بحث
بحث
في الذكرى التاسعة للجريمة الأولى.. الحي الشرقي مصنع التشبيح في معضمية الشام
مدخل الحي الشرقي في معضمية الشام- صوت العاصمة

في الذكرى التاسعة للجريمة الأولى.. الحي الشرقي مصنع التشبيح في معضمية الشام

عائدٌ من عمله، وباللحظات التي حاول فيها دخول مدينته، استقرت الرصاصة الأولى في صدر “أحمد محي الدين الدمراني”، أحد أبناء مدينة معضمية الشام في ريف دمشق الغربي، ليُسجل كأول قتيل فيها.

في الخامس من نسيان 2011، وبعد 14 يوماً على انطلاق أولى المظاهرات في معضمية الشام، سُجلت الجريمة الأولى بحق أبناء المدينة، لكن أهالي الحي الشرقي رفضوا منحها لعناصر أجهزة الاستخبارات، وأطلقوا رصاص بنادقهم المباشر على الأهالي، لتكون تلك الجريمة لصالحهم.

أوائل اللجان التشبيحية:

مع انطلاق المظاهرة الأولى في معضمية الشام، في 21 آذار 2011، والتي لم يشارك فيها سوى بضعة شبان من أبنائها، واجه عناصر الأفرع الأمنية بالضرب والاعتقال، كغيرها من المدن السورية التي هتفت آنذاك نصرة لدرعا، لكن ما تعجب منه الأهالي حينها، وقوف أبناء الحي الشرقي في المدينة إلى جانب استخبارات النظام في قمعهم، رغم العلاقات الجيدة بينهم قبل خروج تلك المظاهرة.

“انقطع التواصل بيننا وبين أبناء الحي الشرقي عقب انطلاق المظاهرة الأولى في سوريا، دون معرفة الأسباب في بداية الأمر، على الرغم من صداقتنا وعلاقتنا الجيدة مع العديد من أبنائه، وتبادل الزيارات فيما بيننا بشكل متكرر، لكن الأمر اتضح في اليوم الذي شهدت اثنين من أصدقائي يحملان الهروانات، ويهاجمان المتظاهرين برفقة العناصر الأمنية التي دخلت المدينة لقمع المظاهرة”، يقول أحد أبناء البلدة.

عشرات الرسائل وجهها أهالي معضمية الشام لأبناء الحي الشرقي، دعوهم فيها للابتعاد عن مساندة النظام، وعدم الوقوف ضد أبناء المدينة المتظاهرين، إضافة للافتات التي رُفعت في المظاهرات، والتي أكَّدت نبذ الطائفية ودعت للوحدة الوطنية، لكنهم تمسّكوا برواية الإرهاب والمؤامرة الخارجية، وتجاهلوا الرسائل الموجهة لهم، وأصرّوا على متابعة أعمالهم القمعية.

بضعة أشهر، وما أن حل الربع الأخير من العام 2012، حتى بدأ أهالي الحي الشرقي بمشاركة قوات الجيش وعناصر الأفرع الأمنية، بالمداهمات التي تُطلقها في باقي أحياء المدينة، وتنفذ الاعتقالات العشوائية بشكل منفرد، في الوقت الذي كانت شبكاتهم الإخبارية تسعى جاهدة للتحريض ضد أبناء المدينة، واللعب على الوتر الطائفي لبث التفرقة.

أقامت الميليشيات المحلية المشكلة من قبل أهالي الحي الشرقي، العديد من الحواجز على مداخل الحيين الشرقي والشمالي، اللذان يعتبران المدخلين الوحيدان للمدينة من جهة العاصمة دمشق، وبات الروتين اليومي لأهالي معضمية الشام، البحث صباحاً عن جثث الشبان الملقاة على أطراف مدينتهم، بعد التباهي من قبل أهالي الحي الشرقي بـ “القضاء على الإرهاب”، ليتحولوا من شركاء بالعيش لأهالي معضمية الشام، إلى شبيحة تقتل وتعتقل وتنكل بهم.

ديموغرافية المدينة:

عقب أحداث حماة، ثمانينات القرن الماضي، أطلق “حافظ الأسد” خطة لحماية العاصمة دمشق، تضمنت إقامة طوق أمني في محيطها، عبر إقامة نقاط وقطع عسكرية في المنطقة، وإنشاء خزانات بشرية من الطائفة العلوية في المدن والبلدات القريبة منها.

معضمية الشام كانت من أولى المناطق التي طُبقت عليها تلك القرارات، حيث استُملكت قرابة الـ 85% من مساحة المدينة، ونُقلت إليها العشرات من عائلات ضباط جيش النظام، وأُسكنت في الحيين الشرقي والشمالي للمدينة، بالإضافة إلى منطقة السومريةـ لتكون الخزان البشري المؤهل لحماية العاصمة من الجهة الغربية.

ومع مرور السنوات، أصبحت الأحياء الجنوبية والغربية التي يقطنها السكان الأصليين، متداخلة مع الحيين الشرقي والشمالي التي قطنتها عائلات الضباط، وعلى الرغم من توطيد العلاقات الاجتماعية بينهم، ولا سيما بين الشبان الذين ارتادوا المدارس ذاتها، إلا أن الحيين الشرقي والشمالي توفرت لهما ميزات أكبر من الخدمات، كالمياه والكهرباء المجانية وغيرها.


إعداد: محمود صوان