نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” تقريراً قالت فيه إن ميليشيا “حزب الله اللبناني”، تُصعّد تحركاتها تجاه إسرائيل، معتبرة أنه إشارة لتبدّلٍ ما طرأ على معادلة الردع التي كانت موجودة منذ أكثر من عقدٍ من الزمن.
وقالت المديرة التنفيذية، ومؤسسة مركز “ألما” للدراسات، المقدم احتياط “ساريت زهافي”، إنه هناك تغيير في سياسة حزب الله، مضيفة: “إنهم يظهرون تواجداً أكبر على الحدود، وهم أكثر استفزازاً لنا، وبشكلٍ عام يظهرون مزيداً من الاستعداد للعودة إلى الواقع الذي كان موجوداً قبل عام 2006”.
وأكدت زهافي لصحيفة “جيروزاليم بوست” أن إسرائيل لم تتخذ قراراً بعد بشن هجوم عسكري كبير لمنع تسليح حزب الله”.
الشرعية السياسية والدور العسكري
وتعتبر الصحيفة الإسرائيلية أن نصر الله أدخل نفسه في خطابه المتلفز الذي هدد فيه بقلب الطاولة بوجه العالم، بقوةٍ كلاعب رئيسي في المفاوضات الجارية بين إسرائيل ولبنان على حدودهما البحرية المتنازع عليها، بعكس رد فعل إسرائيل “المنضبط” على خطابه، ما يشير إلى عدم الرغبة في تصعيد الموقف.
من جهته، رأى الأستاذ في قسم البحوث السياسية بجامعة “بار إيلان”، والخبير في الاستراتيجية العسكرية والاستخبارات، إيال بينكو، أن” حزب الله يحاول ضمان بقائه السياسي في خضم الفوضى في لبنان”.
أما فيما يتعلق بقدرات حزب الله العسكرية، فيقول بينكو أن الجندي العادي في حزب الله بات أكثر خبرة وتدريباً من الجندي الإسرائيلي العادي، مضيفاً “قوة حزب الله النارية كبيرة للغاية، وليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت إسرائيل ستكون قادرة على التعامل معها”.
وعلى الرغم من إمتلاكه ما يزيد عن 50 ألف مقاتل، إلى جانب الدعم الإيراني المستمر، تعتقد الصحيفة أن الأمين العام للحزب حريصٌ على العمل ضد إسرائيل بطريقة تقلل من إمكانية إشعال صراع شامل، فهو، برأيها، مقيّدٌ بسبب ضعف أدائه السياسي في لبنان، وهو ما يعود إليه بينكو ليؤكد “إن قدرة نصرالله على استخدام قوته العسكرية لم تتضرر، لكن شرعية قيامه بذلك تتضاءل”.
مخاطرة محسوبة!
وتتابع الصحيفة الإسرائيلية بالقول إن مشاهد الأحياء المدّمرة في العاصمة اللبنانية بيروت لعبت دوراً رئيسياً في التأثير الرادع تجاه حزب الله على مدى السنوات الـ 16 الماضية، فلا يزال نصر الله يقضي معظم وقته في الاختباء متوجساً من تدبير إسرائيل عملية لاغتياله، ومنذ حرب تموز 2006، وقعت حوادث عنف متفرقة بين حزب الله وإسرائيل على طول الحدود، ولم تنزلق الأمور إلى منحىً خطِر.
لكن بقدر ما تخدم ترسانة إسرائيل الرادعة، يلعب دور حزب الله الإقليمي ومكانته المحلية دوراً أكبر في منع الحرب، إذ تقول زهافي للصحيفة “الوضع في لبنان هو أحد العوامل التي تقيد حزب الله حالياً. إيران مهتمة بإثارة التوترات على طول الحدود، وتفعل ذلك بعناية، لكننا نرى أيضاً ضعفاً أميركياً بينما يقوم نصر الله بتوجيه التهديدات تزامناً مع زيارة بايدن للمنطقة”.
وتخضع الحرب في أوكرانيا والقدرة الروسية على الالتفاف على العقوبات الدولية لمراقبة دقيقة من قبل نصر الله ورعاته في طهران، وفق الصحيفة التي نقلت عن سكان في شمال إسرائيل وجود متزايد مرئي لعناصر حزب الله على الحدود، وهذا للمفارقة واقع لم يكن موجوداً قبيل حرب 2006.
وبيّنت زهافي أن “احتمال المواجهة آخذ في الازدياد مع تزايد الاحتكاكات، ولكن الحزب يتفهم تكلفة الحرب، ويعتقد أن الإجراءات التي يقوم بها الآن لن تسير به إلى هناك، فهو يرى أن تحركاته لا تشكل مخاطرة فعلية”.
والتقى الوسيط الأميركي لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان “آموس هوكشتاين”، وزيرة الطاقة الاسرائيلية، “كارين الحرار”، لكنه لم ينقل أي رسالة مهمة من الجانب اللبناني، وتحدث عن تقليص بعض الفجوات، مشيراً أنّه سيواصل المناقشات بعد عودته من السعودية.
ونقل الإعلام الإسرائيلي عن وزيرة الطاقة الإسرائيلية قولها إنها “اجتمعت بالوسيط الأميركي لشؤون المفاوضات بشأن الحدود البحرية مع لبنان، آموس هوكشتاين، ولم يعرِض الموقف اللبناني من المسائل الخلافية”.
وتحدث الإعلام الإسرائيلي عما أسماه “خيبة أمل شديدة” مما سمعه الإسرائيليون من هوكشتاين، الذي لم ينقل أيّ مرونة من جانب لبنان، فيما ذهبت قناة “كان” الإسرائيلية لوصف ملف ترسيم الحدود البحرية بالأكثر تفجّراً بعد خطاب نصر الله الأخير.