بحث
بحث
انترنت

بهدف إقصاء الشركات الصغيرة.. النظام يفرض رسوماً باهظة على الطاقة البديلة

اعتبرت الشركات المستثمرة في مجال الطاقة البديلة أن قرار استخدام اللاصقة الليزرية من قبل مختبر الطاقات البديلة الاستثماري الخاص في سوريا، خطوة للتضييق عليها، دون الأخذ بالاعتبار المواطن الذي يعتبر أكبر المتضررين من القرار.

وفي التفاصيل، منح المركز الوطني لبحوث الطاقة، مختبر الطاقات البديلة في سوريا، صلاحية اختبار المعدات وتجهيزات الطاقة المستوردة من الخارج في شهر أيار الفائت، ووضع لاصقة ليزرية للتأكد من جودة التجهيزات مقابل رسوم مالية ثابتة.

وسيتقاضى مختبر الطاقات البديلة 65 ليرة سورية عن كل واط في اللوح الشمسي، وبالتالي فإن لوح الطاقة بقدرة 400 واط تصل رسومه إلى 26 ألف ليرة، بينما تبلغ رسوم الأمبير الواحد للبطاريات 288 ليرة، ما يعني أن البطارية بقدرة 240 أمبير تكون رسومها 69120 ليرة، وأيضاً 17 ليرة لكل واط في جهاز الأنفيرتر، وهو محول تيار من مستمر إلى متناوب، ما يعني أن رسوم الجهاز المستخدم تبلغ 85 ألف ليرة سورية.

ومُنِح اعتماد فحص الأجهزة لمختبر الطاقات البديلة الاستثماري الخاص، وتم إلزام أصحاب الشركات بالتقيد به واعتبار الأجهزة التي لا تحمل بطاقة ليزرية صادرة عن المختبر في حكم المهربة وتعرض الباعة والشركات للمساءلة القانونية، في حين يفترض أن تكون اللاصقة بديلة عن شهادة التخليص الجمركي المدفوعة سلفاً عن المعدات المستوردة.

ورأى الخبير الاقتصادي يونس كريم، أن الهدف الرئيسي من رسوم الجباية يتمثل بالسيطرة على سوق الطاقة الشمسية الذي بدأ بالنمو خلال السنتين الماضيتين، وإخراج الشركات الصغيرة منه.

وقال كريم، في حديث لصحيفة “المدن“: “ظاهرياً يمكن اعتبار أن تطبيق رسوم اللاصقة الليزرية إجراء طبيعي، إلا أنه في الحقيقة يحمل أبعاداً وأهدافاً كبيرة بالنسبة إلى النظام والدائرة الاقتصادية المتحكمة في السوق السورية اليوم، خاصة وأن ما سيتم تحصيله ذاهب إلى الشركة الخاصة متمثلة في مختبر الطاقات البديلة”.

وأكد كريم أن “المواطن العادي يُعتبر المتضرر الأكبر من الرسوم الجديدة، بعد ارتفاع تكاليف التجهيز وتركيب ألواح الطاقة الشمسية فور صدور قرار الفحص، إلا أن هذه الزيادة لن تستفيد منها الشركات العاملة في قطاع الطاقة المتجددة، بل ستكون ضمن دائرة المتضررين إلى جانب المستهلك، بسبب ارتفاع التكاليف عليها”.

وبلغت تكلفة المنظومة الصغيرة الخاصة بالإضاءة فقط نحو سبعة ملايين ليرة، أي حوالي 1750 دولار أميركي، بعد أن كانت لا تتجاوز تكلفتها الأربعة ملايين ليرة، نتيجة زيادة أسعار الأجهزة والملحقات الداخلة في عملية تشغيل الأجهزة.

وبحسب معلومات “المدن”، فقد بلغ سعر لوح الطاقة الشمسية 400 واط نحو مليون و200 ألف ليرة سورية بدلاً من مليون ليرة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأجهزة الملحقة من بطاريات ومعرجات وجهاز الأنفيرتر وتمديدات وغيرها، بنسبة زيادة وصلت إلى 200 ألف ليرة لكل جهاز.

ومن المتوقع أن يحصد مختبر الطاقات البديلة مليارات الليرات مقابل لاصقة غير حكومية، بعد تمكينه من تحصيل الرسوم عن كل قطعة كهربائية مستوردة، الأمر الذي يثير التساؤلات حول الجهة المالكة للمختبر الذي تحول إلى ذراع حكومي بعد القرار الملزم.

وفي شهر أيار الفائت، منحت هيئة الاستثمار السورية إجازة استثمار لمشروع مختبر الطاقات البديلة في منطقة أشرفية صحنايا في ريف دمشق، بتكلفة استثمارية وصلت إلى 20 مليار و383 مليون ليرة سورية، لاختبار منتجات الطاقة البديلة وتحديد جودتها ضمن مختبرين يشرف عليهما المركز الوطني لبحوث الطاقة، دون ذكر الجهة المالكة والمستثمرة للمشروع.

ويعتبر مختبر الطاقات البديلة في سوريا من ضمن المشاريع الملحقة بقانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021، والذي يمنح أصحابها حق الاقتراض بما يوازي 70 في المئة من تكلفة المشروع، ما يعني أن ملّاك المختبر قد حصلوا على قرض بقيمة 14 مليار ليرة سورية.

وفي هذا السياق، يؤكد يونس كريم، وهو المدير التنفيذي لمنصة “اقتصادي”، على وجود نقاط مهمة في آلية عمل هيئة الاستثمار السورية، متمثلة بمحاولة الدائرة الاقتصادية المقربة من أسماء الأسد توسعة هيمنتها على السوق الداخلية والقطاعات ذات الأرباح العاجلة.

وشدد كريم على أنه “منذ سنوات، يروج النظام السوري لنظام سوق جديد تتخلى فيه الدولة عن جزء من أعمالها لصالح الشركات الخاصة وتطبيق قانون التشاركية، إلا أنه بالمقابل قام بإنشاء شركاته الخاصة للسيطرة على القطاعات الحيوية والمربحة، والتضييق على عمل الشركات المنافسة من خلال دعم شركاته، وتقديم الامتيازات لها كما يحصل مع سوق الطاقة الشمسية وقبلها سوق المواد الغذائية، والقائمة تطول”.

وكشف كريم بأنه “لم يعد خافياً قيام أسماء الأسد باحتكار كامل القطاعات والمشاريع التي تفرزها هيئة الاستثمار، من خلال اختيار طبقة التجار الموالين لها من المتحكمين في السيولة النقدية من ناحية، ومن ناحية أخرى عملها الدؤوب للسيطرة على البنوك وجعلها تحت رحمة الهيئة التي تقترض الأموال”، على حد قوله.

ورأى كريم أن الهدف من هذه السياسة هو “التحكم بمختلف المجالات التجارية والاقتصادية الداخلية في سوريا لتمكين سيطرتها على سوق الاستيراد الذي بات شبه محتكر بشخصيات محددة”.

ويعتبر قرار اللصقة الليزرية أول الافخاخ في مشروع جباية الأموال من الطاقة البديلة، بعد سلّة من القرارات االمحفّزة وحملات الترويج للطاقة البديلة وأهمية الاعتماد عليها كبديل عن الطاقة الكهربائية الغائبة في سوريا.