عادت أزمة الدواء لتلاحق أهالي العاصمة دمشق، وذلك على خلفية فقدان بعض الأصناف الأجنبية من الصيدليات، وندرة البدائل التي تعتمد على تراكيب مشابهة مصنعة محلياً، الأمر الذي دفع بكثيرين للتوجه إلى السوق السوداء، ودفع أضعاف السعر المحدد من قبل وزارة الصحة.
مراسل صوت العاصمة قال إن أدوية القلب والضغط والسكري إضافة إلى أبر الأنسولين، فقدت من صيدليات العاصمة للمرة الثانية خلال العام الجاري، وهو ما أنعش السوق السوداء، وخلق موجة من تراشق التهم بين الصيادلة، الذين يتحفّظون على الأدوية ويبيعونها بأسعار مرتفعة، وبين المعامل التي ترفع الأسعار دون أي ضوابط رقابية.
محمد، ستيني مصاب بمرض ارتفاع ضغط الدم، يقول لصوت العاصمة “أبحث عن دواء الضغط في الصيدليات منذ أكثر من 10 أيام، لكن دون فائدة، أدوية تنظيم الضغط أصبحت شيئاً نادراً، حتى الدواء الذي كان يأتينا من لبنان انقطع”.
وأضاف: “لدي علبة دواء أخيرة فيها بضع حبات، وعند فراغها، لا أعلم ما الذي سأفعله”، مشيراً إلى أنه يرفض شراء الدواء من السوق السوداء: “لن أدفع 5 أضعاف سعره الطبيعي”.
من جانبها تساءلت منى، امرأة من أهالي العاصمة، “هل يعقل أن لا أجد سعراً موحداً لشراب سعال وُصِف لولدي، ضمن 5 صيدليات في منطقتي”، مبينة أنها اشترت بالسعر الأرخص.
وأشارت إلى أنه في كل مرة يُطرح سؤال، لماذا يختلف السعر بين الصيدليات، يكون الجواب جاهزاً “الوضع الاقتصادي والمصاريف وإيجار الصيدلية، تلك الأجوبة التي بتنا نحفظها غيباً”.
“اتحفّظ على الأدوية لأعيش”
صاحب إحدى الصيدليات في دمشق يدعى “فايز” اتهم المعامل والموزعين بالتلاعب بأسعار الأدوية، كونهم يتحكمون بالأسواق والأسعار على حد سواء، مبيناً أن ربحه بات يقتصر “على بضع مئات من الليرات، مع العلم أن اجار الصيدلية ورسوم النقابة ومصاريف الحياة تصل لمئات الألوف”.
ولم يُخف تحفظه على بعض أصناف الدواء الأجنبي، لبيعه بسعر “مقبول” على حد وصفه، قائلاً: “من حقي أن أربح لأعيش”.
وأشار إلى أن “أغلب الصيادلة بدمشق يفعلون ذات الشيء، ويخفون بعض الأنواع من الدواء لحين فقدانها، لأن الامور باتت معروفة، عند كل ارتفاع للدولار يُفقد صنف معين من الدواء، ونتيجة لفرق السعر، تتم عملية البيع بربح أكبر”.
مواد مشفى المجتهد المخبرية في السوق السوداء
وكحال الأدوية، فُقدت كثير من أصناف المواد الأولية الخاصة بالتحاليل الطبية من أسواق العاصمة، وهو ما فتح المجال أمام بعض العاملين في المشافي الحكومية لبيع مخصصاتها في السوق السوداء.
صاحب أحد المخابر في منطقة المزة كشف لصوت العاصمة أنه اشترى مواد تحليل مخبرية لكشف التجلطات وانسداد الشرايين، بقيمة تزيد عن 3 أضعاف السعر الطبيعي من أحد الممرضين في مشفى المجتهد.
وذكر أنه تفاجئ من حديث الممرض الذي أعرب له عن وجود مواد “مخفية” عن العموم في المشفى، وهي المواد التي تباع في السوق السوداء، متسائلاً: “هل وزارة الصحة على علم بما يحدث داخل مستودعات المشافي، وما يحصل من بيع لتلك المواد في السوق السوداء، وتسجيلها على أسس استهلاك وهمي”.
العقوبات هي السبب
حمّلت مديرة الشؤون الدوائية في وزارة الصحة “رزان سلوطة”، العقوبات المفروضة على سوريا من قبل أمريكا والاتحاد الأوروبي، المسؤولية عن النقص الحاصل ببعض الأدوية في الأسواق السورية.
وأضافت في تصريح سابق أن هناك شحاً في بعض المواد الأولية التي تستوردها سوريا بسبب أزمة كورونا، وإحجام بعض الدول عن تصدير تلك المواد إلى سوريا بالفترة الأخيرة.
وشهدت البلاد في شهر حزيران الماضي، فقداناً لكثير من أصناف الأدوية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، والتي تزامنت مع ارتفاع وصفه البعض بـ “غير المبرر”.
والقى عدد من الصيادلة حينها اللوم على وزارة الصحة التي ”ترفض التسعير حسب الوضع الراهن، وتحدد الأرباح للمعامل والصيادلة بنسب لا تتجاوز 20%، وهذا لا يناسب أصحاب المعامل والصيادلة”.