بحث
بحث

هل يكون اقتتال الفصائل مقدمة للانسحاب من القابون؟


المدن – 

استعادت المعارضة ليل الجمعة/السبت بعض النقاط التي خسرتها في أحياء دمشق الشرقية، وتمكنت من قتل عدد من عناصر مليشيات النظام بينهم قيادي كبير يُعتقد أنه إيراني.

وشهدت الأحياء الشرقية لمدينة دمشق في الأسبوعين الأخيرين تقدماً متواصلاً لمليشيات النظام للسيطرة على المنطقة وقطع خطوط إمداد المعارضة فيها مع الغوطة الشرقية وحي برزة. وتمكنت المليشيات فعلياً من فصل حي برزة عن حيي تشرين والقابون، شرقي دمشق، بعد سيطرتها على النفق الوحيد الواصل بينها، والتابع لـ”جيش الإسلام”، كما سيطرت على نفق آخر يربط الغوطة الشرقية بأطراف حي القابون، قبل أيام، كان تحت سيطرة “فيلق الرحمن”.

ووسط تهاوي جبهات المعارضة شرقي دمشق، والحديث عن تسويات ومصالحات يحاول النظام إبرامها مع مجموعات وكتائب معارضة بشكل منفرد في حي برزة ومنها “تجمع شهداء جبل الزاوية” و”فوج قاسيون” التابع لـ”اللواء الأول” حول إمكانية الخروج إلى ادلب، شهدت الغوطة الشرقية فجر الجمعة، اقتتالاً جديداً بين فصائل المعارضة.

وبدأ “جيش الإسلام” بالهجوم على مقرات تابعة لـ”هيئة تحرير الشام” و”فيلق الرحمن” و”حركة أحرار الشام الإسلامية” في مدينة عربين. وقال بيان “الجيش” إن “الهيئة” بغت واعتدت واختطفت مؤازرة كان قد أرسلها “الجيش” إلى جبهات أحياء دمشق الشرقية. وعدا عن بيان “جيش الإسلام” الرسمي، فقد التزم إعلاميوه بالصمت الكامل، ولم يصدر عنهم أي تعليق.

مصدر في “هيئة تحرير الشام” التي تشكل “جبهة فتح الشام” أساسها، أكد لـ”المدن”، أن “جيش الإسلام” حشد قواته منذ أربعة أيام في محيط مدينة عربين تمهيداً لدخول مدينة دمشق، انطلاقاً من حي القابون، بعد عبور الأنفاق الواصلة بين الغوطة الشرقية والأحياء الشرقية، بحسب ادعاءات “الجيش”، إلا أن ذلك الهجوم تحوّل ضد مقرات “الهيئة”. وحاصرت قوات “الجيش” مقرات “الهيئة” وتم اعتقال العشرات من عناصرها، وسط أنباء عن إعدامهم ميدانياً، واندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين خلفت عدداً كبيراً من القتلى. واستعصت مجموعة من مقاتلي “الهيئة” في أحد أبنية مدينة عربين، رافضة الاستسلام ومستمرة بالقتال.

المصدر أكد ما نفاه بيان رسمي لـ”الهيئة” عن اتهامها من قبل “جيش الإسلام” باعتقال مؤازرة من “الجيش” كانت متوجهة إلى حي القابون. المصدر أكد ان ما جرى هو “عملية غدر” من قبل “جيش الإسلام” ومداهمة مقرات “الهيئة” وعناصرها نيام، وقتل أغلب عناصر “المكتب الإعلامي” للهيئة وحرق المقر الإعلامي التابع لها، بكافة المعدات الموجودة داخله. وأفاد مصدر أهلي في مدينة عربين عن عملية تنكيل بالجثث نفذها بعض عناصر “جيش الإسلام” بحق قتلى “الهيئة”، ومصادرة مبالغ مالية كانت موجودة في أحد مقراتها مع كميات كبيرة من سلاحها.

واستطاع “جيش الإسلام” بعد معارك وسلسلة من عمليات القنص والتصفيات الميدانية، السيطرة على بلدات حزة والأشعري وبيت نايم ومدينة عربين بالكامل، إلا أن هجوماً معاكساً لـ”فيلق الرحمن” و”هيئة تحرير الشام” أعاد بلدة حزة إلى سيطرتهما، مع تقدمهما على جبهات عربين التي لا تزال فيها مجموعات تابعة لـ”الهيئة” متحصنة ترفض الانسحاب.

وتسببت المعارك بمقتل القائد العسكري لقطاع عربين في “هيئة تحرير الشام” أبو غازي، وقيادي آخر في “فيلق الرحمن”. واعتقل “جيش الإسلام” القيادي راتب صعب، ابن مدينة دوما، والذي كان سابقاً في صفوف “جيش الأمة”، قبل أن يتم حلّه بعد الهجوم الكبير لـ”جيش الإسلام” عليه مطلع العام 2015.

حرب البيانات بين الفصائل تواصلت، ودعا “لواء فجر الأمة” إلى وقف الاقتتال وتحكيم العقل، بالرغم من وقوفه مع “فيلق الرحمن” و”هيئة تحرير الشام” في الاقتتال الذي جرى قبل عام بالتمام بين الأطراف ذاتها. “فيلق الرحمن” في بيانه أكد عدم تحييده من قبل “جيش الإسلام” عن المعارك، كما قال بيان لـ”الجيش”، وأشار إلى أن ما جرى هو اعتداء مباشر يستهدف “الفيلق”. فيما نفت “حركة أحرار الشام” معرفتها بما جرى، مؤكدة أن “جيش الإسلام” قام بمداهمة ومهاجمة مقرات تابعة لها في الغوطة الشرقية.

الاقتتال الداخلي في الغوطة الشرقية تسبب بمقتل مدنيين اثنين في حزة، وطفل في بلدة كفر بطنا، وسقوط عشرات الإصابات، بعضها باستهداف مباشر من قبل قناصي “جيش الإسلام” المتمركزين على أبنية عالية في أطراف حزة. ووثق ناشطون إصابة عشرات المدنيين برصاص قناص وسط موجة من الغضب تجاه عناصر “الجيش”، مؤكدين على ضرورة تحييد المدنيين عن أي اقتتال بين الفصائل. فيما قتل مسعف ميداني في عربين جراء الاشتباكات الحاصلة في المنطقة.

وخرج عشرات المدنيين الجمعة، بمظاهرات حاشدة دعت الفصائل لوقف الاقتتال الفوري وتحكيم العقل، إلا أن مقاطع مصورة لتلك المظاهرات أظهرت تعرضها لإطلاق نار حي بغرض تفريقها، وقيل إن مصدر الرصاص مجموعات تابعة لـ”جيش الإسلام”. ودعا ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي لإطلاق حملات تذكر بالاقتتال السابق الذي خلف أكثر من 700 قتيل بين فصائل الغوطة، انته بمصالحة بين القادة، داعين العناصر لعدم الانسياق وراء القادة الذين سيجلسون على طاولة واحدة في النهاية، وأن الاقتتال لن يجلب إلا الدم بين الأخوة.

الاقتتال الحاصل في الغوطة الشرقية، لم يكن الأول، ولن يكون الأخير، وسيستمر حتى يبتلع أحد الأطراف للبقية، بحسب ما يقوله بعض سكان الغوطة الشرقية. وعلى الرغم من التهدئة بين الفصائل خلال العام الماضي، إلا أن الغوطة باتت مقسمة فعلياً لقطاعات بين “جيش الإسلام” من جهة، وبقية الفصائل من جهة أخرى، ومعركة استئصال “الهيئة” من قبل “الجيش” قادمة لا مجال للشك فيها.

وتجددت الاشتباكات بين الفصائل بعد عام كامل على معارك دامية جرت في مسرابا ومديرة خلفت مئات القتلى، انتهت باجتماع صُلح بين قائد “فيلق الرحمن” أبو النصر، و قائد “جيش الإسلام” أبو همام، وتعهدهما بوقف إطلاق النار. صلح متأخر جاء بعدما استغل النظام الاقتتال الداخلي وسيطر على منطقة المرج وكامل القطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية. فهل يشبه اليوم البارحة؟ وهل يكون الاقتتال الداخلي بين فصائل المعارضة مقدمة لسقوط وشيك للقابون شرقي دمشق؟ 

اترك تعليقاً