تشهد بلدتي زملكا وعين ترما تضييقاً أمنياً مُكثّفاً من قبل ميليشيات النظام السوري منذ خروج فصائل المُعارضة المُسلحة نحو شمال سوريا في آذار المُنصرم، ويُمنع الأهالي من الدخول إلى مناطق كثيرة في البلدتين إضافة إلى حي جوبر، بحجة المنطقة العسكرية وإزالة مُخلفات الحرب.
وبحسب مراسلو “صوت العاصمة” في الغوطة الشرقية، فإن سُكّان زملكا وعين ترما يخضعون لتشديد أمني مُكثف على الحواجز العسكرية المُنتشرة في محيط البلدتين، ولا يُسمح لهم بالتنقل بين بلدات الغوطة إلا بعد إجراء فيش أمني والتحقق من أوراق الثبوتية و “التسوية الأمنية”.
ولا تزال ميليشيات النظام حتى اليوم، تمنع الراغبين بالدخول إلى زملكا وعين ترما، قادمين من دمشق، من البقاء في تلك المناطق، ويُسمح لهم بالدخول لساعات مُحددة فقط، بعد ترك أوراقهم الشخصية عند الحواجز العسكرية، ويُحظر عليهم نقل ما تبقى من أثاثهم المنزلي، إلى خارج الغوطة، أو حتى داخلها.
وأكد مراسلو “صوت العاصمة” اعتقال ما يُقارب 11 شاباً في المدينة خلال الأسابيع الماضية بحجج أمنية، أهمها عدم استكمال أوراق التسوية، أو عدم إجراء تسوية و” مُصالحة وطنية”
وتخضع البلدتين لسيطرة الحرس الجمهوري بشكل مُباشر، وهو المسؤول الفعلي عن الملف العسكري للغوطة الشرقية منذ 2011، وتنتشر حواجز تابعة له في المُحيط، إضافة إلى تسيير حواجز مؤقتة، بالتنسيق مع جهات أمنية تابعة للنظام السوري بشكل دوري، خاصة في ساعات الليل، حيث أن تلك المناطق تشهد تواجداً كبيراً لدوريات النظام بحثاً عن مطلوبين للتجنيد، وآخرين لقضايا أمنية.
وقالت مصادر مُطلعة لـ “صوت العاصمة” أن النظام السوري رفض تسوية عشرات الشبان في زملكا وعين ترما، بحجة الانتماء السابق لـ “فيلق الرحمن” الفصيل المُعارض الذي كان يُسيطر على المنطقة، ووجود دعاوى شخصية بحق هؤلاء الشُبان، وتأكيد تورطهم في عمليات ضد جيش النظام.
ولم يطرح النظام السوري خيارات أخرى للذين رفض تسوية أوضاعهم، حيث أن التواري عن الأنظار هو الحل الوحيد أمامهم خوفاً من الاعتقال والمُلاحقة، خاصة مع فرز النظام لعشرات المُخبرين في الغوطة الشرقية لمُلاحقة رافضي التسوية والمُصالحة.
ويعتبر النظام السوري بلدتي زملكا وجوبر وعين ترما، معاقل رئيسية لـ”فيلق الرحمن” ومناطق جرت فيها أشرس المعارك على مدى سنوات طويلة، لقُربها من المُتحلّق الجنوبي، حيث كانت قوات النظام تتمركز.
أهمية هذه المناطق الجغرافية والعسكرية خلال السنوات السابقة، وتعرضها لضربات كيماوية خلفت أكثر من 1500 قتيل، ووجود الثقل العسكري المُعارض فيها، حولها لمناطق أمنية يصعب على السُكان العيش فيها.
ويحاول النظام السوري طمس جرائمه في تلك المناطق عبر سلسلة من عمليات الحفر لاستخراج جُثث قتلى مجازر الكيماوي، بالاستعانة من مُخبرين محليين، وبعض الضغط على أشخاص عاملين في المجالين الطبي والإغاثي سابقاً، قرروا البقاء في الغوطة الشرقية وتسوية أوضاعهم، فضلاً عن البحث المُستمر عن مستودعات الأسلحة والذخائر المدفونة في أنفاق وأقبية، كانت قد أعدتها فصائل المُعارضة سابقاً.
وشهدت بلدة زملكا في آب المنصرم، هجوماً استهدف حواجز تابعة للنظام، خلّف قتلى وجرحى في صفوف قوات الحرس الجمهوري، تلاها عمليات دهم استمرت لثلاثة أيام، جرى خلالها إغلاق المدينة بالكامل.
وفي حي جوبر، لا تزال ميليشيات النظام تفرض حظراً على دخول الحي للشهر التاسع على التوالي، بحجة إزالة مُخلفات المعارك والألغام، وتفجير الأنفاق.
وعلى عكس باقي مُدن الغوطة الشرقية، التي سُمح لأهلها وسُكانها الدخول بقصد الزيارة، يمنع النظام أي مدني من دخول حي جوبر، مع وجود استثناءات للعسكريين وأصحاب الوساطات والمحسوبيات.
المعلومات المُتداولة في دمشق، وفقاً لمصادر صوت العاصمة، أن الحي سيخضع لعملية تجريف كاملة، على غرار ما يجري في القابون حالياً، لإعادة إعماره دون وجود أي معالم قديمة للحي الذي شهد أشرس المعارك على مستوى سوريا.