بحث
بحث
الدولار الواحد يمكن أن يساوي ألف ليرة مع حلول العام القادم - صوت العاصمة

الدولار بـ 1000 ليرة مع حلول 2020

“الدولار بألف”، العبارة الأكثر تكراراً في العاصمة دمشق، من تجار ومدنيين وموظفين حكوميين، منذ بدء انخفاض قيمة الليرة السورية منتصف أيلول الفائت وحتى اليوم، ولا سيما بعد اقتراب الدولار الأمريكي من الـ 850 ليرة سورية في اليومين الماضيين.

حكومة دون موارد:
أحد تجار الأقمشة في منطقة الحريقة بدمشق، يُدعى “أسعد” لخص حال الاقتصاد السوري بعبارة “النفط والغاز ليس معنا”، منتقداً التصريحات المتخبطة التي تصدر عن حكومة النظام بين حين وآخر.

يقول أسعد: “المسؤولون الحكوميون يعيشون حالة انفصال عن الواقع، وما زالوا مستمرون بأكاذيبهم رغم معرفة الجميع بحال البلاد، فأين موارد الحكومة التي تمكنها من تمويل نفسها؟ أمريكا استولت على النفط، وروسيا تتحكم بالمعابر والموانئ ومناجم الفوسفات، وخط الائتمان النفطي الإيراني متوقف!”.

ويضيف أسعد: “لا مورد فعلي لسوريا اليوم، الموارد الطبيعية تحت سيطرة القوات الغربية، والزراعة والصناعة في أسوأ حالاتها، والحوالات الرسمية انخفضت لأقل من 70%، ولا سبيل لإدخال العملات الأجنبية إلى خزينة الدولة لدعم الليرة السورية”.

وبحسب أسعد فإن الضرائب المالية المفروضة على التجار في أسواق العاصمة دمشق أكبر من الربح الذي يجنوه، إضافة للرسوم الجمركية والإتاوات على المعابر الذي يزيد ثمن القطعة إلى ضعفي كلفتها الحقيقية، بصرف النظر عن نوع البضائع، واصفاً تناسب الأسعار مع متطلبات الأسواق بـ “المستحيل”.

انتقادات للسياسة الاقتصادية:
الخبيرة الاقتصادية الموالية “رشا سيروب” نشرت عبر صفحتها الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” منشوراً انتقدت فيه السياسة الاقتصادية لحكومة النظام، ولا سيما الخبر الذي نشره مصرف سوريا المركزي عبر موقعه الرسمي تحت عنوان: “بيان من مصرف سورية المركزي بخصوص بدء تنفيذ مبادرة “عملتي قوتي”.

وبحسب ما ورد في البيان فإن غرفة تجارة دمشق أعلنت التزامها بالإعلان اليومي عن سعر العملات الأجنبية في السوق الموازي، ما يعكس حقيقة عمليات العرض والطلب على القطع الأجنبي لإلغاء أي دور لعمليات المضاربة وتأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات التي تعمل من خارج الجمهورية العربية السورية وفق أجندات خارجية تهدف للتلاعب بالأسواق وبالليرة السورية.

وقالت رشا تعقيباً على البيان الصادر أنه يعني عدة دلالات منها أن مصرف سورية المركزي سيسمح رسمياً بوجود سوق موازي لسعر الصرف ويعترف بأن سعر الصرف الرسمي مجرد رقم اعتباطي، مشيرةً إلى أنه سُمح لجهة خاصة غير حكومية وغير مصرفية بالإعلان عن سعر الصرف يومياً، معتبرةً ذلك بـ “الأخطر”.

وتساءلت سيروب في منشورها عن نية تعويم سعر الصرف قريباً، وعن السبب الذي يخول تجار دمشق الممثلين في غرفة تجارة دمشق بإعلان سعر الصرف الموازي، وليس اتحاد غرف التجارة السورية، إضافة للتساؤل عن إمكانية إصدار سعر صرف موازي لغرف الصناعة والسياحة وغرف المحافظات الأخرى.

وختمت الخبيرة الاقتصادية: “الزراعة والصناعة في القوة للعملة المحلية، وليس التجارة والسياحة ومشاريع ماروتا وباسيليا سيتي”.

مبيع الأسواق بالدولار:
دخول المحال التجارية في ظل الأسعار الحالية يحتاج حساباً دقيقاً، حيث يقدم أصحاب محال الأدوات الكهربائية والهواتف والإلكترونيات وتجار الجملة على استعمال الآلة الحاسبة فور السؤال عن سعر أي قطعة في متاجرهم، تزامناً مع السؤال عن سعر صرف الدولار الأمريكي الجديد، علماً أن معظم المواد المباعة موجودة في مستودعات التجار منذ أشهر.

مراسل صوت العاصمة في دمشق التقى عدد من الأهالي فيها، وقالوا بدورهم إن جميع التجار في الأسواق يتحدثون علناً عن احتمال وصول سعر صرف الدولار الأمريكي للألف ليرة نهاية العام الجاري، في ظل عجز حكومة النظام عن التدخل، مشيرين إلى أنها فتح المجال للتجار بالتسعير العشوائي، على الرغم من تصريحاتها المتكررة شبه اليومية بضبطها الأسعار وإغلاقها عدد من المحال التجارية المخالفة، في حين اعتبر آخرون صمت الحكومة وعدم تدخلها أمراً مقصوداً.

الشلل الاقتصادي ومحاربة الحيتان:
الخبير الاقتصادي “محمود” قال لـ “صوت العاصمة” إن حكومة النظام دخلت مرحلة الشلل الاقتصادي التام، وليست قادرة علة مواجهة التحديات الاقتصادية في ظل التخبط الذي تعيشه، مشيراً إلى أن عملية تدوير العملة الحالية تدوير في سوريا بين الرواتب والضرائب وحركة البيع والمستهلك، متوقعاً اختفاء العملة السورية بعد ارتفاع الأسعار الذي يؤثر على حركة الأسواق.

وأضاف محمود إنه لا يمكن إنكار دور الحصار الاقتصادي على سوريا، بالتزامن مع تجفيف المنابع والأزمة اللبنانية، وتأثيرهم على السوق السورية، لكن بالمقابل كان من الواجب على الحكومة عدم إفراغ احتياطي العملات الأجنبية بسبب قرارات غير مدروسة، لافتاً أن منذ إعلان الموازنة المالية لعام 2020 خسرت الدولة قرابة المليار دولار بسبب ارتفاع سعر الصرف، حيث كانت الموازنة بقيمة 6.1 مليار دولار بحسب سعر الصرف السابق 640 ليرة سورية، وباتت اليوم 5.1 بموجب سعر الصرف 790 ليرة سورية.

وبحسب الخبير الاقتصادي فإن النظام يعتقد محاربة حيتان السوق وتجار الحروب أمراً سهلاً، متجاهلة قدرتهم على إنهاء البلاد اقتصادياً إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

شائعات الإضراب:
يحيى صاحب أحد المحال التجارية في دمشق، أوضح لـ “صوت العاصمة” حقيقة الإشاعات التي انتشرت مؤخراً حول إغلاق المتاجر كحركة شبيهة بالإضراب، احتجاجاً على هبوط قيمة الليرة السورية.

يقول يحيى: “إغلاق المحال التجارية في أسواق دمشق جاء على خلفية الجولات المكثفة التي تجريها دوريات التموين وحماية المستهلك، التي تُجبر أصحاب المحلات على الإغلاق فور سماع أنباء عن وصولها الأسواق، ما يوهم المارة بأنه إضراب عام”.

ويضيف يحيى أن دوريات التموين تعمل على إغلاق المحال التجارية بالشمع الأحمر على الفور، أو تنظيم غرامة له تتراوح بين 50 إلى 100 ألف ليرة سورية، بتهمة رفع الأسعار أو التسعير غير المعلن، لافتاً أن قضية رفع الأسعار تتعلق بالشركات التجارية وكبار التجار، وليس بأصحاب المتاجر الصغيرة، وسط امتناع للشركات بمنح فواتير بيع بالسلع المباعة”.

وأكد يحيى أن الأسعار تختلف بين يوم وآخر في معظم الشركات وموزعي الجملة، حيث ترتفع بقيمة تتراوح بين 50 إلى 100 ليرة سورية للقطعة الواحدة، باختلاف سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء.

تصريف الليرة السورية ممنوع في شتورة:
“عندما يصل الدولار للألف أحضرهم للتبديل”، عبارة قالها أحد صرافي منطقة شتورة اللبنانية لتاجر سوري حاول تبديل قرابة 30 مليون ليرة سورية بدولارات أمريكية، بسعر صرف يبلغ 800 ليرة سورية، قبل إظهار صور في هاتفه المحمول، تُظهر أكياس كبيرة مليئة بالعملة السورية موضوعة في مستودع الصراف.

أحد سائقي سيارات الأجرة العمومية العاملة على خط دمشق- بيروت قال إن الكثير من الكثير من صرافي منطقة شتورة اللبنانية يمتنعون عن تبديل الأموال السورية بالدولار الأمريكي، بسبب فقدان العملات الأجنبية من السوق اللبنانية، وتكدس الليرة السورية في خزائن شركات الصرافة.

إجراءات حكومية باءت بالفشل:
اتخذت حكومة النظام ومصرف سوريا المركزي العديد من الإجراءات والقرارات خلال الأشهر القليلة الماضية، في محاولة منها لتحسين سعر الليرة وضبط الأسواق المحلية.

وكان الحجز على أموال كبار التجار والمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال من أبرز الإجراءات المتخذة مؤخراً، حيث سعت الحكومة لجني ملايين الدولارات منهم، عبر فرض قرارات حجز احتياطي ومصادرة أملاكهم وعقاراتهم.

وتبعه قرار إجبار التجار على إيداع مبلغ بقيمة 15% من قيمة المستوردات في المصرف المركزي، ورفع نسبة الواردات إلى 25%، إلى جانب إلزامهم بتمويل المؤسسات الاستهلاكية الحكومية، ثم محاولة إجبار التجار على إيداع نسبة 40% من قيمة مستورداتهم وبياناتهم الجمركية بالليرة السورية لمدة شهر واحد، لكن لم يودع المبالغ سوى عدد قليل منهم.

وأطلقت غرف التجارة مبادرة لتمويل المستوردات وتخفيض سعر الصرف، أجبرت التجار خلالها على دفع نسبة 10% من قيمة البيانات الجمركية لصندوق الدعم، عقب اجتماع لحاكم المصرف المركزي في فندق الشيراتون بدمشق، حاول خلاله إجبار التجار على دفع مبالغ للمركزي لمحاولة تخفيض سعر الصرف ولم يصل المبلغ لأكثر من 50 مليون دولار.

وجاءت هذه الإجراءات بالتزامن مع رفع نسب الضرائب والجباية بالأسواق، والضغط على الشركات والتجار لدفع التحصيل الضريبي، إضافة لإيقاف تمويل المستوردات بالدولار من قبل البنك المركزي، وتحويلها إلى غرف التجارة والصناعة، حيث كان المركزي سابقاً يمول بسعر 434 ليرة للدولار الواحد، وغرف التجارة تمول بسعر 550 دولار لشركات الصرافة، و603 للتجار المستوردين لمدة شهرين، ثم توقف الاثنان نهائياً.

وأصدر رأس النظام السوري، خلال الشهر الجاري، قراراً يقضي بزيادة الرواتب بمبلغ 20 ألف ليرة، في محاولة لتنشيط حركة الأسواق الجامدة، ليتبين أن الزيادة التي قيمتها 20 ألف ليرة سورية باتت 12500 كأعلى حد بعد إخضاعها لضريبة الدخل.

ومن جهتها، أصدرت وزارة التموين والتجارة الداخلية، بياناً قالت فيه إنها ستجري عملية تسعير للمواد الأساسية والاستهلاكية كل 15 يوماً، بحسب سعر الصرف الرائج، الذي حلله البعض بأنه سيكون حسب تسعيرة غرف التجارة أي ما يعادل 600 ليرة للدولار بموجب المبادرة.

وكثفت مديرية وين وحماية المستهلك دورياتها في أحياء العاصمة دمشق، وسط عمليات إغلاق لعشرات المحال التجارية، تزامناً مع فتح منافذ البيع في المؤسسات الاستهلاكية لسلة غذائية بقيمة 10 آلاف ليرة سورية، بينما لا تتجاوز قيمتها الفعلية الـ 7 آلاف.

اعداد: الكسندر حدّاد
تحرير: أحمد عبيد