بحث
بحث

كيف تتحكم مخابرات النظام بكهرباء دمشق ؟؟


صوت العاصمة – تحقيق خاص
لم تعد مشكلة الكهرباء والتقنين مُغيبة عن أي مسؤول في حكومة النظام، والمبررات جاهزة دائماً، نقص الفيول وضرب خطوط الغاز، فاليوم سكان بعض مناطق دمشق لم يعودوا يطالبون بتخفيف التقنين، بل أصبح المطلب هو العدل بالتقنين وتثبيته.
برنامج التقنين الذي بدأ 3-3 وهذا يعني ثلاث ساعات لوجود الكهرباء مقابل ثلاث ساعات لانقطاعها، بات اليوم 5-1 وهو يعني انطقاع التيار الكهربائي خمس ساعات مقابل ساعة واحدة من وجوده، وفي تلك الساعة يمكن أن تنقطع الكهرباء أكثر من عشر مرات، قبل أن يدخل التقنين وقته الجديد .

الانقطاع المستمر أثناء فترة وجود الكهرباء أصبح شيء لا يُطاق، وعند تقديم الشكاوى أو اعتراض لمركز طوارئ المنطقة تكون الحجة جاهزة، أن سبب الانقطاع المتكرر هو “القاطع التفاضي”، فيما تكررت محاولات سكان بعض المناطق لإيجاد حلول بتغيير العوازل داخل الخزانات أو دفع رشاوى لعمال الصيانة لتغيير القاطع أو نقله لحظ آخر، لكن الجواب يكون واحد “الضغط السكاني والسحب الزائد هو السبب”
وهنا يُقصد بالقاطع التفاضلي أنه ذلك القاطع الموجود في الخزان المغذي لإحدى المناطق، وعند ارتفاع السحب الكهربائي للمنطقة يفصل القاطع تلقائيـاً، وهي المبررات التي يقدمها موظفو الكهرباء لأهالي وسكان أحياء العاصمة دمشق.

فريق “صوت العاصمة” التقى أحد المهندسين في محطة “دير علي” وهي واحدة من أكبر المحطات الذي تغذي دمشق  وفي سياق الحديث قال المهندس: لا يوجد شيء اسمه قاطع تفاضلي لدينا، ونحن نضخ التيار الكهربائي بشكل طبيعي، وجميع العنفات تعمل جيداً ولدينا من الفيول ما يكفي لشهر على الأقل، ولا مشكلة بتشغيل كهرباء دمشق لساعات طويلة يومياً، كما في الأعياد والمناسبات الوطنية والدينية، فلماذا لا يتأثر القاطع التفاضلي حينها ؟؟
ويضيف المهندس: بحسب قراءة الشاشات الالكترونية لدينا، جميع المناطق سحبها طبيعي ولا ضغط يُذكر على الصمامات الحرارية، وكلام الموظفين في مؤسسات الكهرباء ومكاتب الطوارئ كذب وافتراء على الناس، ومزاجية لا تنتهي واستجابة لأوامر أجهزة المخابرات التي تحمل ورائها كل الضغوطات لحرمان بعض الأحياء من الكهرباء، وقد نقلنا وجهة نظرنا لمدراء المحطات ومنها للوزير ووصلت لرئيس الحكومة دون أي إجراء يُذكر.

ولا يخفي   المهندس فقدان الفيول في بعض الأحيان أو استهداف خطوط الغاز المغذية للمحطة، ويقول أننا هنا نتحدث عن حالات استثنائية، ولكن في العموم نستطيع تثبيت التقنين ليكون مقبولاً بالنسبة للمواطن وكافياً لإنجاز اموره الحياتية، ولكن يجب على مكاتب تخديم الأحياء الانصياع لأوامرنا وليس أوامر أفرع المخابرات للانتقام من الأحياء التي تحوي مهجرين، وآخرى انتفضت في يوم من الأيام بوجه النظام.

ويتحدث “أبو أحمد” وهو أحد موظفي مؤسسة الكهرباء في مركز خدمات بدمشق القديمة أن القواطع في بعض الأحيان تفصل نتيجة الحمل الزائد ويؤكد أنها ليست المشكلة الرئيسية، وليست شيء دوري أيضاً، فهي تحصل في الأسبوع مرة أو ربما كل عشرة أيام مرة، لكن الأوامر تأتي من الجهات العُليا لقطع الكهرباء، تحت ذريعة عقاب طائفي ومناطقي وبشكل واضح وغير قابل للتبرير، فمن رأى شارع الأمين وأحياء الشيعة في أيام عاشوراء وكميات الإضاءة التي تم تشغيلها على مدار الساعة، يدرك أن الموضوع ليس قاطعاً أو حِملاً زائداً .

يقاطع “أبو أحمد” زميله في العمل ويقول: القصة والموضوع أكبر مننا جميعاً فالأوامر الأمنية أكبر من الجميع، وهذا يحدث يومياً عبر موجات اللاسلكي، وهواتف المراكز، فالمناطق المليئة بالمهجرين تعتبر حاضنة لــ “المسلحين”، وكون المخابرات هي المسؤول الأول عن الموافقات الأمنية للمنازل، فهي تعلم من يسكن هنا وهناك، ومزاجية التيار لم تأتي عن عبث، فعلى سبيل المثال حي الزاهرة بقديمها وجديدها، مليء بمراكز الإيواء التي تحوي مئات العوائل المهجرة من ريف دمشق، ومنطقة خلف الرازي كانت يوماً ما ضد النظام، واليوم تعاني من تغيير ديموغرافي واضح، ومناطق اللوان والمهايني التي ينقطع فيها التيار الكهربائي لأسابيع متواصلة، كانت في يوم من الأيام محاذية لمدينة داريا المغضوب عليها، وهكذا …..

حرب خفية، وعقوبات من نوع آخر تمارسها مخابرات النظام السوري على المهجّرين، وكل من يحمل فكراً معارضاً ولا يزال في عاصمة “الأسد” في ضغوط مستمرة لتهجيرهم من سوريا دون عودة.