بحث
بحث
انترنت

كسر “قانون قيصر”.. مطالبات أردنيّة ذات أبعاد اقتصادية

العقوبات لم تمنع نظام الأسد من الحصول على التسليح ولم يتأثر نشاطه في تجارة المخدرات، والأردن أكثر الدول المتضررة من العقوبات

وقّع 25 نائباً أردنياً مذكرة نيابية تطالب الحكومة الأردنية بمخاطبة الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وجميع الدول المشاركة في العقوبات المفروضة على النظام السوري، لإنهاء الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة على النظام.

وطالبت أحزاب سياسية أردنية وناشطون سياسيون واقتصاديون أردنيون في وقت سابق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، برفع العقوبات عن النظام السوري وكسر العمل بـ”قانون قيصر” وإعادة العلاقات الاقتصادية بين سوريا والأردن.

جاء ذلك بعد عدة أيام من وقوع الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا، إذ كانت الأردن من الدول التي سارعت إلى إرسال مساعدات إغاثية، منها إلى حلب عبر مطار حلب الدولي وإلى دمشق عن طريق البر.

طموح أردني اقتصادي
خبير الأمن الاستراتيجي في قضايا الشرق الأوسط “عمر الرداد” قال لموقع تلفزيون سوريا: “إنّ توجيه نواب أردنيين
مذكرة للحكومة تطلب مخاطبة الإدارة الأميركية لرفع العقوبات عن النظام السوري بمرجعية تسهيل الإغاثة للسوريين بعد الزلزال، تنسجم إلى حد كبير مع توجهات القيادة والحكومة الأردنية، وهدفها إظهار أن هناك مطالب من السلطة التشريعية ممثلة بالنواب، رغم أن ذلك لا ينفي استمرار انقسام المجتمع الأردني بين مؤيد ومعارض للانفتاح على نظام الأسد”.

وأضاف: “تلك المذكرة إلى جانب قيادات ومراكز اقتصادية تتطلع إلى إعادة الانفتاح على سوريا لتحقيق مكاسب اقتصادية للبلدين، خاصةً أن الأردن من أكثر الدول المتضررة من (قانون قيصر) في ظل أوضاعه وأزماته الاقتصادية، كما يفاقم من المشكلة، العلاقات غير المستقرة مع الجوار، خاصة سوريا التي كانت نافذة في ظل إقليم ملتهب”.

ويبرر “رداد” تلك المطالبات بالقول: “المشكلة الاقتصادية في الأردن، والطموح بعودة التبادل التجاري لإنعاش الاقتصاد هما السبب الرئيسي”، مردفاً: “يجب أن نتذكر أن الأردن يسير بفضاءات ومدارات القوى الكبرى ومراكز الثقل العربية، بمعنى أنه لا يستطيع أن يتخذ موقفاً مخالفاً، رفع العقوبات مدخل ليس لإعادة شرعية النظام السوري وعودة العلاقات وحسب وإنما يسهم في عرقلة تأهيل النظام”.

وسبق أن عُقدت الآمال في الأردن، عندما حاول العاهل الأردني الحصول على استثناء من “قانون قيصر”، حينما التقى بالرئيس الأميركي جو بايدن، في شهر تموز 2021، رغم فتح الحدود البرية مع سوريا وعودة خطوط الترانزيت، فإن ذلك لم يُحقّق الآمال المرجوة بعودة التبادل التجاري كما كان قبل 11 عاماً.

مطالب دولية
بحسب استطلاع أجرته شبكة “CGTN” عبر الإنترنت، دعا نحو 94.29% من المشاركين في الاستطلاع، إلى الرفع الفوري للعقوبات الأميركية وتسهيل جهود المساعدات الإنسانية.

وعلى منصات “CGTN” الإنجليزية، شعر 94.52% من المستطلعين بخيبة أمل من العقوبات الأميركية، مطالبين برفعها من دون شروط، وصوت نحو 87.35% على منصات “CGTN” العربية، و95.62% من المشاركين على منصات “CGTN” الإسبانية، وكان لديهم الرأي ذاته، وجوب إلغاء العقوبات.

كذلك، حثّ عدد من خبراء الأمم المتحدة المستقلين، المجتمع الدولي على رفع جميع القيود الاقتصادية والمالية الناجمة عن “العقوبات الأحادية المفروضة على النظام السوري بعد كارثة الزلزال المدمر.

وقال الخبراء المستقلون: إنّ “العاملين في المجال الإنساني يواجهون تحديات مستمرة بسبب العقوبات، بما في ذلك ما يتعلق بالتحويلات البنكية وعمليات الشراء”، مشيرين إلى أنّ “السوريين في الخارج غير قادرين على تقديم الدعم المالي لسوريا عبر الحوالات أو أشكال التمويل الأخرى”.

وشدّدوا على حتمية أن يعمل المجتمع الدولي، خاصة الدول التي تفرض العقوبات، بشكل عاجل، على وضع حد لـ”العقوبات الأحادية المفروضة على سوريا المحرومة من البنية الأساسية الحيوية، والتي تحتاج بشدة إلى التعافي وإعادة الإعمار بعد حرب استمرت لأكثر من عشر سنوات”.

من جانبها، أوضحت سفارة الولايات المتحدة في سوريا عبر حسابها الرسمي على “تويتر”، أنّ العقوبات لا تستهدف المساعدات الإنسانية، مؤكدةً أن العقوبات تسمح بالأنشطة الداعمة للمساعدات، بما في ذلك المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري”.

يقول الخبير الأمني عمر الرداد، إنّ “رفع العقوبات يُشكل عنواناً عريضاً يفيد الاعتراف بالنظام السوري وأداة من أدوات منحه الشرعية في المرحلة المقبلة، قضية المساعدات الإنسانية على خلفية الزلزال فتح الأفق أمام النظام، للسعي وراء الاعتراف به باعتباره المسؤول عن أراضيه، رغم أن ذلك لا يشكل حقيقة على أرض الواقع وتحديداً في الشمال السوري”.

وأكّد أنّ “النظام السوري استغل الزلزال في تحقيق مكاسب عدّة أبرزها: إعادة الاعتراف، والمطالبات بطرح الموضوع في مجلس الأمن للضغط على النظام السوري للقبول بذلك، وهو ما يعني تثبيت شرعية النظام”.

ويرى “رداد” أنّ “أي خطوة من شأنها رفع العقوبات عن النظام السوري ستمنحه دفعة نحو مزيد من التشدّد والتعنت بالحلول في ظل اعتراف به، ويفترض أن يُترجم رفع العقوبات ولو بشكل مؤقت على خلفية الكوارث والزلزال بأنه شرعنة للنظام السوري للاستمرار بسياساته السابقة، خاصة أن ذلك جاء بعد سلسلة من الخطوات التي سبقت الزلزال أبرزها: التقارب التركي السوري والمفاوضات السياسية وطرح تساؤلات حول إمكانية لقاء يجمع الأسد وأردوغان أو وزراءه”.

وتابع: “العالم لا يستطيع على الصعيد الإقليمي والدولي القبول بالسياسات والممارسات نفسها التي كان يتبعها النظام السوري وهذا ما يجب أن يفهمه النظام، حتى على مستوى المساعدات التي تقدم إلى سوريا والاعتراف بالنظام، يجب أن يفهم أنّها ليست في إطار آمال وتطلعات، بقدر ما هي متطلبات بضرورة التغيير والاستجابة لمطالب الشعب السوري الذي لم يعد يحتمل المزيد”.

هل تأثر النظام السوري بـ”قانون قيصر”؟
يقول الخبير الأردني في الشأن السوري صلاح الملكاوي، إنّ “الحديث عن إلغاء قانون قيصر يتطلب منا طرح عدة أسئلة تبدأ بمدى تأثّر الدول الحليفة للنظام بهذا القانون، وهل حد من نفوذ وسيطرة تلك الدول؟”.

ويضيف: “ما يزال التسليح يصل إلى النظام السوري سواء عن طريق مطار دمشق أو عبر المعابر الحدودية العراقية أو اللبنانية، وما تزال روسيا تزوّد النظام بالأسلحة عبر بواخر تعبر مضيق البوسفور في تركيا”.

وبحسب “الملكاوي”، فإنّ “النظام السوري لم يتأثر من قانون قيصر، فما زال يحصل على التسليح، بينما يرى أن النظام تأثر اقتصادياً وهو المستفيد الأول من رفع العقوبات، لأنه لم يحقق المكاسب الاقتصادية التي يتطلع لها”، ولكن يشير الملكاوي إلى أنّ “عقوبات قيصر كانت ضغوطات مادية لكنه بحث عن مصادر تمويل أخرى أبرزها تجارة المخدرات التي كان ضررها الأكبر على دول الجوار”.

ويضيف: “منذ أيلول الماضي عادت وتيرة الملف السوري كملف ساخن في المنطقة، وملف تنافس بين الأميركان والروس بعد تفويض غربي للروس، مما جعل أميركا تسعى لتقوية أوراقها للرد، وهذا يعني أن المشهد السوري سيشهد أحداثاً ساخنة في المرحلة المقبلة”.

وتابع: “إلغاء قانون قيصر أمر مستبعد، لكنه يفتقر للتطبيق الدقيق بمنع الأسلحة للنظام السوري لأن استمرار تدفق الأسلحة ينعش الحالة الميليشياوية في سوريا، ويفرز حضور اللادولة ويؤدي إلى حالة تشظ حتى لو سقط النظام بعد سنوات، فالميليشيات تحيا على شحنات الأسلحة التي لم تبق العقوبات ضدها”.

وشهدت العلاقات الأردنية السورية تطوراً واضحاً، الأربعاء الفائت، بعد أن زار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، العاصمة دمشق والتقى برئيس النظام السوري بشار الأسد، وذلك في زيارة هي الأولى من نوعها بعد علاقة مضطربة وقطيعة استمرت لأعوام، لتُطرح الأسئلة عن شكل العلاقة بين الجانبين، خلال الأيام المقبلة