قال المحلل العسكري لصحيفة “معاريف”
الإسرائيلية طال ليف – رام، إن الغارات التي قامت إسرائيل بشنها في الأراضي
السورية، قبل أيام، لا تعدّ تغييراً في سياسة الرد الإسرائيلية أو تغييراً في
قواعد اللعبة، كما صرّح وزير الدفاع، نفتالي بينت. ففي الجبهة الشمالية، ومقارنة
بما عليه الحال في الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة، تعمل إسرائيل خلال السنوات
الأخيرة بموجب مفهوم ممنهج ومن خلال التشديد على خطوط حمر لمنع تموضع عسكري إيراني
في سوريا.
وبحسب ما ترجمت
صحيفة “الأيام” الفلسطينية، فقد سُجلت أول نقطة مهمة في هذا الشأن في
شباط 2018. ففي ذلك الوقت لمّح الإيرانيون إلى أن سياسة الغموض التي كانوا
يتبعونها انتهت من ناحيتهم أيضاً. وقاموا بإرسال طائرة مسيّرة من دون طيار في
اتجاه الأراضي الإسرائيلية أسقطها سلاح الجو الإسرائيلي، وخلال الهجمات التي شنتها
إسرائيل رداً على إرسال هذه الطائرة، تم إسقاط طائرة مقاتلة إسرائيلية من طرف
الدفاعات الجوية السورية.
وواصلت إسرائيل، بعد
انتهاك نهج الغموض من طرف الجانبين، شن هجمات ضد أهداف إيرانية في سوريا. وهذا ما
حدث خلال السنة الأخيرة في سورية وفي أماكن أُخرى، وفقاً لمصادر عربية. وعلى الرغم
من التهديدات الإيرانية، إن معظم هذه الهجمات الإسرائيلية لم يواجَه بردات فعل من
طرف طهران، لكن في كل بضعة أشهر كانت تنفَّذ عملية انتقامية لا يُكتب لها النجاح
من ناحية عملانية من طرف ميليشيات إيرانية تعمل بتوجيه مباشر من فيلق القدس التابع
للحرس الثوري الإيراني.
في جميع عمليات
الانتقام هذه كان الرد الإسرائيلي قاسياً، وذلك بهدف إقرار معادلة غير متلائمة بين
عمليات إطلاق صواريخ فاشلة أو يتم إحباطها وبين ردة الفعل الإسرائيلية. وكانت
الغاية العملانية من وراء ذلك واضحة، وهي احتفاظ إسرائيل بحق المناورة في القيام
بعملية ضد مشروع إنتاج الصواريخ الدقيقة وضد التموضع العسكري الإيراني في سوريا،
حتى في ظل تهديد الإيرانيين بخوض مواجهة مع إسرائيل وتحويل منطقة الحدود مع سوريا
في هضبة الجولان إلى خط مواجهة إضافي تقع فيه حوادث أمنية كل يوم.
ويمكن القول إنه منذ
شباط 2018، وبوتيرة متصاعدة خلال السنة الأخيرة، وقعت حوادث أمنية استثنائية أكثر،
بما في ذلك إطلاق الصواريخ في اتجاه جبل الشيخ في كانون الثاني الفائت.
في الأشهر الأخيرة،
وبعد المواجهة المباشرة مع “حزب الله” في الشمال، لم تُنشر في وسائل
الإعلام الأجنبية تقارير بشأن هجمات إسرائيلية في سوريا. وفي المقابل هددت إيران
بأن قواعد اللعبة تغيرت، وقالت أنها سترد على أي هجمة إسرائيلية بهجمة من جانبها.
وفي بداية الأسبوع، ووفقاً لوسائل إعلام أجنبية، هاجم سلاح الجو الإسرائيلي قافلة
سيارات تابعة لإحدى الميليشيات الموالية لإيران في شرق سوريا. ولم تتأخر ردة الفعل
الإيرانية.
أهمية الهجوم
الإسرائيلي الواسع، الأربعاء الماضي، غير كامنة في تغيير قواعد اللعبة، كما قال
الوزير بينت في محاولة بائسة أن ينسب إلى نفسه تغييراً في سياسة الرد الإسرائيلية
بعد أسبوع واحد من تسلمه مهمات منصب وزير الدفاع، وإنما كامنة في الرسالة التي
تنطوي عليها، وفحواها أن إسرائيل لن تساوم في موضوع الخطوط الحمراء التي وضعتها في
كل ما يتعلق بالتموضع العسكري الإيراني في سوريا، حتى في ظل وجود تهديدات إيرانية
بالرد على أي عملية عسكرية إسرائيلية.
كما أن هناك تغييراً
آخر هو مهاجمة إسرائيل لأهداف مباشرة تابعة للجيش السوري، في حين أنها كانت تكتفي
في السابق بمهاجمة الدفاعات الجوية السورية فقط في حال إطلاقها النار في اتجاه
الطائرات الإٍسرائيلية. ويهدف هذا الهجوم إلى توجيه رسالة أُخرى إلى السوريين،
فحواها أنه يتعين عليهم أن يتحملوا المسؤولية عما يحدث في دولتهم جرّاء الحماية
التي يوفرونها للإيرانيين، وأنه على الرغم من الغطاء الجوي والسياسي الروسي، فإنهم
غير محصنين من الهجمات الإسرائيلية.
من المتوقع، كما
تشير التقديرات السائدة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، أن يستمر التوتر في
الجبهة الشمالية خلال الأشهر القريبة المقبلة. والحديث يدور حول نهاية فصل وبداية
فصل جديد. ومن الأفضل للوزير بينت أن يتذكر هذا، وألّا يبث تصريحات كالتي أدلى
بها، أول من أمس، وهدفت أساساً إلى تحقيق مكاسب سياسية.