بحث
بحث
دمشق الجمارك تُطلق حملة في سوق الصاغة، وخسائر التجار بالمليارات
مدخل سوق الصاغة بدمشق- صوت العاصمة

دمشق: الجمارك تُطلق حملة في سوق الصاغة، وخسائر التجار بالمليارات

الجمارك استهدفت محال الذهب والصاغة في حادثة هي الأولى بتاريخ دمشق

حملات متكررة تُطلقها مديرية الجمارك في أسواق العاصمة دمشق بين الحين والآخر، تُكبّد التجار خسائر فادحة بذرائع واهية باتت معروفة للجميع، فما أن تبدأ الدوريات بتنظيم ضبوطها، حتى تتصدر تهمة “البضائع المهربة أو الأجنبية” القائمة.

التصريحات السابقة لوزير المالية في حكومة النظام السوري، والتي أكّد فيها أن دوريات الجمارك لا تمتلك سلطة تخولها دخول المحال التجارية والأسواق دون قرار خطي صادر عن النيابة العامة حصراً، لم تحم تجار العاصمة من الحملات التي أُطلقت آخرها الأسبوع الفائت.

إضافة لكونها حملة مخالفة “للقانون” بحسب ما أدلى به وزير المالية من تصريحات، إلا أنها لم تكن كغيرها من الحملات السابقة، فالمصادرات فيها كانت الأكبر بتاريخ العاصمة، والمستهدف الأول تجار الذهب والصاغة، في حادثة هي الأولى من نوعها.

أجرت دوريات تابعة لمديرية الجمارك في دمشق، منذ مطلع الشهر الفائت، حملة متواصلة استهدفت فيها تجار الذهب والصاغة في سوق العاصمة دمشق، حملت خلالها الدوريات اسم “المكتب السري” الذي صدر قرار بحلّه منذ سنوات.

مهمة خارج الصلاحيات، والمصادرات بالمليارات:
مصادر صوت العاصمة قالت إن دوريات جمارك دمشق، مُرفقة بعناصر تابعين للأفرع الأمنية، صادرت كميات كبيرة من الذهب خلال جولاتها في سوق دمشق، مشيرةً إلى أنها وجهت تهم متعددة للتجار، أبرزها عدم دمغ الذهب، وحيازة كميات من الذهب المهرب والإيطالي.

وبيّنت المصادر أن التهم المذكورة مخالفة للقانون، لكن مسؤولية مخالفة مرتكبيها من مهام وزارة المالية وجمعية الصاغة، ولا سلطة لمديرية الجمارك بمتابعتها.

وأضافت المصادر أن الدوريات وجّهت تهمة التعامل بغير الليرة السورية لبعض التجار في سوق الذهب، مشيرةً إلى أن تعامل الصاغة بالعملات الأجنبية أمر طبيعي ومعتاد، لا سيما خلال عمليات البيع للمغتربين.

وأكّدت المصادر أن دوريات الجمارك وجّهت تهمة “غسيل الأموال”، والكسب “غير المشروع” لتجار آخرين في دمشق، إلى جانب محاسبة الصاغة على دخلهم وحركة محالهم التجارية، في خطوة هي أيضاً خارج مهام الجمارك.

وبيّنت المصادر أن قيمة المصادرات من محال الذهب والصاغة بلغت مليارات الليرات خلال شهري تشرين الأول والثاني، توزعت بين عملة سورية ودولار أمريكي، إضافة لكميات من الذهب.

وبحسب المصادر فإن نسبة كبيرة من تجار الذهب أغلقوا محالهم بشكل نهائي، موضحة أن قسم منهم بدأ بالسعي للسفر خارج سوريا بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدوها خلال الحملة المذكورة.

اتهامات مُلفقة!
أحد تجّار الذهب في سوق القصاع بدمشق يقول لـ “صوت العاصمة” إنه أُجبر على دفع مبلغ 80 مليون ليرة سورية، بسبب تقرير كيدي يتهمه بحيازة الذهب الإيطالي.

ويُضيف التاجر أن الدورية أجرت تفتيشاً دقيقاً لمحله بحثاً عن الذهب الإيطالي، إلا أنها لم تعثر على شيء منه على الإطلاق، مؤكداً أن أحد العناصر أخرج قطعة ذهب إيطالي من جيبه وادعى أنه عثر عليها داخل المحل.

عناصر الدورية هدّدوا تاجر القصاع بدفع الغرامة المالية المفروضة عليه، البالغة 80 مليون ليرة سورية، وأونصتين ذهبيتين، مقابل عدم تنظيم ضبط المخالفة، لافتاً إلى أن الدورية تعهدت بعدم السماح للجمارك بدخول محله قبل شهرين.

وختم الصائغ: “جميع التجار يعلمون أن مبررات الجمارك غير منطقية، لكن مهما فعلنا ومهما أجرينا من اتصالات، لا مفر من دفع المبالغ التي تفرضها الدوريات”.

إغلاق كبير لمحال الذهب، والهجرة مقصد التجّار:
تاجر آخر من أبناء مدينة دير الزور، انتقل إلى العاصمة دمشق، وقرّر افتتاح محل للذهب في أسواقها، بعد أريحية العمل التي شهداها بدمشق بالمقارنة مع مدينته.

“عملت لسنوات في أسواق الصاغة بدمشق، وأسست ورشة لتصنيع الذهب فيها، وسرعان ما اكتشفت الألاعيب التجارية بين جمعية الصاغة ووزارة المالية وتجار السوق، بما يتعلق برفع الأسعار وتخفيضها”، يقول التاجر.

ويضيف التاجر في حديثه لـ “صوت العاصمة”: “الجمارك والمالية توظف مخبرين في الأسواق، مهمتهم تقديم تقرير دورية بالأرباح التقريبية لكل من تجار الذهب، ليكون أصحاب الربح الأكبر هم الضحية الأبرز لدوريات الجمارك”، متابعاً: “يمكنك ملاحظة ذلك ببساطة من خلال متابعة المحال التي تختارها الدوريات في جولاتها”.

وأكّد التاجر أن الدوريات أجبرته على دفع مبلغ 30 مليون ليرة سورية، إلى جانب خمس أونصات ذهبية، موضحاً أن الدوريات امتنعت عن دخول أحد محال الصاغة المجاورين، كونهم على معرفة بأن مبيعاته قليلة جداً.

ولفت التاجر إلى أنه أغلق ورشة التصنيع منذ أشهر، وبدأ بتصفية القطع الذهبية الموجودة في محله تمهيداً لإغلاقه بشكل نهائي، موضحاً: “معظم أرباحنا تتوزع كإتاوات للجمارك والتوين والمالية وغيرها”.

وبحسب التاجر فإنه ينوي الهجرة خارج سوريا بعد إغلاق محله بدمشق، بحثاً عن بيئة آمنة للعمل، ما أكّده تاجر القصاع وآخرين من صاغة دمشق ممن أغلقوا محالهم بشكل نهائي مؤخراً.

مخالفات أم إتاوات؟
كشف أحد موظفي مديرية الجمارك بدمشق لـ “صوت العاصمة” عن خطة متفق عليها بين وزارة المالية وجمعية الصاغة والجمارك لممارسة تلك الإجراءات، بهدف الضغط على التجار وتحصيل الإتاوات من جهة، وضبط الأسواق من جهة أخرى.

وأوضح الموظف أن الاتفاق جاء نتيجة عدم قدرة جميعة الصاغة على ضبط الأسواق، وانشغال وزارة المالية بجباية الضرائب القانونية، موضحاً أن التعليمات الموجهة للجمارك كانت شفهية، دون أي قرار رسمي.

وأكّد الموظف أنه شهد مطلع الشهر الجاري، تنظيم مخالفة بحق نجل أحد أبرز تجار الذهب بدمشق، بعد توجيه تهمة التعامل بغير الليرة السورية، وحيازة الذهب الإيطالي، وتجارة الألماس غير المصرح به، مبيّناً أن عائلته دفعت مبلغ مليار ليرة سورية لإغلاق القضية.

وبحسب الموظف فإن عائلة الموقوف تعمل بتجارة الذهب المهرب والألماس منذ سنوات، وبشكل شبه علني، دون التمكن من مخالفتها بسبب ارتباطها بشخصيات مدعومة في النظام السوري، إلا أن تخلي الداعم عن العائلة مكن الجمارك من تنظيم المخالفة المذكورة، وتقاضي المبلغ المتفق عليه إضافة لمصادرة بعض القطع الذهبية.

المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير