بحث
بحث
انترنت

النظام السوري يعرقل تسجيل طلاب الجامعات ويبتكر آلية جديدة لاستغلالهم

وزارة التعليم العالي ألزمت الطلاب بشراء كتب لجني مبالغ مالية هائلة، ولا أحد يعلم أين تذهب هذه الأموال

ما زالت حكومة النظام السوري بوزاراتها كلها تستهدف جيب المواطن لكسب مزيد من الأموال عبر وسائل مبتكرة، قد تبدو للوهلة الأولى هذه الوسائل بسيطة، لكن في العمق هناك آلية معتمدة من خلال فرض ضرائب ورسوم تؤدي لجني مبالغ هائلة لا أحد يعلم أين تذهب وما الخطة التي وضعت من أجلها، بحسب تقرير لموقع تلفزيون سوريا.

مؤخراً وبعد مرور وقت على بدء تسجيل الطلاب في الجامعات، خرجت وزارة التعليم العالي بقرار مفاده بأنه لاستكمال عملية التسجيل ينبغي على كل طالب أن يشتري ثلاثة كتب ليحصل على وصل بالمبلغ المدفوع والذي يجب ألا يقل عن عشرة آلاف ليرة، ولا يمكن استكمال التسجيل من دونه.

ما أسباب هذا القرار؟
حسب زعمهم هو لضمان “طلاب مثقفين يقرؤون من الكتب ولا يستعينون بالمحاضرات المختصرة”، لكن ما يحدث على أرض الواقع مختلف تماماً.

الكتب غير موجودة
“جاد” طالب في كلية الإعلام يتحدث عما حصل معه في أثناء التسجيل يقول: “توجهت للمستودع لأشتري الكتب فلم أجد تلك التي أريدها فقرر أمين المستودع أن يعطيني كتباً لمواد قد أنهيتها في السنوات السابقة، لم أتمالك نفسي وحصلت مشادة بيني وبينه، وقررت إكمال التسجيل دون وصل، لكن ذلك تطلب مني دفع ضعف المبلغ للموظف كي يكمل لي أوراقي”.

تتكرر الحالة نفسها مع العديد من الطلبة، إذ تتحدث “ندى”، وهي طالبة في كلية اللغة الإنكليزية، لتلفزيون سوريا عن موقف مشابه، تقول:

“بعد معرفتي بالقرار توجهت إلى مستودع الكتب في منطقة الجمارك في البرامكة وبعد انتظار طويل في طابور الطلاب المنتظرين، وصلت إلى المسؤول عن بيع الكتب وطلبت ثلاثة كتب لمواد أود تقديمها، فأجابني بأنها غير موجودة ثم أخرج ثلاثة كتب لقسم الجغرافيا وأعطاني إياها، أعدت عليه بأنني في كلية اللغة الإنكليزية ليجيب بأنه لا تتوافر كتبها وأن الكتب التي انتقاها لي سوف تفيدني، في النهاية لم آخذ الكتب وطلب مني خمسة عشر ألف ليرة للحصول على الوصل الذي لن أتمكن من إتمام عملية التسجيل من دونه”.

من الصعب فهم هذه الآلية المفتقرة للعلم والمهنية في التعامل مع الطلاب، فالهدف المادي هو أساس جميع القرارات دون النظر لمدى قدرة المواطن على هذه المراكمة بتسديد مبالغ هو بغنى عنها دون أن تعود عليه بأي فائدة، والموضوع يصبح أكثر تعقيداً بالنسبة لطلبة الجامعة خاصة وأن رسوم التسجيل والمواصلات وأسعار المحاضرات في ارتفاع دائم مما يجعل الغالبية عاجزين عن متابعة تعليمهم.

قرارات عشوائية
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد فالقرارات التي تصدر غالباً ما تصدر بطريقة عشوائية، قرار شراء الكتب لاستكمال التسجيل مثلاً صدر بعد بدء التسجيل بفترة وهناك طلاب كثر كانوا قد سجلوا في الجامعة قبل ذلك.

يقول محمد وهو اسم مستعار لطالب جامعي: “عندما سجلت في الجامعة لم يكن قد صدر القرار وبعد استكمالي للتسجيل اكتشفت أنه ألغي بسبب هذا القرار واضطررت لإعادة العملية مرة ثانية”.

قلّة من يدرسون من الكتب الجامعة أو يشترونها حتى، إذ يعتمد الطلاب في دراستهم للمواد الجامعية على المحاضرات التي يلقيها الدكاترة ويسجلها أحد الطلاب لصالح مكتبة يتعاقد معها تقوم بطباعتها وبيعها والتي غالباً ما يشير الدكتور إلى المعلومات المهمة فيها والتي يتوجب دراستها.

المحاضرات دائماً تكون مختصرة وتحتوي على المعلومات الأهم التي هم بحاجتها، وهناك صفة غالبة على جميع كتب الجامعات بأنها تحتوي على كثير من المعلومات المكررة فضلاً عن الطباعة الرديئة، فمعظم صفحات هذه الكتب لا يمكن قراءتها بسبب عدم وضوح الطباعة وتكرار الصفحات، هي مناهج جميعها تعود لسنوات قديمة جداً ولم يتم تجديدها لتتماشى مع المعلومات الحديثة بأي فرع كان، ولكن من وجهة نظر وزارة التعليم على الطلاب شراؤها كي يزيدوا من ثقافتهم.

رسوم مضاعفة
باتت الجامعات الحكومية تفرض رسوماً مضاعفة على الطلاب لتصبح مقاربة للجامعات الخاصة في تكاليفها، إذ يعامل كل طالب استنفد سنوات دراسته في الجامعة وعاد بمرسوم معاملة طالب الجامعة ذات النظام الموازي، فيدفع رسوم تسجيل تقارب السبعين ألف ليرة، وفي حال لم يكن مستنفداً وكان طالباً نظامياً يحتاج الطالب السوري شهرياً على أقل تقدير من مئتين إلى ثلاثمئة ألف ليرة بين أجرة مواصلات ومحاضرات دون المصاريف الشخصية.

يبلغ الاشتراك الشهري في باصات الجامعة “الباباتورز” مئة ألف ليرة، وإذا كان الطالب يستخدم المواصلات العادية فالكلفة الشهرية ستكون أكبر نظراً للأزمة في المواصلات، كذلك الأمر بالنسبة للمحاضرات والتي يشتريها الطلاب مختصرة لسهولة الدراسة لكنها ليست برخيصة أيضاً وهذا يشكل عائقاً أمام كثيرين فيلجؤون لإيقاف دوامهم أو ينقطعون لفصل ويعودون.

تتحدث رؤى حول ذلك وتقول: “بدأت الدراسة في العام 2019 لكنني اضطررت للانقطاع سنة ثم العودة ثم الانقطاع لسنة أخرى والسبب كان عدم قدرتي على دفع رسوم التسجيل وشراء المحاضرات، الآن ما زلت في السنة الثانية ومن المفترض أن أكون قد تخرجت”.

كثير من الطلاب خسروا دراستهم ولجؤوا لتعلم مهن يستطيعون تحقيق ربح سريع من خلالها، هناك عدد لا بأس به من الطلبة الذين توقفوا في سنواتهم الأخيرة عن إكمال تعليمهم بسبب صعوبة تأمين المصاريف الجامعية، ما من حلول أو خطط واضحة المعالم أو مستقبل ينتظر هؤلاء بعد تخرجهم من الجامعات، وبالرغم من كل هذه الضغوطات يمتص هؤلاء الشباب غضبهم وعجزهم ويكملون على أمل أن يتغير واقعهم ذات يوم.