يحاول النظام السوري كبح جماح الليرة السورية بعد النزيف الحاد الذي طاولها أخيراً، وذلك عبر إيقاف العمل بنظام تمويل المستوردات حتى نهاية العام الحالي، تحت ذريعة اكتفاء السوق.
ومن المتوقع أن يقود الإجراء الحالي إلى موجة ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية، بالتزامن مع نقص في السلع الأساسية، ما يفاقم من حدة تهديدات الأمن الغذائي في مناطق سيطرة النظام السوري.
ونقلت صحف موالية عن مصدر في “مصرف سوريا المركزي” أنه لا توجد ضرورة لاستيراد المزيد من المواد الغذائية الأساسية حتى نهاية العام الحالي، مشيراً إلى أن هناك ما يكفي حاجة الأسواق.
وأضاف المصدر أن “مصرف سوريا المركزي” كان يلبي كل عمليات تمويل المستوردات من مواد غذائية أساسية، لكن ليس كما يريد التجار بل كما تتطلبه حاجة السوق.
وبالموازاة، نشر “المركزي” عبر حسابه في “تليغرام” بياناً أكد فيه متابعته المستمرة لعمليات تداول الليرة السورية في سوق القطع الأجنبي، وأنه “سيتم التدخل باتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حد للمضاربين والمتلاعبين بسعر الصرف”، وذلك بعد الانهيارات الحادة التي طاولت الليرة السورية حيث وصل سعر الدولار الواحد إلى 4500 ليرة سورية.
خزينة فارغة
أعاد النظام في حزيران 2021 العمل بدولار المستوردات، وجرى ترويجه حينها، كمنجز جديد عقب انتخابات الرئاسة. وتقضي سياسة تمويل المستوردات بلجوء “المركزي” إلى بيع القطع الأجنبي لمستوردي المواد الأساسية بالسعر الرسمي.
ويعزو الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر لجوء “المركزي” إلى إيقاف تمويل المستوردات، إلى تعمّق الأزمة الاقتصادية لدى حكومة النظام في الأشهر القليلة الماضية، خصوصاً في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
ويضيف لـ”المدن” أن “المؤشرات تدلّ على أن كمية النقد الأجنبي في خزينة “المركزي” تمضي في تراجع حاد”، مشيراً الى انه “للحدّ من هذا العجز، قلّص المصرف تمويل المستوردات”. وقال: “لتبرير هذا الأمر تدعي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن كمية المواد الموجودة في مستودعات التجار تكفي لأشهر”.
ومن المتوقع، حسب السيد عمر، أن يؤدي إيقاف تمويل المستوردات إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية المرتفعة أساساً، وسيؤثر أيضاً على توفّر السلع الضرورية التي يمكن أن تعاني من شحّ كبير، ما سيزيد من تفاقم الأزمة المعيشية للمواطنين.
وحول آليات تدخل “المركزي” للحدّ من تدهور الليرة السورية، يرى عمر أن “المركزي السوري”، “لا يملك في ظل الظروف الحالية أي أدوات مالية أو نقدية للتدخل في سوق الصرف، لذلك يلجأ إلى الأدوات الأمنية، المتمثلة بالضغط الأمني على التجار وأصحاب رؤوس الأموال، وهذا الضغط سيعزز من الواقع الاقتصادي السيء في الدولة”.
نقطة ضعف
وتعزز اللهجة القاسية التي شنها “المركزي” على المستوردين من فرضية أزمة القطع الأجنبي العميقة التي يعانيها النظام. وذكرت صحف موالية أن حكومة النظام على دراية بـ”ما لدى التجار في مستودعاتهم من مواد وما تم استيراده وما هو موجود في المرافئ السورية وما هو قيد الشحن”، وذكرت أنه “لن يسمح لهم بممارسة أي ضغط على الليرة السورية، لا بل عليهم أن يكونوا شركاء في دعم عملتهم الوطنية والاكتفاء بما يحتاجه السوق من مواد والاستيراد بشكل متتالٍ حسب الحاجة الفعلية للمستهلك”.
ويرى يحيى السيد عمر أن اللهجة القاسية الموجهة من قبل المركزي ووزارة التجارة الداخلية إلى التجار “هي محاولة لإلقاء اللوم عليهم في ما يتعلق بارتفاع الأسعار وفقدان المواد من السوق، وهذا الأمر يعدّ نقطة ضعف في السياسة الحكومية؛ فالحكومة يفترض بها امتلاك أدوات قادرة على ضبط السوق، وهذا ما تفتقده حكومة النظام بمختلف مؤسساتها”.
المصدر: صحيفة المدن