نشر موقع “TRT WORLD” التركي تقريراً سلط فيه الضوء على الجهود الرامية إلى ثني “بشار الأسد” عن إغراق منطقة الشرق الأوسط بالمخدرات.
وقال الموقع في تقريره إن هذه الجهود تُقابل بعناد وإنكار من جانب النظام السوري، ومن غير المرجح أن تؤدي إلى أي نتائج ملموسة، وفقاً لما ترجمه موقع “عربي 21“.
وقد أعلن الجيش الأردني الأحد الماضي، عن مقتل أحد ضباطه وإصابة ثلاثة من جنوده خلال تبادل لإطلاق النار مع مهربين على الحدود السورية، وهي أحدث المناوشات في المنطقة الحدودية التي أصبحت بؤرة اشتباكات بين القوات الأردنية ومهربين مسلحين مرتبطين بالمؤسسة العسكرية والأمنية في دمشق.
ويؤكد الموقع أنه رغم قيام عدد من الدول العربية -بينها الأردن- بمحاولات لإعادة تأهيل النظام السوري دبلوماسيا، تكافح دول المنطقة لوقف تدفق المخدرات بشكل غير مشروع من سوريا ولبنان.
وتشير التقديرات إلى أن الإيرادات المتأتية من تصنيع وبيع الكبتاغون – وهي مادة منشطة شبيهة بالـ”ميتامفيتامين”-، تتراوح بين 5 و7 أضعاف حجم الاقتصاد الرسمي للنظام، وتمثّل المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية.
وتشير تقديرات حديثة إلى أن الصادرات السورية من الكبتاغون في 2020 بلغت قيمتها نحو 3.5 مليارات دولار، في حين كشف تحقيق آخر أن قيمة ترويج هذه المادة بلغت 2.9 مليار دولار، وهو ما يزيد عن 3 أضعاف قيمة صادرات سوريا القانونية. كما تشير تقارير إلى أن النظام وحلفاءه حصلوا على عائدات مهمة من بيع الحشيش والكريستال ميث.
إمبراطورية المخدرات
يضيف الموقع أنه بالنظر إلى الوضع المتدهور للاقتصاد السوري والعائدات الكبيرة، من غير المرجح أن يتخلى النظام في المرحلة الحالية عن تجارة المخدرات.
ورغم أن استعادة العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية قد تساعد الأسد في إنعاش الاقتصاد المحاصر والإفلات من العقوبات الأمريكية، فإنه لا يمكن أن يعوض ما يجنيه من تجارة المخدرات.
وحسب الموقع، فإن تجارة المخدرات لعبت منذ فترة طويلة دورا مهما في تعزيز ثروات النخبة الحاكمة في دمشق. غزت سوريا لبنان سنة 1976 وبعد أن شعرت السلطات السورية بإمكانية توسيع ثرواتها، حولت البلاد منذ سنة 1982 إلى مركز إقليمي لإنتاج الحشيش والهيروين.
في غضون ستة أعوام، زادت المساحة الإجمالية للأراضي المخصصة لزراعة الماريجوانا في سهل البقاع من 10 إلى 90 بالمئة.
وقد استفاد مسؤولون كبار مثل وزير الدفاع ورئيس المخابرات العسكرية، بشكل مباشر من هذه العمليات التي قادها رفعت الأسد، شقيق الرئيس السابق حافظ الأسد.
وفي الوقت الراهن، تشرف الفرقة الرابعة المدرعة في الجيش السوري، بقيادة ماهر الأسد الشقيق الأصغر لبشار، بشكل أساسي على العمليات اللوجستية لتجارة المخدرات في سوريا، من التصنيع إلى التصدير، وتدعمها شبكة واسعة تضم ضباطا من النظام وأعضاء من حزب الله ورجال أعمال.
ويرى الموقع أن محاولات حث النظام على التخلي عن هذه التجارة التي تدر مليارات الدولارات لن تكون مجدية، لأنها تهدد مصالح المجموعة الأكثر تشددا في صلب النظام السوري، ولن تُقابل إلا بالإنكار المعتاد.
طريق مسدود
لطالما سعى بشار الأسد إلى مواصلة سياسة والده، والتي تستند إلى حد كبير على القدرة على تقديم نفسه باعتباره رجل إطفاء لحرائق المنطقة، رغم أن جزءا من تلك الحرائق هو السبب في اندلاعها.
ومن بين الأمثلة على انتهاج هذه السياسة، قيام أجهزة المخابرات السورية بنقل مقاتلين من تنظيم القاعدة إلى العراق المجاور بعد 2003، بهدف إفشال الخطط الأمريكية في مرحلة ما بعد الاحتلال. وتكرر الأمر ذاته بإطلاق سراح عدد من المتطرفين من سجونه في بداية الانتفاضة السورية سنة 2011.
على المنوال ذاته، من المرجح أن تحتفظ دمشق بسيطرتها على شبكات تجارة المخدرات وتستغلها كأداة تفاوضية ضمن جهودها لاستعادة الاعتراف الغربي بالنظام.
وفي هذه الظروف، يبدو انتزاع تنازلات حقيقية من دمشق أمرا في غاية الصعوبة، وهو ما يشهد به أقرب حلفائها. وقال السفير السوفياتي السابق في دمشق، نور الدين مخيتدينوف، ذات مرة إن سوريا في عهد حافظ الأسد تتقبل كل شيء من الاتحاد السوفياتي ما عدا النصائح.
ويعتقد بشار الأسد أنه قادر على الاستفادة إلى أجل غير مسمى من موقعه الفريد في منطقة الشرق الأوسط واستغلال التناقضات بين مصالح القوى المختلفة للحفاظ على مصالحه الاستراتيجية وتجنب تقديم أي تنازلات.
ومن المرجح أن ينطبق ذلك على معظم الملفات المطروحة حاليا في خضم المفاوضات لإعادة تأهيله على الساحة العربية بعد 10 سنوات من العزلة الدولية، وبالتالي من غير المتوقع أن يتعاون دكتاتور دمشق لإيقاف تجارة تدر عليه وعلى حلفائه أرباحا طائلة، حسب الموقع.