بحث
بحث
صوت العاصمة

إصلاح أعطال الأدوات الكهربائية المنزلية تتجاوز نصف مليون ليرة

معظم الأعطال ناجمة عن تفاوت شدة التيار الكهربائي وانقطاعه والمفاجئ، وجمعية حماية المستهلك لا تسطيع تحديد أجور عمّال الصيانة

بدأت أزمة الكهرباء في سوريا قبل 11 عاماً وأصبحت اليوم من أسوأ المشاكل التي تواجهه السوريين على الاطلاق، حيث يبلغ متوسط انقطاع التيار الكهربائي أكثر من 21 ساعة يوميا، بسبب إجراءات الترشيد والتقنين التي وضعتها وزارة الكهرباء السورية، نظرا لنقص الفيول وإمدادات الطاقة.

وبحسب موقع الحل نت فإن هذا الانقطاع الكهربائي أثّر على المواطنين بشكل كبير، فرغم الأعباء التي اعتادوا تحمّلها، كالحرمان من التدفئة الكهربائية الشتوية والطبخ على الأدوات الكهربائية، بالإضافة إلى صعوبة الاستحمام، بسبب طول ساعات غياب الكهرباء، برزت مشكلة أعطال الأجهزة الكهربائية المنزلية، وغالبا ما يتسبب في تعطلها هو عدم التوازن في شدة التيار أثناء الانقطاع.

ولا تعتبر هذه المشاكل جديدة، ولكن الجديد هو ارتفاع تكلفة أعمال صيانة الأجهزة، فالعائلات التي تعاني أصلا من صعوبات اقتصادية وتعيش على رواتب وأجور متدنية للغاية اليوم تضاف عليها أعباءً أخرى، إذ إن كلفة صيانة عطل استبدال محرك غسالة أو براد مثلا تساوي نصف مليون ليرة سورية اليوم.

أقل عطل بنصف مليون!
ويعيش السكان في سوريا أوضاع مزرية، حيث أن الرواتب والأجور باتت أخفض بنسب كبيرة من مستوى المعيشة في البلاد، فمثلا إصلاح أدنى عطل في أي جهاز كهربائي في المنزل بات يكلف اليوم نحو 500 ألف ليرة سورية، أي نحو 65 دولارا، والأمر الأصعب هنا أن الأسرة لا تستطيع الاستغناء عنها.

أعطال الأدوات الكهربائية المنزلية تحدث بشكل شبه يومي عند الكثير من الأُسر، ومردّ ذلك حسب كثيرين إلى الانقطاعات الفجائية الكثيرة والمتتالية التي يشهدها التيار الكهربائي في معظم المناطق من دون استثناء، ودائما حجم العطل في أي من الأدوات المنزلية يُقاس بمدى شدة أو انخفاض التيار الكهربائي عند الانقطاع أو الوصل، بمعنى أن الحكومة هي السبب في هذه المشاكل وفي مضاعفة أعباء المواطنين الاقتصادية.

وأثارت فواتير الصيانة استغراب الكثيرين، لدرجة أن فكرة شراء بعض الأدوات الكهربائية المنزلية حين تعطّلها بات أرحم من إصلاحها، والمقصود هنا شراء المستعمل منها، وليس الجديد، وغالبا ما يلجأ المواطنون إلى أسواق الأدوات المستعملة على أمل إيجاد محرك براد أو غسالة مستعملة بنصف عمر أو أي قطعة كهربائية مستعملة بسعر أقل من القطعة الجديدة.

وأشار الموقع إلى أن أي عطب في محرك غسالة أوتوماتيكية مع تبديل بعض القطع الصغيرة يكلف اليوم ما لا يقل عن 800 ألف ليرة سورية، أضف إليها تكاليف النقل إلى الشركة المصنعة وإعادتها إلى المنزل.
وأعطال الشواحن الكهربائية لبطاريات الإنارة المنزلية من أبرز الأعطال اليوم، علما بأن قيمة إصلاح تلك الشواحن تتراوح ما بين 25-70 ألف ليرة، ويليها بالأعطال البرادات والغسالات والتلفزيونات ومن الملاحظ أن نسبة كبيرة من الأعطال التي تصيب تلك الأدوات تكون بالمحرك، وهذا يجعل تكاليف الإصلاح كبيرة، ثم يلي تلك الأجهزة المدافئ الكهربائية.

أسباب الأعطال
ويؤكد العديد من فنيي إصلاح الأعطال الكهربائية أنه ومنذ بداية فصل الشتاء الحالي زادت الأعطال الكبيرة التي تتعرض لها الأدوات الكهربائية المنزلية بسبب الانقطاعات الفجائية والمتتالية للتيار الكهربائي بموجب الحماية الترددية، مشيرين إلى أن ارتفاع تكاليف إصلاح الأدوات الكهربائية هو أمر طبيعي في ظل ارتفاع أسعار قطع الصيانة وارتباط الكثير منها بأسعار الصرف، كونها مستوردة بالقطع الأجنبي، إضافة إلى احتكار التجار لقطع ومستلزمات الصيانة، عدا عن تكاليف نقلها في وقت ترتفع فيه أسعار المحروقات.

وقال رئيس اتحاد حرفيي دمشق “علي قرمشتي” إن الاتحاد يضم 27 جمعية حرفية ومن ضمنها جمعية الكهرباء، مشيرا إلى أن من أسباب هذا الارتفاع هو غلاء أسعار قطع الإصلاح المرتبطة بسعر الصرف.

في حين تهرّب رئيس دائرة الأسعار في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بمحافظة ريف دمشق “إسماعيل المصري” عن مسألة تحديد أجور فنيي الكهرباء، وقال هي ليست من مهام حماية المستهلك وبالعموم يتم الاتفاق ما بين المواطن والفني على أجور الإصلاح.

ويرى آخرون أن القطع التبديلية في الأسواق رديئة للغاية، وتُتلف بعد فترة قصيرة من الاستخدام، كما وثمة العديد من حالات الغش والمواطن لا يمكنه فعل أي شيء، ذلك لأن هذه المهنة دون محاسبة أو رقابة، وكل صاحب مهنة يسعّر حسب مزاجه، الأسعار تتفاوت وترتفع مع ارتفاع تكلفة المعيشة.

بعض المراقبين يُرجعون سبب هذا الغلاء في الأسعار، أولا لتدهور قيمة الليرة السورية أمام النقد الأجنبي، وثانيا لغياب الدور الرقابي الحكومي، ويشيرون إلى أن المعضلة تكمن في أن معظم أصحاب هذه المِهن ليس لديهم سجل تجاري أو صناعي، وعملهم فردي أي عبارة عن محلات، أو أحيانا حتى بدون محلات يتم استدعاؤهم على الهاتف مما يسبب مشكلة في السيطرة على العديد من الشكاوى، بجانب تباطؤ الحكومة وتقصيرها في رقابة الأسواق عامة، حيث أن غياب تعليمات ناظمة لهذا الموضوع من الجهات المعنية، يُبقي الأمر مرهونا بعدم الانضباط.

التخلي عن الأدوات الكهربائية
منذ غياب الشبه التام للكهرباء عن منازل المواطنين في سوريا، والمشاكل والأعباء تتراكم لديهم، سواء عبر إيجاد بدائل عن بعض الحاجات التي كانت تغطيها الكهرباء، أو المشاكل التي تسببها هذه الانقطاعات، ونظرا لغياب أي دور حكومي بإيجاد حلول لهذا الأمر، باتت العديد من الأُسر تتخلى عن بعض الأدوات الكهربائية كالغسالة، والعودة إلى الوسائل البدائية، مثل غسل الملابس بشكل يدوي.

مشكلة انقطاع الكهرباء باتت الهاجس الأكبر الذي يرافق الحياة اليومية للسوريين، بل وأصبحت مصدر قلق لهم، ففي مشهد الحياة اليومية، أصبح حُلم كل بيت تقريبا تكملة “وجبة الغسيل” في ظل عودة البلاد إلى عصر ما قبل الكهرباء، وغياب المياه.

هذا الأمر حوّل الغسالة لتحفة فنية في المنازل السورية، لا فائدة منها سوى أنها تُخفي عيب الحائط خلفها، فقد بات العديد يفضلون العودة إلى العصور القديمة، بدلا من تحمّل أعباء اقتصادية هم غير قادرين على تحملها، فأعطال الأجهزة الكهربائية باتت تتكّرر بشكل سنوي.

وفي ظل كل المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها السكان في سوريا، يُزيد انقطاع التيار الكهربائي من معاناتهم والضغط النفسي الذي يفرضه عليهم من خلال إبقائهم في الظلام ليلا، أو حرمانهم من التدفئة أثناء الشتاء أو التبريد في الصيف بالإضافة إلى فساد الأطعمة أو تعفّنها في الثلاجات، ليأتي غلاء تكلفة صيانة الأجهزة الكهربائية، ويشكل عبئا إضافيا، مما يثقل كاهلهم أكثر وأكثر مما هم عليه.