انتشرت في الآونة الأخيرة، صور للعشرات من السيارات الحديثة في مختلف المحافظات السورية، بينها سيارات من أفخم الماركات العالمية، ما خلق تساؤلات عدّة عن كيفية وصولها إلى سوريا في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة.
تُعتبر السيارات من إنتاج ما قبل عام 2015 هي الأكثر حداثة في سوريا، كونها تتواجد في الأسواق بكثرة، في الوقت الذي تفاوت طرق إدخالها قبل سنوات، منها بطرق نظامية، وأخرى بطريقة أشبه بالتلاعب على القوانين، والمزادات العلنية ومناقصات السوق الحرة، لكن ما أن تم تطبيق عدد من المناقصات، حتى باتت السوق الحرة فارغة من السيارات بشكل شبه كامل قبل تغيير إدارتها بأشهر قليلة.
لكن رغم ذلك، لم تغيب السيارات الحديثة، التي صُنعت بعد عام 2017 عن المحافظات السورية، لا سيما العاصمة دمشق منها، ويبقى التساؤل الأبرز: “كيف دخلت هذه السيارات إلى سوريا؟”.
تُعتبر دولة لبنان هي المصدر الرئيسي للسيارات الرئيسي للسيارة الحديثة بالنسبة لسوريا، إلى جانب دول الجوار الأخرى، والتي يتم إدخالها بثلاث طرق مختلفة.
يعتمد تجار السيارات في الطريقة الأولى على شراء السيارات من لبنان أو أحد البلدان المجاورة، ويتم إدخالها إلى الأراضي السورية بطريقة قانونية، ليتم الحجز عليها لصالح أمانة الجمارك والأسواق الحرة فيما بعد.
وفقاً للقانون السوري، يحق للتاجر المصالحة على السيارات المصادرة، عبر دفع الرسوم الجمركية التي تتراوح بين 7 إلى 10 أضعاف سعر السيارة، وهو ما يعتمده التجار لفك حجز السيارات المُستقدمة من الخارج، لتبدأ الخطوة التالية المتمثلة بالمصالحة على السيارة في مديريات النقل، وإعطائها لوحة مرورية سورية بشكل رسمي، ويتم خلالها إدراج السيارات ضمن بيانات إدارة المرور والنقل.
تُعتبر هذه الطريقة الأكثر تكلفة بين طرائق إدخال السيارات، والأقل استخداماً بين التجار، وغالباً ما يتم اعتمادها للسيارات الحديثة رخيصة الثمن في دول الجوار.
بالطريقة الثانية يعتمد التجار على شراء السيارات في لبنان بشكل نظامي، وتدخل بعدها الأراضي السورية بلوحاتها المرورية اللبنانية بصفة “زائر”، ثم يخضعونها إلى المصالحة المرورية لإدراجها ضمن بيانات النقل السوري، عوضاً عن تخريجها من سوريا كل 15 يوم، وفقاً للاتفاقيات المعقودة بين البلدين.
وفي حال فشل عملية المصالحة على السيارات في الطريقة الثانية، يلجأ مالكو السيارات إلى ضباط الأفرع الأمنية لشراء لوحات مرورية تابعة للفرع، لتُدرج ضمن قوائم السيارات الحاصلة على المهمات الأمنية، لكنها خارج بيانات النقل والمرور.
تتقاضى الأفرع الأمنية مبالغ مالية سنوية لقاء المهمة التي تُمنح لكل من السيارات، تُضاف إلى المبالغ التي تُدفع للضابط المشرف على منح المهمة كـ “رشوة” بشكل دوري.
الطريقة الثالثة والأكثر رواجاً في سوريا، تتمثل بشراء السيارات من لبنان بشكل رسمي، تُسجل خلالها باسم أحد المواطنين اللبنانيين، وتدخل ضمن قوائم المرور اللبنانية، ثم يقوم مالك السيارة اللبناني بإدخالها إلى سوريا كـ “زائر”، ويتم بيعها وفراغها في الدوائر الرسمية السورية باسم مالكها السوري، فتدخل بذلك ضمن قوائم المرور والنقل في سوريا، بعد منحها لوحة مرورية سورية بشكل نظامي.
ويُعتبر عناصر ميليشيا حزب الله اللبناني، من أبرز العاملين في تهريب السيارات إلى سوريا بهذه الطريقة، مقابل مبالغ مالية لقاء كل عملية نقل، تتراوح قيمتها بحسب ثمن السيارة، فعادة ما يتقاضى عناصر الحزب مبلغ 2000 دولار أمريكي عن السيارة البالغ ثمنها 15 ألف دولار أمريكي.
ويترتب على مالك السيارة السوري، دفع مبلغ مليون ليرة سورية لأحد الأفرع الأمنية سنوياً، للحصول على لوحة مرورية ومهمة أمنية للسيارة، تُضاف إلى مبلغ ألف دولار أمريكي يتم دفعه للوسيط بين الفرع والمالك الجديد، ليستكمل عناصر الحزب فيما بعد عملية نقل ملكية السيارة في لبنان لصاحبها الجديد.
وزير الداخلية في حكومة النظام “محمد رحمون” حاول مراراً ضبط عملية منح اللوحات المرورية، وأصدر تعليمات لعناصر شرطة ومباحث المرور بإيقاف تلك السيارات، والبحث في مصدرها الرئيسي، إلا أن تدخل ضباط الأفرع الأمنية، أدى لفشل جميع محاولات رحمون.
وتُعرف لوحات السيارات التي دخلت بالطرائق المذكورة باسم “لوحات بلا مرجعية”، وهي لوحات تتبع للأفرع الأمنية والإدارات العسكرية، علماً أنها مخولة بإصدار عدد غير محدود من هذه اللوحات.
تنتشر في العاصمة دمشق وريفها قرابة الـ 1800 سيارة تحمل لوحات “بلا مرجعية”، معظمها صادرة عن فرع الأمن العسكري والمخابرات الجوية.
المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير