صوت العاصمة – خاص
ما أن انتهى رأس النظام السوري من خطابه أثناء اجتماعه مع حكومته، حين أبدا انزعاجه من المظاهر التي أسماها بالمسيئة للوطن، حتى بدأت حملات عنيفة تشنها أجهزة المخابرات وشرطة المرور ومباحث المرور كدوريات مشتركة في جميع شوارع مدينة دمشق، لمخالفة السيارات التي تضع “فيميه” والأخرى التي لا تحمل لوحات واضحة، فمئات السيارات في دمشق بدون لوحات، يكسوها السواد وما من أحد يعرف لأي جهة تتبع أو من اولئك الذين يقودونها
الحملات الأمنية تركزت بداية على “الفيميه” والدراجات النارية غير المرخصة والسيارات التي لا تحمل لوحات، والسيارات التي تحمل رايات أو لصاقات لميليشيات موالية أجنبية منها أو محلية، ثم تطورت لتطال عناصر تلك الميليشيات المنتشرين في الشوارع بسلاحهم وعتادهم الميداني، لتقام بحقهم اجراءات قد تصل إلى الاعتقال مهما كانت صفة العنصر أو درجة وصوله، فقرار الأسد الأخير منع تواجد عناصر مسلحة في المناطق السكنية التي لا تحوي حواجز عسكرية أو نقاط لجيش النظام وميليشياته
القرارات الأخيرة التي صدرت عن الأسد، أكدت منع إعلاء الأناشيد التي تحمل طابعاً طائفياً، خاصة أن مدينة دمشق باتت تحوي كماً كبيراً من الميليشيات الطائفية، العلوية منها والشيعية الأجنبية، والتي لا تتوقف عن استفزاز السكان “السنة” في مناطق تواجدهم، خاصة في المدينة القديمة
وخصصت قيادة النظام صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي كما تم تخصيص خط ساخن لتلقي الشكاوى من المواطنين حول أي مخالفة في الشارع من حملة السلاح أو عناصر الميليشيات أو ابناء المسؤولين وأصحاب النفوذ لدى النظام، كما رحبت قيادة حزب البعث، الحزب الحاكم في سوريا، بقرار الأسد معلنة أنها جاهزة لتلقي أي شكوى من أي مواطن حول المخالفات وعمليات “التشبيح” التي تجري في شوارع العاصمة
الأمر تطور من التنفيذ على أرض الواقع إلى إعطاء الضوء الأخضر لكافة الإعلاميين والصحافيين المعروفين لفتح النار على تلك المافيات إعلامياً، عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الرسمية للنظام، مرحبين بقرار الأسد ومؤكدين على ضرورة هذه الخطوة بعد أن أصحبت دمشق وغيرها من المحافظة مناطق تملؤها السيارات السوداء والسلاح الغير شرعي
حملات “الفيميه” ليست بجديدة، ففي كل فترة تشن مباحث المرور حملات مشابهة تنتهي بمخالفة مئات السيارات، ولكن أصحاب النفوذ ما أن تتوقف الحملة حتى يعاودوا نفس التصرفات من إزالة لوحات التعريف الخاصة بالسيارات، ووضع “الفيميه” من جديد، لكن الأمر وكما يبدو هذه المرة مختلفاً إلى حد ما، خاصة مع السلطة والقوة الممنوحة لشرطة المرور، والتي كانت قد اختفت في السنوات الأخيرة بعد تشكيل ميليشيات وانتشار السلاح في دمشق، حيث لم يعد للمرور أي دور إلا مخالفة بعض سائقي السرافيس وسيارات الأجرة
عمليات “َضبط السلاح” وإزالة مظاهر التشبيح من شوارع دمشق، لاقت ترحيباً كبيراً من الموالي والمعارض والمحايد، فجميهم ضحية لتشبيح أعمى وسلاح منتشر بين يدي أطفال ومجانين، يستطيعون استخدامه في أي وقت يحلة لهم دون رادع
ويتوقع مطلعون وسكان في مدينة دمشق أن تستمر هذه الحالة حتى ضبط السلاح بشكل كامل، فيما يرجح البعض أن تلك الحملات جاءت بأوامر روسية لضبط الفلتان الأمني في العاصمة، خاصة مع الحديث عن نشر قوات روسية إيرانية في مدينة دمشق لمراقبة خطوط الاشتباك
ويتسائل سكان في العاصمة دمشق، أن تلك العمليات يمكن أن تصل إلى رؤوس المافيات المسلحة في المدينة أم ستطال العناصر فقط ؟؟ وهل سيتم معالجة القشور وترك لب المشكلة؟ فملاحقة العناصر والشبان المتهورين في تلك الميليشيات، لم يُوقف عمليات الخطف والسرقة والابتزاز وتجارة المخدرات التي تُمارسها قيادات الميليشيات وأفرع المخابرات في وضح النهار دون رادع، وحتى إن استمرت الحملة، فدمشق لن تتحول إلى أوربا بالطبع، ولن تتوقف الاستفزازات الطائفية من الميليشيات الأجنبية، ولن تتوقف عمليات الخطف والاعتقال التعسفي من قبل الميليشيات
وجاءت تلك الحملة بعد اسبوعين على قرار صدر من قيادة النظام بسحب كافة البطاقات الأمنية من المدنيين وعناصر الميليشيات باستثناء البطاقات الصادرة عن الأمن القومي، لربما تكون بداية لحل الميليشيات وضمها للفيلق الخامس، فهي خطة تم الحديث عنها منذ أكثر من عام