بعد عشرات الشكاوى المقدمة ضد دوريات وحواجز مديرية الجمارك المتمركزة في نقطة “جديدة يابوس” الحدودية مع لبنان، عيّن النظام لجان متعددة لمراقبة الحركة الحدودية وعمليات السرقة وفرض الإتاوات، بدأت بلجنة من وزارة المالية، وانتهت بأخرى من القصر الجمهوري.
الهنكار الحدودي، مصادرات وإتاوات وشكاوى:
أشرفت مديرية الجمارك العامة، على عمليات التفتيش للسيارات العابرة من نقطة “جديدة يابوس” الحدودية مع لبنان، طيلة السنوات الماضية، في نقطة يعرفها المارّة باسم “نقطة الهنكار”.
خضعت نقطة “الهنكار” لسيطرة المديرية العامة للجمارك، بمشاركة دوريات تابعة لفرع “الأمن العسكري”، تتواجد في تلك النقطة بشكل دائم.
تلخّصت مهمة عناصر الجمارك المتمركزين في تلك النقطة، بتفتيش السيارات العابرة بين حدود البلدين، بما فيها سيارات الأجرة العاملة على خط “دمشق- بيروت” وركابها، إلا أن الجمارك اتخذت من تلك النقطة مصدراً لتحصيل الأموال عبر تقاضي الرشاوى وفرض الإتاوات تارة، ومصادرة البضائع والأجهزة الكهربائية تارة أخرى.
مصادر متقاطعة أكّدت لـ “صوت العاصمة” إن عناصر الجمارك في الهنكار، فرضوا مبالغ مالية تتراوح بين 50 إلى 100 ألف ليرة سورية على السيارات العابرة من لبنان إلى سوريا مقابل عدم إخضاعها للتفتيش، ومبلغ تراوح بين 30 إلى 50 ألف ليرة سورية للراكب الواحد في سيارات الأجرة، لعدم تفتيش حقائبه، إضافة لمبالغ مالية تُفرض على السيارات المحملة بالبضائع.
وأشارت المصادر إلى أن فرض الإتاوات على المارّة كان بشكل علني، وبمفاوضات أشبه بـ “بازارات البيع والشراء”، موضحة أنه يتوجب على رافضي الدفع الانتظار لعدة ساعات داخل الهنكار للسماح لهم بالعبور، في حين تتمثل عملية التفتيش لدافعي الإتاوات بفتح الحقائب وإغلاقها على الفور.
وبحسب المصادر فإن عشرات المارّة وسائقي السيارات تقدموا بشكاوى ضد عناصر الجمارك والأمن العسكري في الهنكار، مطالبين بإيجاد حل يقضي بعبورهم دون دفع تلك المبالغ.
المالية.. أولى اللجان وشريكة الإتاوات!
بعد تلقي الشكاوى المذكورة وتكراراها بشكل كبير، قرّرت وزارة المالية إرسال لجنة جديدة لمراقبة عمل عناصر الجمارك المتمركزين في نقطة “الهنكار”، لضبط عمليات الرشاوى وفرض الإتاوات.
مراسلو صوت العاصمة قابلوا العديد من القادمين خلال تلك الفترة من الأراضي اللبنانية إلى سوريا عبر نقطة “جديدة يابوس”، وأكّدوا بدورهم أن عناصر الجمارك استمروا في تصرفاتهم خلال فترة تواجد لجنة المراقبة التابعة لوزارة المالية.
وأضافوا أن لجنة المالية كانت مؤلفة من عدّة عناصر مدنيين، يتراوح عددهم بين 3 إلى 5 عناصر في النوبة الواحدة، إلى جانب عناصر الجمارك، مشيرين إلى أن قيمة الإتاوات ارتفعت خلال تلك الفترة، وبات الدفع مشترك لعناصر الجمارك ولجنة المالية المراقبة.
لجنة أمنية جديدة لمراقبة الجمارك والمالية:
استمرت الشكاوى المقدمة ضد الجمارك بشكل كثيف خلال الأسبوع الأول من تعيين لجنة المالية المراقبة لعمل عناصر الجمارك في الهنكار الحدودي، ما دفع النظام لتعيين لجنة أمنية مشتركة بين عدّة أفرع أمنية لمراقبة عمل لجنة المالية والجمارك معاً، وفقاً لمصادر صوت العاصمة.
وأشارت المصادر إلى أن عناصر اللجنة الأمنية التابعة لأفرع الاستخبارات، وعلى رأسها أمن الدولة والأمن العسكري، شاركوا عناصر الجمارك في تقاسم الرشاوى والإتاوات المفروضة على المارّة.
وبيّنت المصادر أن قيمة الإتاوات المفروضة على السوريين العابرين من لبنان إلى سوريا، ارتفعت لتتراوح بين 50 إلى 75 ألف ليرة سورية للراكب الواحد في سيارات الأجرة، و100 إلى 150 ألف ليرة سورية للعائلات القادمة بسيارات خاصة، إضافة لارتفاع المبالغ المفروضة على السيارات المحملة بالبضائع بنسبة قاربت الضعف.
لجنة “القصر الجمهوري” آخر الحلول:
لم تتوقف الشكاوى المقدمة ضد اللجان والعناصر المتمركزين في نقطة “الهنكار” الحدودي، ما دفع النظام لتخصيص لجنة ضمت عدداً من ضباط وعناصر الحرس الجمهوري، لمراقبة عمل اللجان السابقة وعناصر الجمارك على الحدود.
وأكّدت المصادر أن لجان القصر تتألف من ضابط وعنصرين في النوبة الواحدة، مشيرةً إلى أن لجان القصر أصدرت تعليمات لعناصر الجمارك بعدم إجراء أي عملية تفتيش دون تواجد أحد عناصر اللجنة.
وأوضحت المصادر أن عمليات الرشاوى وفرض الإتاوات على المارّة عبر النقطة المذكورة توقفت بشكل نسبي، إلا أن عملية العبور باتت تستغرق قرابة 5 ساعات للسيارة الواحدة، بعد أن كانت تسير بمدة لا تصل إلى نصف ساعة فقط.
وبحسب المصادر فإن تأخير عبور السيارات، والإطالة في عمليات التفتيش كانت أشبه بالعمليات الانتقامية إثر الشكاوى المقدمة ضد عناصر الجمارك، الذين أفصحوا لمعظم المارّة المتذمرين من الانتظار بعبارات “ألستم من قدم الشكاوى؟”.
المعاناة لا تنتهي بعبور الهنكار:
لا تنتهي معاناة المسافرين من لبنان إلى سوريا بعبور نقطة الهنكار، فعليهم الانتظار لساعات أخرى ودفع المزيد من الرشاوى لعبور الحواجز العسكرية والأمنية المتمركزة على الطريق الواصلة نحو العاصمة دمشق.
تتمركز على الطريق الواصلة بين الهنكار الحدودي والعاصمة دمشق، ثلاثة حواجز رئيسية، أولها حاجز يتبع للأمن العسكري، وآخر لمديرية الجمارك، ثم حاجز الفرقة الرابعة الكبير.
مصادر متقاطعة أكّدت لـ “صوت العاصمة” إن عناصر الحواجز الثلاثة يفرضون إتاوات أخرى على المارّة، تختلف بين حاجز وآخر، كما تختلف باختلاف الأشخاص المارّة ونوع سيارتهم، وطبيعة حمولتهم.
تبدأ الإتاوات المفروضة بعلبة دخان للعناصر المسؤول عن تفتيش السيارة، وتتزايد لآخرين لتصل إلى مبالغ مالية تُقدر بـ 5 آلاف ليرة سورية للشخص الواحد في بعض الأحيان، بحسب المصادر.
“المارلبورو” شرط رئيسي لعبور حاجز الرابعة!
باتت رسوم العبور التي يفرضها حاجز الفرقة الرابعة، تدخل ضمن الأجرة التي يتقاضاها سائق السيارات العمومية العاملة على خط “دمشق- بيروت”، فإلى جانب أجرة النقل يُضاف ثمن علبة دخان من نوع “مارلبورو” حصراً، لعناصر حاجز الرابعة.
“لا يمكن لأحد عبور حاجز الرابعة دون “باكيتين” مارلبورو أحمر حصراً” يقول سائق إحدى السيارات العمومية، مضيفاً: “جميع السيارات تخضع للتفتيش على ذلك الحاجز، وجميع المارّة يخضعون لعملية الفيش الأمني”.
ويختم السائق: “لا يمكن للمارلبورو إعفاءك من الفيش الأمني، لكن يمكنه إعفاءك من إدخال السيارة إلى جهاز “السكانر” إذا زادت كميته”.
المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير