اتخذت المعركة على مدن وبلدات الغوطة الشرقية شكلاً جديداً، بعد التحالف الجديد بين قوات النظام وإيران وروسيا، والذي بدا واضحاً في التشكيلات المقاتلة التي تطوق الغوطة. وهذه هي المرة الأولى التي تدعم فيها روسيا العمليات الحربية في الغوطة منذ تدخلها المباشر لاستعادة منطقة كراجات العباسيين في آذار/مارس 2017. تدخل روسيا حينها جاء بالتزامن مع كفّ يد المليشيات الأجنبية المحسوبة على إيران، عن معارك محيط دمشق، في ما قيل إنه سعي لتحجيم دور المليشيات الإيرانية في العاصمة.
وقبل وصول “قوات النمر” إلى مشارف الغوطة الشرقية، منتصف شباط/فبراير، كانت المعارك في محيط مدينة حرستا تقتصر على “الحرس الجمهوري” و”الفرقة الرابعة”، ومجموعات مقاتلة تابعة لهما، بتعزيزات من كتائب صواريخ أرض–أرض من طراز “جولان” المعدل محلياً. ولكن مع وصول العميد سهيل الحسن، إلى الغوطة الشرقية على رأس مجموعات مقاتلة قدّر عددها بـ700 مقاتل بحسب مصادر “المدن” الخاصة، تغيّر التوزيع العسكري لتلك المليشيات، ليكون للروس والإيرانيين حضور على كافة الجبهات؛ من جوبر إلى حرستا، وصولاً لقطاع المرج.
وتتألف “قوات النمر” من أكثر من عشر مجموعات مقاتلة، منها؛ “فوج الهادي” و”فوج طه” و”فوج حيدر” و”قوات الطرماح” المحسوبة على “المخابرات الجوية”. ومعظم مقاتلي المليشيا من المدنيين المتطوعين بعقود في “قوات النمر”، وبتمويل ودعم لوجستي من روسيا.
ويتواجد في محيط الغوطة الشرقية لواءان يحملان اسم “لواء ذو الفقار” يقودهما عراقيون؛ الأول يتبع لـ”قوات النمر” ويقوده عباس المالكي، والثاني محسوب على “الحرس الجمهوري” ويقوده “أبو شهد الجبوري” المعروف بارتكابه لمجازر طائفية في ريف دمشق.
“الفرقة الرابعة” تشارك بـ”قوات الغيث” التي يقودها غياث دلة، صاحبة “الانتصارات” في وادي بردى والقابون وبرزة وبيت جن، بالإضافة إلى استدعاء “لواء الإمام الحسين” العراقي والذي يقوده أسعد البهادلي، خلفاً لأخيه أمجد الذي مات بنوبة قلبية في العام 2017. “لواء الإمام الحسين” تتبع عسكرياً لـ”الفرقة الرابعة” وتتخذ من السيدة زينب مقراً لها.
وتُشارك مجموعات من “لواء السيدة زينب” وأخرى من “لواء أبو الفضل العباس” التي تضم عناصر سوريين وعراقيين من السنة والشيعة، ضمن تشكيلات تابعة لـ”الحرس الجمهوري”.
“الفرقة التاسعة” التي كانت قد انسحبت قبل شهر من محيط مدينة حرستا، للانتشار في درعا وريفها، عادت بمجموعات مقاتلة قدّر عددها بـ200 مقاتل على رأسها العميد نزار الفندي. “الفرقة” التي يتواجد مقرها في بلدة الصنمين في ريف درعا، محسوبة على إيران بشكل مباشر. مليشيا “حزب الله” اللبنانية كانت قد أقامت معسكراً تدريبياً في مقر “الفرقة التاسعة” في الصنمين، قبل شهرين تقريباً.
وتشارك “الفرقة العاشرة/مدرعات” ومليشيا “جمعية البستان” التابعة لرامي مخلوف، ضمن معارك الغوطة الشرقية، فيما تم استدعاء مجموعات تابعة لـ”درع الأمن العسكري” من بلدة الهامة في ريف دمشق الغربي إلى محيط المرج، لتكون تحت أمرة “قوات النمر”.
“الدفاع الوطني” الذي امتنع عن المشاركة سابقاً في معركة حرستا، بدأ بحشد قواته وعتادها الثقيل في محيط جوبر، قبل أسبوع تقريباً، وسحب عناصر من قطاعات الميدان والزاهرة وركن الدين والشاغور والقنوات، وعلى رأسها محمد سعيدي، أبرز وجوه “الدفاع الوطني” في دمشق واليد اليمنى لفادي صقر، مؤسس المليشيا وقائدها لأكثر من أربعة أعوام.
وغابت مليشيا “درع القلمون” عن المعركة، بالإضافة إلى مقاتلي “المصالحات”، بناء على طلب من المليشيات المقاتلة، بعد “الخيانات” التي جرت في صفوفها خلال المعارك الماضية.
وتسلمت “قوات النمر” القيادة الرئيسية لمعركتي حرستا والمرج بعد إزاحة كافة ضباط “الحرس الجمهوري” و”الفرقة الرابعة”، والإبقاء على مجموعاتها التي تقاتل بأوامر مباشرة من سهيل الحسن. فيما تم نقل غياث دلة إلى محور جوبر، ومعه مجموعة من ضباط “الحرس الجمهوري”، ومجموعات مقاتلة تتبع لها.
وتنتشر “قوات النمر” بشكل رئيسي في محوري المرج وحرستا، وتساندها مجموعات من “الحرس الجمهوري” و”الفرقة الرابعة” و”الفرقة التاسعة”. وتسلمت “النمر” زمام الأمور بالنسبة لسلاحي الصواريخ والمدفعية المنتشرة في محيط تلك المنطقة.
أما في محيط جوبر فتنتشر مجموعات من “لواء الإمام الحسين” و”قوات الغيث” وكافة قطاعات “الدفاع الوطني” من مدينة دمشق، تحضيراً لمعركة تنطلق من محيط جسر الكباس وسوق الهال باتجاه حي جوبر ووادي عين ترما.
وتتخذ قيادة “قوات النمر” من مطار الضمير ومحيط بلدة عدرا على مشارف الغوطة مقرات لقيادة العمليات ومراقبة سير المعارك. فيما يتمركز ضباط تحت إمرة سهيل الحسن في بساتين حرستا الغربية ومحيط مشفى تشرين العسكري ضمن مقرات كانت سابقاً لـ”اللواء الأول” (المحسوب على المعارضة) وفصائل الغوطة اثناء سيطرتها على المنطقة. في محيط جوبر تعتبر “ثكنة كمال مشارقة العسكرية” مركزاً لقيادة المعركة بشكل رئيس، بالإضافة إلى نقاط في “مجمع الثامن من آذار”، البرج العالي الذي يكشف كافة قطاعات جوبر وعين ترما.
وتمتلك القوات المشاركة أكثر من الفي عنصر مشاة، بالإضافة إلى عشرات الدبابات والمدرعات، وثلاث كاسحات ألغام تقوم بالقاء الخراطيم المتفجرة لفتح الطريق أمام القوات البرية، هذا بالإضافة إلى قوة صاروخية ومدفعية كبيرة جاءت بها “قوات النمر” منها صواريخ توشكا وغيرها من الراجمات الروسية الحديثة.
مصادر “المدن” في دمشق أكدت أن المليشيات خسرت إلى اليوم أكثر من 150 عنصراً، بينهم ضباط وقادة ميدانيين، فيما أصيب العشرات في الكمائن التي نفذها مقاتلو المعارضة في قطاعات المرج وحرستا.
واستطاعت المليشيات بعد القصف المكثف بالطيران الحربي وراجمات الصواريخ التقدم على محور مشفى البيروني في مدينة حرستا، إضافة إلى تقدم بسيط على محور المرج من جهة تل فرزات.
المصدر: جريدة المدن الالكترونية