بحث
بحث

تفجيرات دمشق:تنبأ بها النظام.. ولم يتفاداها


المدن – 

بالتزامن مع الذكرى السادسة لاندلاع الثورة السورية، ومع عقد مفاوضات “أستانة 33″، شهدت مدينة دمشق، الأربعاء، تفجيرين استهدف أحدهما القصر العدلي القديم، بينما استهدف الآخر مطعماً شعبياً في منطقة الربوة، ما خلّف أكثر من 41 قتيلاً وعشرات الجرحى، وتسبب في إغلاق معظم شوارع دمشق لفترة طويلة، وإخلاء القصر العدلي في المزة ووزارة العدل وبعض الدوائر الحكومية. ذلك فضلاً عن انتشار مكثف لأجهزة المخابرات ما ولّد حالة من الهلع في صفوف مئات آلاف المدنيين الذين وجدوا أنفسهم عالقين في الشوارع المغلقة، في وقت الذروة. وهو مشهد يذكّر بتفجيرات عام 2013، والتي طالت منطقة العدوي ومرآب البنك المركزي وشارع النصر ووزارة الداخلية وبرج دمشق للالكترونيات، بحسب وصف الكثير من السكان.

المصادر الرسمية قالت إن انتحاريين اثنين فجّرا نفسيهما في القصر العدلي ومطعم الربوة. وبحسب ما أظهرت الصور، فإن تفجير القصر العدلي وقع عند مدخله الداخلي، بالقرب من الأكشاك المخصصة لتصوير المستندات وبيع الطوابع، ونفذه انتحاري استطاع تجاوز نقطة التفتيش الأولى للقصر عند المدخل الحديدي، والتابع لسلك الشرطة. ولم يتمكن الانتحاري الذي كان يحمل هوية “مزورة” تابعة لـ”المخابرات الجوية”، بحسب مصادر “المدن”، من اختراق نقطة التفتيش الثانية التابعة للأمن، والتي تعتبر أصعب من الأولى. الزي العسكري الذي ارتداه الانتحاري سهّل عملية مروره عبر نقطة التفتيش الأولى، إلا أنه على ما يبدو لم يستطع المرور من الثانية فقام بالتفجير قبل بلوغ هدفه الذي لم يُعرف.

وعلمت “المدن” من مصادر مطلعة في وزارة الداخلية، عن وصول بلاغات منذ تفجيرات الشاغور قبل أيام، باحتمال وقوع هجمات جديدة قد تستهدف مراكز أمنية وسط العاصمة، الأمر الذي تسبب بمضاعفة التدقيق على الحواجز العسكرية في دمشق ومحيطها، خاصة على أصحاب الهويات العسكرية والأمنية. لكن الأهداف لم تكن معروفة.

وقالت شبكة “مراسل سوري” في “فايسبوك”، إن أجهزة النظام الأمنية كانت قد “تنبأت” بهجوم قريب على القصر العدلي في دمشق القديمة، وتتخوف حالياً من هجوم جديد قد يطال القصر العدلي في منطقة المزة ومبنى وزارة العدل.

وبحسب مصادر “المدن”، فإن عدداً من فروع الأجهزة الأمنية، كـ”فرع فلسطين”، عززت قواتها على مداخلها، بعد التفجير مباشرة، وزودت عناصرها برشاشات مضادة للطيران. ذلك عدا عن منع المدنيين من الاقتراب من المنطقة بشكل كامل، وإجراء عمليات تفتيش دقيقة طالت الطلاب الذين يقصدون كلية الهندسية الميكانيكية على المتحلق الجنوبي بالقرب من “فرع فلسطين”.

تفجير القصر العدلي جاء بعد أسبوع تقريباً من تفجير الشاغور الذي أودى بحياة أكثر من 50 عراقياً كانوا في مقبرة باب الصغير، والذي تبنته “هيئة تحرير الشام”. “الهيئة” نفت الأربعاء علاقتها بتفجيري القصر العدلي والربوة، فيما دانت حركة “أحرار الشام الإسلامية” التفجيرات التي استهدفت مناطق تواجد المدنيين. كذلك دان “المجلس المحلي في حي برزة” التفجيرين، بعدما نشرت الصفحة المركزية لقاعدة حميميم الروسية بياناً وجّه الاتهام إلى أحياء العاصمة الشرقية بإرسال “إرهابيين” إلى دمشق، مؤكدة على ضرورة استمرار العمليات العسكرية ضد تلك الأحياء، الأمر الذي دفع النظام مباشرة لإغلاق الحاجز المؤدي إلى حي برزة بالقرب من مستشفى حاميش بالسواتر الترابية، ومنع الخروج والدخول إلى دمشق بشكل نهائي، حتى للقادمين من التل و”ضاحية الأسد” الواقعتين تحت سيطرة النظام.

وكان النظام قد قدّم لوفد التفاوض عن حي برزة، قبل أقل من 24 ساعة من التفجيرات، بنود “المصالحة” الخاصة بالمنطقة، والتي تنص على تسليم السلاح الثقيل و”تسوية أوضاع” المطلوبين وفك الحصار الجزئي و”ترحيل” من لا يرغب بالتسوية إلى ادلب. فيما شنّت “الفرقة الرابعة” حملة دهم واعتقال طالت العديد من عناصر المليشيات الموالية في حي عش الورور، بتهمة تهريب المدنيين من الأحياء الشرقية إلى مدينة دمشق، مقابل مبالغ مالية وصلت إلى 100 ألف ليرة سورية (200 دولار) للشخص الواحد.

وتثير التفجيرات التي ضربت دمشق تساؤلات عديدة حول تورط جهات أمنية سهّلت عبور المنفذين، أياً كانت الجهة التي ينتمون إليها، خاصة مع استئناف “أستانة-3”. ويعتبر البعض أن تلك التفجيرات جاءت رداً على روسيا من المليشيات الإيرانية على تفجير باب الصغير. ويرجّح أصحاب ذلك الرأي أن دمشق ستشهد في الأيام المقبلة تبادلاً لرسائل كثيرة عبر التفجيرات، سيكون بعضها عبر تسهيل دخول جهات متشددة، مع تصاعد الخلاف الروسي-الإيراني حول مصير الغوطة الشرقية، ومصير أحياء دمشق الشرقية.
المصدر: اضغط هنا