بحث
بحث
طلاب في جامعة دمشق - انترنت

آلاف الطلاب السوريين الموفدين إلى الخارج يرفضون العودة

الأوضاع الاقتصادية والأمنية في سوريا دفعت بـ83% من الطلاب الموفدين للخارج لعدم العودة

رفض أكثر من ثلاثة آلاف طالب أرسلتهم حكومة النظام السوري للدراسة في دول أجنبية العودة إلى سوريا بعد انتهاء دراستهم متجاوزين شروط الإيفاد.

وبحسب وزارة التعليم العالي فإنّ 83% من الموفدين للدراسة رفضوا العودة بعد أنّ تكبدت الحكومة دفع مصاريف دراستهم وسفرهم وإقامتهم بالعملة الصعبة طيلة سنوات مضيفة أنهم شكلوا ضغطاً إضافياً في قطاع الكوادر العلمية والكفاءات.

وينصّ قانون الإيفاد على عقد يلتزم فيه الموفد بخدمة الدولة لمدة تعادل ضعفي مدة الدراسة في الخارج على نفقة الدولة فإذا درس على نفقتها 3 سنوات فهو ملزم بالخدمة لمدة 6 سنوات أما من أُوفد بحسب القانون رقم 6 لعام 2013 فإنّ مدّة الالتزام ضعف مدّة الإيفاد شريطة أن لا تقلّ عن 5 سنوات، كما يتوجّب على الطالب الموفد إلى الخارج أن يضع نفسه تحت تصرّف وزارة التعليم العالي بعد حصوله على الشهادة المطلوبة خلال 60 يوماً على الأكثر.

ونقل موقع النهار العربي أرقام ومعلومات عن وزارة التعليم العالي السورية تبدو غير واضحة وغير منطقية أحياناً في ملف الإيفاد والطلاب الرافضين العودة إلى بلدهم ويظهر هذا جلياً من محاضر اجتماعاتها وقراراتها وتعاملها مع المراسيم الناظمة التي أُقرّت في الحرب، إذ يظهر التخبّط في القرارات، ليأخذ شكلاً انتقامياً من الطلاب أكثر منه دعوة للعودة أو تسوية أوضاعهم.

وقال ماجد الظرف الذي أُوفد في العام 2011 لإكمال تخصصه في ألمانيا إنه سيُلقى القبض عليه في مطار دمشق فور عودته مضيفاً أنه لم يبق أحد من عائلته في سوريا مضيفاً أنّ الحكومة ضمنت حقها قبل إيفاده عندما رهنت منزله لصالحها.

ووجه الظرف دعوة للحكومة بأن تهتم في إعادة الإعمار والتنمية لاستقطاب العقول فمن غير المنطقي أن يترك موظف يتقاضى راتباً بآلاف اليورو أن يعود إلى بلد لا يعطيه أكثر من 20 يورو شهرياً، حسب تعبيره.

ورأى الموفدين كيف امتلأت البلاد من حولهم باللاجئين السوريين وبعضهم لديه مخاوف أمنية من العودة إلى سوريا وآخرون تعرض ذويهم وزملاؤهم للتهجير القسري أو القتل أو الاعتقال وجميعها أسباب تقاطعت فيما بينها عند قرار شبه جماعة برفض العودة.

وقالت ريمة حواط وهي طالبة سورية موفدة إلى إسبانيا أنها لا تعيش باستقرار في إسبانيا لكنها متمسكة بالبقاء فيها رغم أنها لم تحصل على الجنسية على العودة إلى سوريا.

وتساءلت “لماذا عليّ العودة إلى بلد يهرب الناس منه صباحاً ومساء؟، مضيفة أنّ عودتها تحتاج لتسوية وضعها القانوني والمالي ما يلزمها بدفع ملايين الليرات الغير متوفرة أساساً إضافة لعملها في القطاع الحكومي الذي بالكاد تكفي رواتبه للمعيشة لثلاثة أيام.

وتأخذ الحكومة على الطلاب كشرط إيفاد قانوني سندات أمانة على شكل ضمانات عقارية تكون من الموفد أو أهله أو أحد أفراد أسرته ولكن الموفد يعرف غالباً أنّه لن يعود فيوافق ضمناً على بيع العقار لاحقاً والذي يكون ثمنه أقل بكثير من تكلفة الدراسة وحتى من تكلفة الهجرة البرية أو البحرية بكل ما فيهما من مخاطر.

ويمكن القول إنّ هذا القبول الضمني ببيع العقار هو ما تشكّل لدى الفئة التي أُوفدت بعد الحرب والتي كان لدى جزء كبير منها تصوّر مسبق عن احتمال عدم العودة فيصحّ القول إنّهم استغلّوا الذريعة العلمية لتأمين سفر لائق إذ إن أي فرصة عمل في الخارج ستتيح لهم بسنوات قليلة، جمع ثمن المنزل الذي رهنوه لسفرهم.

وهذا ما حصل مع منار سالم الذي حاز الدكتوراه في فرنسا قبل سنوات ليتقدّم بعدها لنيل الجنسية هناك وكان قد رهن قطعة أرض تبلغ مساحتها دونمات عدة وتمّ بيعها لاحقاً حين انتهت مدة إيفاده ولم يرجع إلى بلده.

وقال سالم إنّ الأرض ليست مشكلة الآن، فهو تمكن من جمع أكثر من ثمنها خلال عمله في فرنسا مضيفاً أنّ والده أصرّ على بقائه في فرنسا وأن يعيش حياة أفضل.

ويعتبر أولئك الذين حظوا بفرصة الإيفاد إلى أوروبا قبل أن تشتد ظروف الحرب وتُفرض العقوبات تتالياً وتسوء الأمور دولياً أكثر حظاً بكثير من جيل الموفدين الذي أُرسل إلى إيران والهند وروسيا ودول أخرى في غالبها لا تمنح الجنسية ولا حتى الإقامة بعد انتهاء الدراس فيعودون إلى بلدهم.

ووفقاً لأحد الأشخاص من العاصمة دمشق وهو شقيق طالبة موفدة إلى الهند لنيل درجة الدكتوراه في تخصصها فإنّ الحكومة الهندية خلال جائحة كوفيد أخرجت الطلاب من سكنهم ما أجبرهم على الاستئجار بشكل خاص.

وأضاف أنّ عائلته قضت تلك الفترة وهي تستدين وترسل الأموال لشقيقته حتى تتمكن من استكمال دراستها لافتاً إلى أنّ وزارة التعليم العالي لم تبد أي اهتمام سواء بوضع شقيقته أو أي طالب آخر عانى من ذات الظروف.

وتقاطع العديد من الآراء حول قضية الموفدين الرافضين للعودة بضرورة توجه حكومة النظام السوري لتعديل بعض القوانين والأنظمة حتى لا تخسر القيمة العلمية والعملية التي يمتلكها هؤلاء الطلاب الذي أوفد معظمهم لتحصيل شهادات عليا في اختصاصات تعتبر نادرة في سوريا.