بحث
بحث
دمشق عمليات قتل وسلب في وضح النهار، والفاعل ضد مجهول
مدخل سوق الصاغة بدمشق- صوت العاصمة

دمشق: عمليات قتل وسلب في وضح النهار، والفاعل “ضد مجهول”

الأوضاع الأمنية تسوء يوماً بعد يوم، وأقسام الشرطة لم تعد تحتمل ضغط الشكاوى والادعاءات، فاللصوص والعصابات يظهرون في مختلف أحياء دمشق على مدار الساعة”، كلمات افتتح بها “ياسر” حديثه، واصفاً الأوضاع الأمنية بالعاصمة دمشق.

بدأت عمليات السلب والسرقة بالظهور بشكل يومي في مختلف مناطق دمشق، منها ما يُنفَّذ ليلاً كما هو معروف لدى الجميع، ومنها يُنفَّذ في وضح النهار، وما أن مرت بضعة أيام حتى زادت أعدادها وبلغت العشرات يومياً، واشتدت وتيرتها لتصل للقتل والسطو المسلح لإتمامها.

ياسر (30 عاماً) العامل لدى أحد تجار سوق الحريقة بدمشق، كان شاهداً على عملية قُتل خلالها صائغ في سوق الذهب وسط العاصمة، وسلبت كافة القطع الذهبية الموجودة لديه، وفي وضح النهار.

يقول سامر لـ “صوت العاصمة”: “قبل أيام قليلة، ووسط سوق الذهب بدمشق، فُقد صاحب أحد المحال لعدة ساعات خلال النهار على غير عادته، وكان الجوار ينظرون إلى داخل المحل بين الحين والآخر للاطمئنان عليه، لكنه لم يظهر”.

ويضيف ياسر: “بعد عدة ساعات، حاول أحد الجوار الدخول إلى محل الصائغ المفقود، ونجح بفتح باب محله ليتفاجأ بدماء تسيل على كرسيه وعلى الأرض خلف المكتب، لكن لا وجود للجثة هناك، وبعد بحث لدقائق، وُجدت جثة الصائغ ملقاة داخل الحمام”.

أهالي المنطقة وأصحاب المحال التجارية فيها، تقدموا ببلاغ فوري لوزارة الداخلية، التي أرسلت دورية تابعة لأحدى أقسام الشرطة المجاورة، إلا أنها فشلت بالتعرف على هوية الفاعلين، ولا سيما أن كاميرات المراقبة في السوق معطلة منذ أسابيع.

“الصائغ المذكور كان الضحية الأولى لعمليات السرقة، والوحيدة خلال الأيام القليلة الماضية، لكنها ربما لن تكون الأخيرة، فعشرات الصاغة تلقوا تهديدات بالقتل والسرقة العلنية والسطو على محالهم، ما دفعهم لخفض كمية الذهب المعروضة لديهم، وتشديد الإجراءات الأمنية الخاصة بهم وبشكل فردي، خاصة بعد تجاهل السلطات في دمشق لعشرات الشكاوى المقدمة بهذا الخصوص”. يوضح ياسر.

ويختم ياسر: “لم نعد نجرؤ على الحركة بمفردنا حتى خلال ساعات النهار، وخاصة أثناء إيصال المبالغ المالية من رب العمل لدي لتجار آخرين، فيترتب علي اصطحاب صديق واحد على الأقل لضمان سلامتي”.

رغم الخوف السائد بين قاطني العاصمة دمشق، وعلى الرغم من الاحتياطات الفردية التي يتخذها الكثير منهم، كالعودة المبكرة إلى منازلهم، وتجنب التقاء الأشخاص الجدد على الإطلاق، تعرض العديد من قاطني دمشق لمحاولات خطف خلال الأيام القليلة الماضية، منها نجحت وسُجلت لدى سلطات النظام “ضد مجهول”، ومنها باءت بالفشل نتيجة سوء التخطيط.

تعرَّض المحامي أيمن (مستعار- 43 عاماً) لمحاولة خطف بالقرب من شارع بغداد وسط العاصمة، أثناء عودته إلى منزله في آخر ساعات النهار، إلا أنه و”لحسن الحظ”، لم يكن قد أطفأ سيارته بعد، واستطاع النجاة بحياته.

يقول أيمن: “أوقفتني مجموعة يرتدي عناصرها الزي العسكري الكامل، في إحدى حارات شارع بغداد وسط دمشق، وطلبوا مني أوراقي الشخصية، لكن سرعان ما لاحظت أنها ليست مهمة رسمية، فلم يسبق للدوريات الأمنية أن أقامت حواجزاً مؤقتة في تلك المنطقة، فقررت الهرب منهم قبل إطفاء محرك سيارتي، وتمكنت من ذلك بالفعل، دون أي ردة فعل منهم”.

حادثة خطف المحامي تزامنت مع عشرات الحوادث المشابهة التي وردت إليه عبر زملائه وقاطني المنطقة، منها اقتصرت على سلب النقود والهواتف النقالة، ومنها وصلت لسرقة السيارات ومحاولات الخطف، بحسب أيمن.

ورأى أيمن أن العصابات المنفّذة لعمليات السلب غير منظمة، ولا يوجد ارتباط أو تنسيق فيما بينها، مستبعداً أنها تتبع لجهات أمنية بشكل علني، كون الأخيرة قادرة على تقاضي المبالغ المالية من أي شخص كان، وبشكل علني.

وأرجع المحامي انتشار تلك العصابات بدمشق، وزيادة عمليات السرقة خلال الفترة الأخيرة، للأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية للأهالي، مبيّناً أن هناك الكثير ممن يجدون في السلب والخطف طريقة سريعة لجني الأموال، واصفاً إياهم بـ “ضعاف النفوس”.

أحد سكان منطقة المزة بدمشق يدعى “مازن” قال إن ظاهرة سرقة السيارات عادت للظهور في رأس قائمة المسروقات اليومية، وأن العصابات لا تتوانى عن سرقة المرايا والعجلات الاحتياطية، حال عجزت عن سرقة السيارة بأكملها.

يقول مازن (29 عاماً) “عشرات المرايا والعجلات الاحتياطية عثرت عليها إحدى الدوريات الأمنية أثناء مداهمة نفَّذتها في منطقة مهجورة خلف الرازي، بعد العديد من الشكاوى المقدمة من أصحاب السيارات”. مضيفاً أنها عثرت على مضخات مياه واسطوانات غاز إلى جانب قطع السيارات، في بناء مهجور اتخذت منه تلك العصابة مستودعاً لمسروقاتها”.

وبحسب مازن فإن الوضع الأمني بات أكثر خطورة في العاصمة دمشق عن السنوات السابقة، وخاصة في ظل الإجراءات المتخذة مؤخراً من قبل الفريق الحكومي، والتي تخص تحديد ساعات العمل والمهن المسموح بمزاولتها، حيث باتت الحركة شبه معدومة في مختلف أنحاء العاصمة عقب إغلاق المحال التجارية تمام الساعة السابعة مساءً.

أحداث انتشار السرقات وحالات الخطف والسلب متوقعة خلال الفترة الحالية، ولا سيما في ظل سوء الأوضاع المعيشية والفقر الذي ساد البلاد، إلى جانب الفلتان الأمني الكبير الذي أتاح للعديد من الأشخاص تنفيذ هذه العمليات” يقول أحد الأشخاص نقلاً عن قاضٍ في محكمة الجنايات.

ويضيف القاضي: “إجراءات الحجر الصحي ومراقبة تطبيقها أنهكت عناصر الداخلية، ولا تكفي أعداد العناصر المسجلين في ملاك وزارة الداخلية لتغطية جميع الأحداث في دمشق، والبحث عن فاعليها”، مضيفاً: “إن بقيت الأمور على هذا النحو فإن أوضاعاً كارثية تنتظرنا”.

وكانت وزارة الداخلية في حكومة النظام السوري، قد نشرت خلال الفترة الماضية، وبأوقات متقطعة، العديد من الإعلانات التي تدعو الشبان إلى التطوع في صفوفها، لرفد مراكزها في مختلف المناطق بعناصر جدد، في الوقت الذي نقلت فيه العشرات من عناصر حفظ النظام إلى مراكز الشرطة ومفارز الأمن الجنائي في العديد من أحياء العاصمة دمشق.

المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير