عادت حوادث “السخرة” لتسطير على حواجز محيط العاصمة دمشق من جديد، فاستغلال الحواجز العسكرية لسيارات الشحن الصغيرة نسبياً، وسيارات “بيك آب” لم يعد حالات فردية بل أصبح ظاهرة، خاصة في المناطق الحدودية مع مدينة دمشق، والتي بغالبها تحوي قطعاً عسكرية، حيث تتعمد حواجز النظام السوري على استخدام تلك السيارات مع سائقيها لنقل حمولات من الذخيرة أو العتاد أو الطعام، وربما عناصر مدججين بالسلاح إلى منطقة أخرى أو قطعة عسكرية أخرى .
على حاجز التاون سنتر في مدخل العاصمة الجنوبي، يُجبر العناصر سائقي السيارات المعروفة في سوريا باسم “سوزوكي” وهي سيارة نقل صغيرة، على نقل عناصرهم إلى دمشق، أو إلى قطعة عسكرية باتجاه صحنايا أو الكسوة في بعض الأحيان، وإن عدم الاستجابة من قبل السائق قد يعرضه للاعتقال والإهانة، وسرقة بعضاً من بضائعه إن كان محملاً بالبضائع، أو ربما يقف لساعتين أو ثلاثة على الحاجز دون سبب، حتى يوافق على طلبات مسؤولي الحاجز.
يتحدث “ابو محمود” وهو مزارع يملك سيارة “بيك آب”، ويقطن في القرى الحدودية من جهة طريق بيروت، أنه تعرض أكثر من مرة لحادثة استغلال عند مروره من حاجز (الصبورة- يعفور) الذي تسيطر عليه الفرقة الرابعة، حيث أُجبر على نقل عناصر إلى ثكنات الفرقة الرابعة القابعة على الجبال الحدودية، والعودة في منتصف الليل في ظل الخطر الموجود في تلك المناطق التي تعتبر عسكرية، ولا يدخلها إلى ضباط وعساكر الفرقة.
وعلى حاجز “المليون” في منطقة الزبلطاني، عند مدخل سوق الهال، تقوم عناصر الميليشيات الموالية ومخابرات النظام بإجبار أصحاب بعض السيارات وبشكل يومي على نقل عناصرهم إلى الجبهات الساخنة في محيط جوبر وعين ترما، من طرقات حربية وعرة ومقنوصة في بعض الأحيان، حيث تعرضت سيارة أحد السائقين لرصاص قناص أدى إلى انفجار أحد إطارات السيارات بالقرب من خط الجبهة في حي جوبر أثناء عودته بعد توصيل خمسة عشر عنصر بسيارته
ولا يتوقف الأمر عند سيارات الشحن فقط، بل الأمر تعدا ذلك ومنذ زمن، إلى إجبار سائقي السيارات المدنية على نقل عسكري او اثنين، خاصة إن كان شاب بمفرده يقود السيارة، ومر من أحد الحواجز، فنادراً ما يمشي دون أي يُقال له (وصل هالشباب بمعيتك ع اقرب مكان ع طريقك)، بالطبع الشاب الذي يقوم بالمستحيل لتخطي الحواجز العسكرية المئتان في دمشق، لن يرفض ذلك الطلب، وحتى إن اضطر لتغير طريقه سيوصل العناصر إلى منازلهم أو إلى حواجز أخرى، وفي بعض الأحيان إلى الأفرع الأمنية التي يتبع لها هؤلاء العناصر.
وينتشر في مدينة دمشق ومحيطها أكثر من 280 حاجز أمني وعسكري، ثلاثة منها فقط تابع للجيش النظام، وما تبقى يخضع لسيطرة الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، وميليشيات محلية وأجنبية فضلاً عن السيطرة الأمنية على تلك الحواجز من قبل أجهزة المخابرات.