بينما تستنكر دول رئيسية إجراء النظام السوري انتخاباته، يمضي الأخير في الترويج لـ “نزاهتها” مستعيناً بشهادة أبرز حلفائه الذين دعموه عسكريا ومادياً خلال الحرب الدائرة منذ عقد من الزمن تمزّقت خلاله البلاد، وخسرت بناها التحتية مسجّلةً أسوأ أزمة اقتصادية، مع لجوءِ ونزوح أكثر من نصف سكان البلد، وفقاً لإحصائيات أممية.
ومع إعلان النظام إجراءه الانتخابات منفرداً، حثّت دول غربية وإقليمية، العالم على الرفض القاطع للاعتراف بهذه الانتخابات التي وصفتها ب، “اللا شرعية”، فيما غاب موقف معظم الدول العربية.
لكنّ رأس النظام بشار الأسد الذي يحكم سوريا منذ عام 2000 خلفاً لوالده، قال إنّ رأي الدول الرافضة لانتخاباته لا تهم، وأضاف من دوما بريف دمشق التي شهدت هجوماً كيماوياً وحرباً انتهت بتهجير غالبية أهلها إلى الشمال السوري عام 2018، إنّ قيمة “آرائكم صفر”.
بيان خماسي
واستبقت خمس دول كبرى هي أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا، يوم الانتخابات ببيانٍ مشترك لوزراء الخارجية في 25 أيار، استنكرت فيه الانتخابات التي تجري خارج الإطار الموصوف في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
وقال الوزراء في البيان: “يجب إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة وفقا لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة”.
وأكدوا ضرورة “السماح لجميع السوريين بالمشاركة، بمن في ذلك النازحون السوريون واللاجئون وأفراد الشتات في بيئة آمنة ومحايدة”.
وقالوا: “نحث المجتمع الدولي على الرفض القاطع لهذه المحاولة من قبل نظام الأسد لاستعادة الشرعية دون إنهاء انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان والمشاركة بشكل هادف في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع”.
أمريكا تؤكّد موقفها: “الأسد بعثي تقليدي”
وإلى جانب بشار الأسد ترشّح شخصان مغموران هما عبد الله عبد الله، ومحمود مرعي، اعتبرت أوساط في المعارضة أنّ الأسد اختارهم بنفسه.
ويوم الاقتراع (الأربعاء)، قال مسؤول كبير في الخارجية الأمريكية، إنّ انتخابات الأسد “صورية وليست حرة ولا نزيهة”.
وأضاف المسؤول إنّ “حظوظ منافسي بشار معدومة في الفوز بالانتخابات الرئاسية الصورية (..)، والأسد هو بعثي تقليدي والسؤال الوحيد لأي بعثي عندما يكون هناك انتخابات رئاسية هو أن يحصل على 99 في المئة أو 99.9 في المئة”، حسبما نقل موقع قناة الحرة.
ودعا المسؤول الأميركي حلفاء الولايات المتحدة وشركاءها إلى “أن يكونوا حذرين والتفكير بإمكانية تعرضهم لعقوبات عبر التعامل مع نظام الأسد والتفكير ملياً بالوحشية التي مارسها ضد الشعب السوري خلال العقد الماضي”.
كندا: الانتخابات ليست نزيهة
من جهتها، رفضت كندا الاعتراف بشرعية الانتخابات، قائلةً إنّها لن تكون حرّة ولا نزيهة ما لم تتم صياغة دستور شامل يشكل أساساً لمسار موثوق به نحو تسوية أو انتقال سياسي، وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254″.
وجاء في بيان للخارجية الكندية الثلاثاء، إنّ الانتخابات “لا تعني نهاية نضال الشعب السوري”.
وشدد البيان أنه “في غياب النزاهة والحرية والبيئة الآمنة، لا يمكن للانتخابات أن تمثل إرادة الشعب السوري، وأن كندا لن تعترف بشرعيتها”.
بيدرسون: لسنا منخرطين بالانتخابات
وفي إحاطته أمس الأربعاء أمام مجلس الأمن الدولي قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون إنّ الانتخابات التي تجري حالياً ليست جزءا من العملية السياسية.
وأضاف: إن “الانتخابات ليست جزءاً من العملية السياسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254، والأمم المتحدة ليست منخرطة في هذه الانتخابات وليس لديها تفويض للقيام بذلك”.
وينص القرار الأممي على إجراء انتخابات حرة ونزيهة بدستور جديد تشرف عليها الأمم المتحدة بموجب أعلى معايير الشفافية، وتشمل جميع السوريين داخل وخارج سوريا.
أنقرة: ظروف غير عادلة
بدورها، قالت تركيا التي تستضيف على أراضيها حوالي 4 ملايين لاجئ سوري، إنّ الانتخابات التي يجريها النظام غير شرعية ولا تعكس إرادة الشعب.
وأضافت وزارة الخارجية في بيان أنّ الانتخابات “تجري في ظروف غير حرة وغير عادلة وتتعارض مع نص وروح قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 بشأن التسوية السياسية للصراع السوري”.
وأكّدت تركيا التي رفضت السماح لقنصلية النظام بإجراء الانتخابات على أراضيها، أنّه يجب عدم السماح “لمحاولات النظام الرامية إلى تأمين شرعية مصطنعة عبر الانتخابات التي تعرف نتائجها أصلا”.
“الأسد زعيم المافيا في انتخابات محسومة”
وتحدّثت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية في تقرير أمس الأربعاء، عن الانتخابات في “دولة المافيات”، معتبرةً أنّ نتيجتها معروفة.
وأضافت أن “المعجزة الحقيقية الوحيدة ستكون إذا منحت الانتخابات الرئاسية، الأسد ولاية رابعة على التوالي مدتها سبع سنوات، بأغلبية أقل من 90%”.
وذكرت الصحيفة التي أجرت مقابلات مع رجال أعمال سوريين، أنّ “الكثير ممن تعاملوا مع الأسد في السنوات الأولى من رئاسته، تفاجأوا من تحول سوريا إلى دولة مافيا”.
ونقلت الصحيفة عن ضابط عمليات سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، يعرف رأس النظام، قوله إن الأسد “هو توني سوبرانو الشرق الأوسط” (زعيم المافيا في مسلسل “ذا سوبرانوز”).
وتابع: “بالنسبة للكثيرين منا كمراقبين لسوريا، جادلنا عبثاً أن بشار ما هو إلا رجل مافيا”، وكانت المحصلة النهائية هي أن بشار “كان نتاجاُ خالصاً لوالده، وكان مصير سوريا أن تعاني معه. لن يتخلى عن الكرسي تحت أي ظرف سوى الموت”.
ونشر صوت العاصمة تقريراً عن حملة الأسد الانتخابية في دمشق وريفها، والتي جعلت جدران العاصمة وأرصفتها مكتظة بصور الأسد.
وفرضت استخبارات النظام على أصحاب محال تجارية وأعمال شراء صور الأسد وتعليقها تحت التهديد.
ومن المتوقّع أن تصدر نتائج الانتخابات خلال الـ 48 ساعة المقبلة، وسط اعتقاد سائد في أوساط السوريين بأنّ الأسد هو الفائز بنسبة ساحقة، تمكّنه من البقاء في الحكم لولاية رابعة مدّتها 7 سنوات إضافية لـ 21 عاماً من الحكم.