بحث
بحث
انترنت

ماذا وراء الصفقة بين الأسد وحماس برعاية حزب الله

تعددت صيغة التصريحات التي أدلى بها مؤخراً مسؤولون في حركة حماس، عن استئناف العلاقات مع النظام السوري بعد قطيعةٍ دامت عقداً كاملاً. وبعد جهودٍ مضنية بدأها حزب الله في العام 2018 لإعادة العلاقة بين النظام وحماس، تشير المعلومات إلى أن جهود الحزب الأخيرة أفلحت في تليين المواقف باتجاه إعادة التقارب بين الطرفين.


مصدر قلق إسرائيلي
هذا التقارب الأخير يشكل بالنسبة لإسرائيل مصدر قلقٍ كبير في لحظةٍ حرجة تُضاف إلى ملفاتٍ عدة على سلم الأوليات. ذلك أن المطلعوّن على هذا الملف في الدولة العبرية يؤكدون صحة ما تسرّب من معلوماتٍ عن المصالحة بين النظام السوري وحماس. وذهب الدكتور مايكل باراك، الباحث البارز في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في جامعة “رايشمان” في هرتسليا، للقول بأن الحزب منخرط بقوة في هذه المصالحة، مستفيضاً بالتحذير “هذا مصدر قلق لإسرائيل لأننا نعلم أن حماس تعزز وجودها في لبنان. وإذا ما افتتحت حماس مقراً لها في سوريا، فيمكنها البدء في بناء القدرات في سوريا أيضاً”.

وفي مقابلةٍ أجراها مع موقع “أخبار اليهود”، اعتبر باراك أنه بوجود جزء كبير من سوريا تحت السيطرة الإيرانية، فإن لدى حماس فرصة جديدة للحصول على أسلحة من القوات المدعومة من إيران في المنطقة كحزب الله والميليشيات الشيعية الموالية لإيران.


دور الحزب
وتحدث باراك عن التغييرات التي حدثت منذ عام 2012 والتي سهلت المصالحة، إذ قال “يجب أن نتذكر أن الظروف الجيوستراتيجية قد تغيرت. في عام 2012، صعد رئيس جماعة الإخوان المسلمين المصرية حينذاك محمد مرسي إلى السلطة ما أدى إلى نسف حماس لعلاقاتها مع النظام السوري. كما قلصت حماس العلاقات مع إيران إلى الحد الأدنى. ولكن منذ ذلك الحين، أصبح نظام الأسد أقوى؛ وتابعت إيران تقدمها في برنامجها النووي؛ ثم ولّى زمن مرسي؛ وبقيت حماس معزولةً في المنطقة”.

ثم أكمل موضحاً “خلصت حماس إلى أنه من الصواب أولاً تحسين العلاقات مع إيران من خلال تدخل حزب الله. والآن ساعد الحزب إياه في تأمين المصالحة بين حماس وسوريا، وهذا جزء من حساب إستراتيجي إيراني لتحويل سوريا إلى منطقة نشاط أخرى لمنظمات إرهابية فلسطينية”.


العمل من لبنان
وبالنظر إلى المستقبل، طرح باراك سيناريو يمكن أن تكون فيه حماس رأس الحربة للفصائل الفلسطينية في سوريا بمباركة حزب الله وإيران. ففي 23 حزيران المنصرم، التقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، مع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، في بيروت في أول لقاءٍ بينهما منذ عام. وفي بيروت أيضاً، عقد حزب الله مؤخراً سلسلة اجتماعات مع فصائل فلسطينية أخرى، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجهاد الإسلامي.

من هنا، يقول باراك إن الهدف من هذه اللقاءات هو إيجاد طريقة لتوحيد الصفوف ومناقشة كيفية تقوية الكتلة الفلسطينية في “محور المقاومة”. مضيفاً “تحاول حماس إنشاء آلية قيادة وتحكم مع الفصائل الفلسطينية الأخرى في لبنان حتى تتمكن من العمل بطريقة أكثر فاعلية من هناك، وباب سوريا بات مشرّعاً راهناً. وهذا عامل مضاعف للقوة”.

أما بخصوص مصر، التي تشعر بالقلق أيضاً من تطلعات الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط، وتنظر بعين الريبة على اندماج حماس المتزايد مع المحور الإيراني. قال باراك: “هذا يجعل حماس تبدو أسوأ في عيون المصريين، وكأنها تقترب من الهلال الشيعي الإيراني”.

الغاز المصري وخط الأنابيب
على الجهة المقابلة، وفيما يتعلق بتوقيع اتفاقية نقل 650 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً من مصر إلى لبنان عبر سوريا، وذلك في مراسم أُقيمت بوزارة الطاقة اللبنانية في بيروت.. أكد حمدي عبدالعزيز، المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي باسم “وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية”، في مكالمة هاتفية مع موقع “مونيتور” الأميركي، أن خط الأنابيب البالغ طوله 1200 كيلومتر يمتد من مصر إلى الأردن، ثم من سوريا إلى لبنان، يتكون من أربع مراحل. تبدأ المرحلة الأولى من العريش في مصر إلى العقبة في الأردن. وبدأت إمدادات الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن في ظل هذه المرحلة في عام 2003.

وتمتد المرحلة الثانية من العقبة إلى منطقة الرحاب التي تبعد 30 كيلومتراً عن الحدود الأردنية السورية. مشيراً إن إمدادات الغاز لمحطات توليد الكهرباء في الجزء الشمالي من المملكة الأردنية بدأت في شباط 2006. أما المرحلة الثالثة فتمتد بطول 30 كيلومتر من رحاب الأردن إلى منطقة جابر في سوريا، واكتملت تلك المرحلة في عام 2008.

ولفتّ عبدالعزيز إلى أن المرحلة الرابعة، التي تمتد من منطقة جابر على الجانب السوري من الحدود الأردنية السورية إلى لبنان، بدأت في نقل صادرات الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان في تشرين الثاني 2009 وتوقفت في 2011.

التردد الأميركي
وتعليقاً على الوضع الحالي في سوريا، قال عبد العزيز إن المباحثات جارية حول قدرة شبكة الغاز السورية على ضخ الغاز إلى لبنان. مشيراً أنه ستكون هناك اتفاقيات بشأن الأسعار والشروط التجارية، بعد الحصول على الموافقة الأميركية لتصدير الغاز المصري إلى لبنان عن طريق تمويل البنك الدولي، موضحاً في الوقت عينه أن الإجراءات الحالية جارية في ظل عدم وجود أي اعتراض من قبل واشنطن.

من جهتها، قالت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذة الاقتصاد بجامعة “عين شمس”، في حديثها مع الموقع الأميركي، أن لبنان يعاني من نقص كبير في مصادر الطاقة ومشاريع البنية التحتية، وتبعاً لذلك سيدعم تصدير الغاز المصري إلى لبنان التكامل الاقتصادي العربي ويعزز العلاقات مع لبنان. مرددةً إن أسباب التأخير في توقيع اتفاقية التصدير هي العقوبات الأميركية على سوريا. وهذا تحديداً ما عاد وأشار إليه الموقع في نهاية التقرير، بالتذكير أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لم تتخذ قراراً نهائياً بشأن ما إذا كانت الخطة ستنتهك العقوبات المفروضة على سوريا.

المصدر: صحيفة المدن