ترجمة صوت العاصمة
نشرت صحيفة بيلد آم زونتاغ الألمانية تقريراً قابلت فيه عدداً من اللاجئين السوريين ووكالات السفر ووسطائها، للكشف عن تنظيم الرحلات غير القانونية لمؤيدي النظام السوري، واللاجئين الذين يقضون أيام العطلة في سوريا.
وكشفت الصحيفة أن هناك طرق مختلفة للدخول إلى سوريا عبر لبنان أو إيران أو تركيا، وذلك عن طريق شركات سفر في عدة مدن ألمانية منها العاصمة برلين، مثل شركة “النخال” اللبنانية، ووكالة “الأوتوم” لحجوزات السفر وشركات سياحية أخرى.
وقالت الصحيفة إن مراسلها “السوري” تواصل مع عدة شركات بحجة أنه يريد السفر إلى وطنه، وتبين أن الشركات تطلب جواز سفر سوري أو التقدم بطلب للحصول على تذكرة نقل من السفارة السورية، وهي ستتابع بقية الإجراءات، مؤكدةً أن قانون اللجوء يمنع اللاجئين المعترف بهم بدخول سفارة بلادهم، ما يشير إلى أن المسافرين إلى البلاد من موالي النظام السوري.
وتابعت الصحيفة أن وسطاء السفر في لبنان يؤمنون تصريحاً يتضمن إعفاءً للدخول إلى سوريا، عبر حافلة تتوجه مباشرة من مطار بيروت عبر الحدود إلى سوريا.
وبحسب الصحيفة فإن تكاليف عطلة اللاجئ في سوريا تبلغ حوالي 800 يورو، وتشمل الرحلتين الجوية والبرية والوثائق اللازمة، وكذلك الرشاوى المقدمة ابتداءً من المكتب وصولاً للحدود السورية.
ويتحدث الكثير من السوريين عن العطلة في بلدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فكتب المدون “أراس باخو” على صفحته في “تويتر” في شهر تموز الفائت: “قبل أسبوعين ذهب ستة سوريين أعرفهم في إجازة إلى سوريا، لزيارة أفراد عائلاتهم والحصول على قسط من الراحة، الراحة بشكل خاص من ألمانيا هذا غريب! لكن من الطبيعي أن يحن المرء لوطنه، وأصبح من الشائع بألمانيا الآن أن يقضي السوريون إجازة في وطنهم”.
وقالت لاجئة سورية تبلغ من العمر 38 عاماً، وتقيم في ولاية “بافاريا” منذ عام 2015 إنها سافرت مرتين إلى سوريا منذ وصولها ألمانيا، وبقيت فيها قرابة الشهرين، بهدف زيارة أولادها الثلاثة، مشيرةً إلى أنها ستزور سوريا مجدداً ولو خسرت إقامتها في ألمانيا.
لاجئة سورية أخرى تعيش في ألمانيا منذ عام 2015 أيضاً، زارت وطنها لرؤية والدها المريض في دمشق وقالت للصحيفة: “لقد سافرت إلى تركيا وعبرت الحدود إلى مدينة القامشلي السورية، ولم أخبر السلطات الألمانية لأنني كنت أخشى أن يتم سحب حقي في اللجوء”.
وكشفت الصحيفة أن الطريقة الشائعة لعودة اللاجئين إلى ألمانيا تتم بأوراق شخصية سورية إلى بلد العبور أولاً، ومن هناك بأوراق اللجوء الألمانية إلى ألمانيا، وفي حال تم ختم الأوراق الأخيرة في سوريا يمكن لصاحب الأوراق على سبيل المثال العودة عبر الدنمارك وادعاء فقدان جواز السفر على الحدود الألمانية.
ويعلم المكتب الفدرالي للهجرة واللاجئين (bmf) عن الذين يسافرون إلى سوريا، لكنه لا يعرف عددهم بدقة، ومع ذلك فإذا كشفت مثل هذه الرحلات فيتهدد أصحابها إبطال حق اللجوء بحقهم.
وقالت متحدثة باسم المكتب الفيدرالي: “في النصف الأول من عام 2019 تم اتخاذ 62105 قراراً تتعلق بإجراءات مراجعة إلغاء حالات لجوء، وتأثر 39806 سورياً فيها، إلا أن هذه القرارات المتعلقة بإجراءات الإلغاء تستند لأسباب مختلفة.
وتساءلت الصحيفة حول حق اللاجئ بالسفر، والشائع إنه بمجرد أن يحصل اللاجئ على تصريح إقامة يُسمح له بالعمل وحرية التنقل، وهذا يعني أنه يمكن أن يسافر إلى البلدان التي يحصل على تأشيراتها (باستثناء بلده الأصلي)، مضيفةً أنه حين يتلقى اللاجئ معونات البطالة، يجب عليه إخطار مركز العمل بسفره، ويجب ألا تستغرق رحلته أكثر من ثلاثة أسابيع.
واعتبر مراسل الصحيفة “محمد ربيع” أن اللاجئين الذين يذهبون إلى سوريا في عطلة هم مؤيدون لبشار الأسد، وإلا لما طاروا إلى دمشق أو اللاذقية، مضيفاً أن هذا النوع من العطلات لا يصدق وغير مقبول، فعلى الرغم من أن هؤلاء الأشخاص قد فروا إلى ألمانيا وقالوا إنهم لم يعودوا آمنين في سوريا ولكن للأسف هذا ما يحدث.
ولفت المراسل أن الحقيقة المرة اليوم هي أن ملايين السوريين يعانون في مناطق مثل إدلب والرقة ودير الزور جراء الحرب، والدمار الذي تقوم به قوات النظام، في حين أن بعض اللاجئين يفتخرون بتمتعهم بعطلتهم في العاصمة دمشق التي تقع تحت حكم الأسد، مؤكداً أن المدنيين الذين يعانون من الأسد يستحقون أن يكونوا في ألمانيا بدلاً من أولئك الذين يفتخرون بقضاء عطلتهم في مناطق سيطرته.
ومن جهته، اقترح وزير الداخلية الألماني “زيهوفر” ترحيل طالبي اللجوء السوريين إذا تبين أنهم عادوا إلى بلادهم في زيارات خاصة منتظمة بعد فرارهم منها.
وقال وزير الداخلية أنه لا يمكن لأي لاجئ سوري يذهب بانتظام إلى سورية في عطلة، أنه تعرض للاضطهاد، وعلينا حرمان مثل هذا الشخص من وضعه كلاجئ”.
وأكد السياسي المحافظ أنه إذا كان المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين على علم بسفر طالب اللجوء إلى البلد الأصلي، فستدرس السلطات على الفور إلغاء وضعه كلاجئ، عبر بدء إجراءات سحب اللجوء والاقامة منه، مضيفاً أن السلطات تراقب الوضع في سوريا عن كثب، وأن الحكومة ستعيد اللاجئين إلى بلادهم إذا سمح الوضع بذلك.
وطرح زيهوفر مشروع قرار للحكومة الألمانية، ينص على تحسين شروط ترحيل اللاجئين الذين تم رفض طلبات لجوئهم، وقدم في حينها أجوبة ومبررات مالية واجتماعية، مشيراً إلى أن هدف التعديلات التي أدخلت على قانون 2017 السابق، هو زيادة أعداد عمليات الترحيل، وذلك من خلال إزالة العراقيل أمام الاحتجاز على ذمة الترحيل والحبس الاحتياطي للاجئين.
ويسمح القانون المحتمل بمعاقبة أصحاب طلبات اللجوء الذين لا يتعاونون مع السلطات في تحديد هويتهم، والذين يسافرون لبلادهم الأصلية، وهم ادعوا سابقاً بأنهم مضطهدون فيها.
وعادةً ما تقوم الشرطة الاتحادية الألمانية في المطارات بمراقبة مثل هذه الحالات، وتبلغ المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بأسماء اللاجئين المشتبه في زيارتهم لأوطانهم التي هربوا منها نتيجة للاضطهاد.
ويذكر أن أكثر من 700 ألف سوري لجأوا إلى ألمانيا في السنوات الأخيرة في أعقاب الحرب السورية المستمرة منذ ثماني سنوات.