بحث
بحث

الحجز على أموال من تجاوز 42 عاماً وهو متخلف عن جيش النظام

في سياق أزمة النظام السوري التمويلية الخانقة، وحاجته الملحة إلى السيولة النقدية، أقر “مجلس الشعب” السوري تعديلاً على فقرة من قانون الخدمة العسكرية الإلزامية تتعلق بطريقة تحصيل ما يسمى “بدل فوات الخدمة” لمن تجاوز سن الـ42 عاماً ولم يؤدِها.

فالنظام لم يعد يجد من وسائل لتمويل خزينته المفلسة إلا بفرض المزيد من الضرائب الجائرة على شعب تجاوز 90% منه خط الفقر. ويتفنن النظام بابتكار الضرائب المتوحشة، وبتزويدها بآليات تنفيذية أشد ضراوة من عدم دفعها.

وبحسب التعديل الجديد، فقد تم استبدال فقرة في القانون كانت تنص على الحجز الاحتياطي، بالحجز التنفيذي المباشر على الأملاك المنقولة وغير المنقولة للممتنع عن الخدمة حتى سن 42، إذا لم يبادر إلى دفع “فوات بدل الخدمة” خلال 3 أشهر من بلوغه سنّ الـ42.

والفارق بين الحجز الاحتياطي والتنفيذي، قانونياً، أن الأول إجراء وقائي لضمان الدفع اللاحق، ما يمنع صاحب الملكية من التصرف بأملاكه قبل تسديد الغرامة المالية المطلوبة منه، فيما الحجز التنفيذي هو بمثابة تحصيل فوري للمبلغ عبر طرح أموال المحجوز عليه المنقولة وغير المنقولة  للبيع في المزاد العلني لاستيفاء المبلغ المطلوب.

وترافق إقرار الضريبة/العقوبة الأخيرة وطرق تحصيلها المتوحشة، مع مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي، الثلاثاء، على “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2019” الذي يفرض عقوبات جديدة على سوريا، وإيران وروسيا، عن جرائم الحرب التي ارتكبت في سوريا، والذي يتوقع أن يحرم النظام من أي أمل في أموال “إعادة الإعمار”.

وصدر المرسوم 30 المحدد لقانون “خدمة العلم” في العام 2007 ومنح “المتواري داخلياً” أو “المقيم خارجاً”، في حال امتناعه عن الخدمة الإلزامية، ثلاثة أشهر كمهلة تلي تجاوزه سن 42 عاماً  لدفع “بدل فوات الخدمة”.

وكان “بدل فوات الخدمة” يُعادل مجموع رواتب 35 شهراً لمتطوع في الجيش يوازي الرتبة الافتراضية للمتخلف عن الخدمة، بحسب الشهادات الحاصل عليها. وحدد القانون تلك المبالغ بين 190 و270 ألف ليرة سورية في العام 2007، أي بين 4-6 آلاف دولار أميركي.

غير أن تعديلاً تاليا للمرسوم صدر في العام 2014 ورفع قيمة “بدل فوات الخدمة الإلزامية” للجميع إلى مبلغ 8 آلاف دولار أميركي، أو ما يعادلها بالليرة السورية، وأعطي الممتنع عن الخدمة مهلة ثلاثة شهور للدفع، ويعاقب في حاله تخلفه عن الدفع بسنة سجن، بالإضافة إلى تحصيل المبلغ المطلوب منه وفق قوانين جباية الأموال العامة في سوريا.

ورغم ذكر القانون لعبارة 8 آلاف دولار أو ما يعادلها بالليرة السورية بحسب السعر الرسمي للمصرف المركزي (435 ليرة للدولار)، إلا أن الإجراءات تجبر دافعي البدل على شراء الدولار من السوق السوداء، لأن الورقة الممنوحة لهم بشراء المبلغ من شركات الصرافة أو البنوك الرسمية تواجه بالرفض، ما يضطرهم إلى شرائها من السوق خشية تأخر معاملاتهم وترتيب غرامات إضافية عليهم، أي بسعر يقارب 900 ليرة سورية للدولار حالياً.

اقتصار التعديل على طريقة التحصيل المالي والدفع ضمن المهلة، مع إبقاء العقوبة الجزائية المحددة بسنة سجن، يشير بوضوح إلى أن الهدف المباشر يتصل بتسريع تحصيل الغرامة المالية، خلافاً للإجراءات الماضية التي كانت تتصف بالروتينية والبطء في استيفائها.

ويرمي التعديل من جهة ثانية إلى إشاعة الخوف في صفوف السوريين في الخارج عبر تهديدهم بحجز أملاكهم، وبيعها في المزاد العلني، لإجبارهم على الإسراع في معاملات البدل الخارجي، أي دفع 8 آلاف دولار للاعفاء من الخدمة.

وفي الوقت الذي تبدو فيه إجراءات النظام لتسريع التحصيل وتشجيع دفع البدل نوعاً من محاولاته لترقيع أزمته المالية والتخفيف من حدتها، إلا أن عدم الدفع في المقابل يعني المزيد من الموارد سواء للخزينة العامة أو لشبكات الفساد التي ستجد في عرض هذه الأملاك في المزاد العلني فرصة للاستيلاء عليها عبر شرائها بأسعار بخسة.

وفي المقابل، وبعيدا عن الهدف المالي المباشر فإن النظام يسعى  أيضا، عبر هذا التعديل في قانون الخدمة إلى  التشديد والتضييق على السوريين في الداخل، خاصة الموالين الذين يتهربون من الخدمة الإلزامية، وذلك عبر تخويفهم من التبعات المالية اللاحقة، لإجبارهم على الالتحاق في صفوف جيشه الذي يعاني من نقص شديد في الكادر البشري، ومن نزيف مستمر عبر المعارك الدائرة.

المصدر: المدن