بحث
بحث
صوت العاصمة

كيف ظهر أمراء الحرب مع بداية الثورة السورية؟

أوضحت دراسة، نشرها مركز “حرمون” للدارسات اليوم الاثنين، الآلية والأسباب التي أدت إلى ظهور شخصيات جديدة من أمراء الحرب الذين تصدروا الواجهات الاقتصادية للنظام السوري.

 وأشارت الدراسة أن النظام سهل وذلل العقبات أمام تلك الشخصيات على حساب الشخصيات القديمة، التي انكفأت عن المشهد لأسباب مرتبطة بالعقوبات الاقتصادية والمواقف السياسية منذ بداية الثورة السورية في 2011.

وعللت الدراسة بداية ظهور هؤلاء بحاجة النظام إلى إيجاد قنوات أكثر مرونة في الاقتصاد السوري، لتلبية متطلبات الانتقال إلى اقتصاد الحرب، ولفتت الدراسة إلى أنه مع استمرار الحرب تطورت المقايضة بينهم وبين النظام من صيغة “خدمات أمنية وعسكرية”، إلى “خدمات أمنية وعسكرية واقتصادية” تمثلت بحصولهم على حصص وشراكات في قطاعات مختلفة بنسب معينة.

لماذا انكفأت النخب القديمة؟
وعن الأسباب التي أبعدت النخب الاقتصادية القديمة، قالت الدراسة إن بعض تلك الشخصيات فضلت التريث أو الانكفاء عن الساحة الاقتصادية لأسباب يتصل بعضها إما بمواقف سياسية، أو محاولة تجنيب ثرواتهم وأصولهم المالية من تدهور البلاد أمنياً وعسكرياً، إلى جانب الخوف من سيف العقوبات الاقتصادية ومن أبرز تلك الشخصيات فراس طلاس، وراتب الشلاح، وبسام غراوي، بالتزامن مع تحوّل الاقتصاد السوري إلى اقتصاد الحرب بوصفه نظاماً إنتاجياً تعبوياً يعمل على توفير الموارد الاقتصادية لضمان استمرارية حالة العنف.

وأوضحت الدراسة أن العقوبات المفروضة على بعض الشخصيات القديمة، دفعت النظام إلى اللجوء إلى شخصيات اقتصادية غير معروفة، بهدف تزويده بالسلع الرئيسية والتدفقات المالية كأحد أنماط التحايل، لتتسع من بعد ذلك أدوارها ووظائفها اللاحقة.

مصير النخب القديمة
وشكل إلغاء الدور الذي كان يشغله رامي مخلوف رسالة واضحة للنخب القديمة، بحسب الدراسة، إذ قضى ذلك بضرورة الانصياع وإخلاء المشهد أمام الوافدين الجدد والخضوع لهيمنتهم، مشيرة أن مصير النخب القديمة توزع إما بين الإلغاء الكلّي والاستيلاء على أملاكهم كحال عماد حميشو، أوبين التهميش والانكفاء الذاتي لعدم القدرة على المنافسة مثل هيثم جود، وكشفت أن الفئة الأخيرة ارتضت أن تلعب أدواراً خلفية إلى جانب دفع الإتاوات للنظام السوري.

واستولى النظام على أعمالهم ومصادرتها بعد أن غادروا البلاد بضغط منه، فيما تعرض جزء آخر منهم لمضايقات دفعتهم لعقد شراكات مع عائلة الأسد، إضافة إلى ممارسة التحجيم القسري بحق بعض آخر.

وأوضحت دراسة “حرمون” أن انكفاء هذه النخب الاقتصادية حفّزت الطامحين الجدد في عالم الميليشيا والوساطات كما في عالم التجارة على استغلال الفرصة السانحة لمراكمة ثروات، التي سمحت لهم لاحقاً احتلال مكانهم.


رعاية ونفوذ
وعمل النظام على صناعة أمراء الحرب، وتهيئة الشروط اللازمة لنموهم المتزايد وفقاً للدراسة، وتجلى ذلك بمنحهم الرعاية والنفوذ اللازمين من الجهات الفاعلة فيه، فقد قدمت الفرقة الرابعة، على سبيل المثال لا الحصر، الدعم لأبو علي خضر، في حين قدم القصر الجمهوري الدعم لصقر رستم متزعم ميلشيا “الدفاع الوطني”، وحسام القاطرجي، ودعمت المخابرات الجوية علي مهنا، فضلاً عن شخصيات أخرى تلقت الدعم والنفوذ من جهات أمنية وعسكرية.

وسارع النظام، وقت لاحق من ظهورهم، إلى إدماجهم في الأطر السياسية، كمجلس الشعب، مثل حسام قاطرجي، وهمام مستو، وكذلك في الأطر الاقتصادية، مثل غرف الصناعة والتجارة، فضلاً عن تسليط الضوء على بعض استثماراتهم المحدثة، كدليل على التعافي وعودة العجلة الاقتصادية إلى البلاد.

النشأة، المنبت، ومصدر الثروة
وقسمت الدراسة الوجوه الجديدة إلى ثلاث مجموعات رئيسية بحسب المنبت والنشأة ومصدر الثروة: المجموعة الأولى هي فئة مختلطة من “أثرياء حرب وافدين من محاربين وقادة مجموعات ووسطاء محليين”، علماً أن أبو علي خضر والأخوة قاطرجي ينتمون إلى فئة “المحاربين في الميلشيا”، في حين ينتمي كل من عامر خيتي ومحي الدين المنفوش إلى فئة “الوسطاء المحليين والتجاريين”، وفق الدراسة التي أوضحت أن الشخصيات من الفئة الأخيرة استغلت ظروف الحرب، وحازت على حصرية التبادل التجاري بين مناطق النظام ومناطق سيطرة المعارضة المحاصرة.

وتشكلت المجموعة الثانية، بحسب الدراسة، من مجموعة أثرياء حرب وفدوا إلى عالم رجال الأعمال من بوابة العمل التجاري، حيث أسهموا إما بدعم الميليشيات مالياً، أو أسسوا ميليشيات تتبع لهم نظرياً، مثل سامر الفوز الذي أسس ميلشيا “درع الساحل”، ووسيم قطّان، إلا أن هؤلاء لم يكونوا قادة لهذه المليشيات ولم يكن لهم في اتخاذ القرار العسكري والأمني.

وضمت المجموعة الثالثة واجهات عائلة الأسد، التي ظهرت فجأة في عالم الاقتصاد السوري، بأحجام لا تتناسب مع نشاطها الاقتصادي وتاريخها المالي، وتبوأت بشكل مفاجئ مراكز وأنشطة اقتصادية تُعدّ تاريخياً من مجالات نشاط عائلة الأسد مثل يسار إبراهيم، الذي بات يعرف بـ”خازن القصر الجمهوري”، والمكلف بجمع الإتاوات من التجار والصناعيين، وبينت الدراسة أن هذا الدور كان موكلاً في السابق لرامي مخلوف، قبل أن يتم تحجيمه ومصادرة أملاكه.

دور أسماء الأسد
وشكلت أسماء الأسد، التي دخلت باب عالم الاقتصاد من مصراعيه، إحدى أبرز الرعاة الجدد وخاصة في مجال الاتصالات، والأغذية، والقطاعات الخيرية، كحال لينا كناية وزوجها همام مستو الذي أوصلته إلى قبة البرلمان في النظام السوري، وشخصيات كثيرة أخرى.