بحث
بحث
من لقاء سابق للأسد بوفد روسي برئاسة مبعوث الرئيس الروسي ـ ا ف ب

زحمة وفود في سوريا.. الأسد يلعب على تناقضات الحلفاء

زيارة وزير الخارجية الصيني الأخيرة، قد سرعت التحركات الروسية والإيرانية الهادفة إلى تحقيق المزيد من التنازلات من النظام الذي لا يعارض دخول المزيد من المستثمرين، على أمل أن يستفيد من التنافسات بينهم.

يبدو أن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى دمشق، قبل أيام، قد رفعت من وتيرة التنافس الروسي-الإيراني على الاقتصاد السوري، ليقوم البلدان بعد الخطوة الصينية غير المسبوقة منذ بداية الثورة السورية، بإرسال وفودهما إلى دمشق، لكسب عقود إضافية.

وعلى الرغم من عمق التفاهم بين البلدين في سوريا، إلا أن روسيا وإيران تدركان أن أكثر ما يهم الصين هو الاقتصاد وإعادة الإعمار، وهو ما يشعل المنافسة أكثر على الكعكة السورية، التي ينتظر حلفاء الأسد إشارة غربية لانطلاق إعادة الإعمار، لكي ينقضوا عليها، بينما يلعب النظام السوري على تناقضاتهم لتحصيل مكاسب تبقيه متماسكاً.

فبعد أيام من وصول وانغ، أرسلت روسيا وفداً كبيراً يضم ممثلين عن 30 هيئة ومنظمة تنفيذية فيدرالية، برئاسة الفريق الأول رئيس مقر التنسيق الروسي ورئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع ميخائيل ميزينتسيف، تحت عنوان بحث قضية اللاجئين.

وانسحب المشهد ذاته على إيران، التي أرسلت رئيس برلمانها محمد باقر قاليباف، الثلاثاء إلى دمشق، ليعلن أنه سيبحث مع مسؤولي النظام السوري أخر التطورات على الساحة الدولية والعلاقات الثنائية وسبل توسيع العلاقات بين البلدين خاصة الاقتصادية والتجارية.

وضمن قراءته لأسباب تهافت الوفود الروسية والإيرانية على دمشق، يربط الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان ذلك بالمفاوضات الروسية-الأميركية حول ملفات عديدة من بينها الملف السوري، بعد انقطاع طويل نسبياً.

ويضيف علوان ل”المدن”، أن “الأحوال الإقليمية والدولية المتعلقة بالقضية السورية، تصعّب تحقيق حل سياسي، بحيث بدا أن المسار التفاوضي بين موسكو وواشنطن شبه معطّل، وهو ما عبّر عنه بوضوح خطاب رئيس النظام بشار الأسد الأخير خلال أداء القسم، حين أعلن بشكل غير مباشر عن رفض مبدأ التغيير والانتقال السياسي”.

وبما يخص إيران، يقول الباحث إن “الملف السوري بكل تفاصيله هو ملف استراتيجي لطهران، بمعنى أنه ملف لمشروع طويل الأمد، أما بالنسبة لموسكو هو ملف مهم جداً، لكن الكثير من تفاصيله قابلة للأخذ والرد على طاولة المفاوضات مع واشنطن”.

وبحسب علوان، حاولت روسيا أن تستغل كل ما يمكن في سبيل تحقيق مكاسب داخل سوريا وخارجها على طاولة المفاوضات، لكن تعثّر المفاوضات مع الولايات المتحدة، دفعها إلى محاولة استثمار كل ما يمكن استثماره من العقود المتعلقة بالموارد السورية، وموقعها الجغرافي لأجل ضمان مصالح حالية ومستقبلية.

والحال ذاته ينطبق على إيران، التي تحاول كذلك تحصيل مكاسب من النظام، بعد اقتناعها بأن تحقيق ذلك اعتماداً على أي عملية سياسية، يبدو أمراً بعيداً، كما يقول علوان الذي يضيف أن “روسيا وإيران، هما في سباق على تحقيق المكاسب استغلالاً لعجز النظام، وحاجته لهما”.

الاقتصاد يطغى
في المقابل، يقلّل الباحث في الاقتصاد السياسي، الدكتور يحيى السيد عمر من أهمية الزيارات، ويقول ل”المدن”: “لا يمكن النظر لهذه الزيارات على أنها خرق سياسي، وكذلك لا يمكن تحميلها ما لا تحتمل، فهي زيارات من حلفاء يجاهرون بدعمهم، وهي قد تكون روتينية”، ويستدرك بقوله: “لكن بالتأكيد لها دلالات”.

ويردف أن كل المعطيات تدل على أن غالبية الوفود التي تزور دمشق من الصين وروسيا وإيران لا تستطيع تقديم دفع سياسي من دون موافقة الأطراف الأخرى، لذلك فالطابع الرئيس لهذه الزيارات يحمل بشكل أو بآخر طابعاً اقتصادياً، لا سيما أن الأوضاع الاقتصادية في سوريا تتدهور بسرعة كبيرة باتت تشكل تهديداً حقيقياً للنظام، فالمواد الأساسية مفقودة ومرتفعة السعر والدخل متدنٍ وكل المؤشرات الاقتصادية سلبية.

ويضيف السيد عمر أن حلفاء النظام يسعون لتأسيس بعض المشاريع لاسيما في مجال الطاقة علها تنجح في تحريك السوق، إضافة لتحقيق منافع لهم، مختتماً بقوله: “هي زيارات ضمن البيت الواحد، إن صح التعبير”.

من المؤكد أن زيارة وزير الخارجية الصيني الأخيرة، قد سرعت التحركات الروسية والإيرانية الهادفة إلى تحقيق المزيد من التنازلات من النظام الذي لا يعارض دخول المزيد من المستثمرين، على أمل أن يستفيد من التنافسات بينهم.

المصدر: صحيفة المدن