معابر لإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود التركية إلى مناطق المعارضة بعد فشل أميركا وروسيا في التوافق على تمديد القرار الدولي الخاص بالمساعدات لكنها لم تحصل على مقابل ولم يخفف العرب العقوبات الغربية ولم يقدموا مساعدات اقتصادية، بل إن أميركا رفضت في آب تمديد استثناءات العقوبات، ويتجه الكونغرس الأميركي لتشديد العقوبات.

ورغم الخيبة والخيبة المضادة والغرق والإغراق في التفاصيل كل المؤشرات تدل على أن مسار التطبيع مستمر وسيستمر بمطباته وتحدياته وزيارته ومصافحاته، وهناك من يراهن على تنفيذ خريطة الطريق العربية او تعديلها.

بدأ هذا المسار لأسباب غير سورية وسيستمر لأسباب غير سورية، ومبرراته إما تخص أجندات وطنية لدول عربية وإما تفاهمات مع قوى إقليمية ودولية واما تعود للرهان على تغيير بطيء في سلوك دمشق.

وأمام المخاض الدولي ومسارات التطبيع الإقليمي فإن الحاجة لإبقاء قطار التطبيع على السكة، أكثر من قبل.