نشرت مجلة “ناشونال إنترست“، تقريراً قالت فيه إن الصين تستعد لإطلاق ناقلة طائرات ثالثة في مياهها قريباً.
واعتبرت الصحيفة في تقريرها أن هذه الخطوة تشكل تطوراً كبيراً في قدرة الصين على إبراز قوتها العالمية.
وكشفت صحيفة “جلوبال تايمز”، المدعومة من الحكومة الصينية، أن ناقلة الطائرات الثالثة تتميز بكونها أكبر حجماً وأكثر تطوراً تكنولوجياً من الناقلة الثانية “شاندونغ”.
وتتشابه الناقلة الجديدة، التي تم بناؤها محلياً، مع حاملات الطائرات الأميركية من فئة “فورد”، من حيث التصميم والحجم، وتعتمد على نظام “الإقلاع الكهرومغناطيسي”، الذي يوفر للطائرات قوة إطلاق أسرع من تلك المتوفرة للناقلتين السابقتين.
ويعزز امتلاك الصين لناقلة طائرات ثالثة قدرتها خارج المحيط الهادئ الذي تطل عليه، على الرغم من غلبة ميزان القوة لصالح الولايات المتحدة الأميركية التي تمتلك 11 ناقلة طائرات.
واعتبر التقرير أن ناقة الطائرات ستمكن بكين من توسيع نفوذها في مناطق مثل أفريقيا، والشرق الأوسط، مستبعداً أن تكون ناقلة الطائرات الصينية الجديدة، ذات تأثير يذكر في أي صراع بين القوى العظمى، طالما أن الصين ما تزال غير قادرة على تحقيق تفوق جوي يدعمها.
سوريا وإحياء طريق الحرير
وأعلنت الصين أعلنت عام 2013 عن مبادرة أطلقت عليها اسم “الحزام والطريق”، وهو إحياء لطريق الحرير التاريخي.
ويهدف الطريق الذي تنص عليه المبادرة إلى ربط الصين بأكثر من 70 دولة، عن طريق استثمارات تبلغ تريليون دولار، بهدف تطوير البنى التحتية للممرات الاقتصادية العالمية، من خلال إنشاء حزام بري من سكك الحديد والطرق عبر آسيا الوسطى وروسيا، وتطوير طريق بحري يسمح للصين بالوصول إلى أفريقيا وأوروبا.
وتبرز مؤشرات كثيرة توحي بأهمية سوريا الخاصة بالنسبة لبكين، على الرغم من أن الاستثمارات الصينية في هذا المجال تمتد إلى العديد من الدول العربية والإفريقية بمبالغ هائلة لا تقارن باستثماراتها في سوريا، فمن أصل 16 مرة استخدمت فيها الصين حق الفيتو في مجلس الأمن، كان 11 منها لحماية النظام السوري.
ونقلت صحيفة “غلوبال تايمز” عن خبير عسكري صيني قوله: “إننا بحاجة إلى الإبحار أكثر إلى مياه غير مألوفة، ومواجهة ظروف جوية وبحرية أكثر تعقيدا في مهام معقدة، وأن يكون لدينا مزيد من القوات المرافقة”، وكشف الخبير العسكري عن واحدة من أكثر المشكلات التي تؤرق الصين، وهي الخلاص من الهيمنة الأميركية على طرقها البحرية، علماً أن الأساطيل البحرية الأميركية تشرف على خطوط الملاحة البحرية في أرجاء العالم، بما في ذلك المسارات التي تعبر منها السفن الصينية، لا سيما ناقلات النفط والغاز، وهو ما يشكل قلقا للصين حول ديمومة مصادر طاقتها.
ودفعت هذه المسألة بالصين لتبني استراتيجية عرفت باسم “سلسلة اللآلئ”، وهي عبارة عن سلسلة الموانئ والقواعد العسكرية البحرية، التي تنشئها أو تديرها بكين كلياً أو جزئياً، وتمتد من الشرق الأوسط إلى جنوب الصين، بحسب تقرير داخلي لوزارة الدفاع الأميركية، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” أجزاء منه عام 2005.
ويؤكد التقرير أن بكين تسعى لنشر قواعدها على طول الممرات البحرية في الشرق الأوسط، لأسباب عدة أهمها، إبراز القوة الصينية في الخارج، وتأمين وحماية إمدادات الطاقة القادمة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتوفير ممر لنشر السلع الصينية في الأسواق العربية، والإفريقية، والأوروبية، إضافة إلى مدّ سفن الشحن بالخدمات اللوجستية، مثل الوقود والتموين والصيانة.
وتشكل الموانئ السورية مدخلاً للصين إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، ما يجعلها تلعب دوراً استراتيجياً هاماً في هذا الصراع بين القوى العظمى، وهو ما عبّر عنه السفير الروسي في دمشق، تشي تشيانجين، صراحة عام 2019، عن أهمية تطوير السكك الحديدية والموانئ السورية.
ويًشكل النظام السوري، فرصة ممتازة للصين، للتسلل إلى البلاد عبر تلبية احتياجاته المتزايدة، مثل التمويل، والتبرعات وإعادة الإعمار وسواها، وهو ما يوفر للصين ممراً نحو الساحل السوري المطل على أوروبا، الحليفة الرئيسية لأميركا.
وتلتقي مصالح الصين مع مصالح روسيا وإيران، لا سيما بعد تحول الولايات المتحدة الأميركية قبل نحو عقد من الآن نحو الجانب الآسيوي من المحيط الهادئ، ما يضعها في منافسة مع الصين، بالتوازي مع سعي إيران وروسيا لملء الفراغ الإقليمي الذي خلفه التحول الأميركي، بحسب بحث لمجلة “آراء”، المتخصصة بالقضايا الاستراتيجية.
وتشكل السواحل السورية نقطة تقاطع لمصالح الدول الثلاث في سوريا، في ظل وجود نظام تتركز أهميته في استعداده لتأمين خدمات سياسية وعسكرية واستراتيجية لكل من يدفع أكثر، أو يملك القوة الكافية لإخضاعه.