حذّرت القائمة بأعمال ممثل منظمة الصحة العالمية في سوريا، كريستينا بيثكي، من تدهور متسارع في واقع الخدمات الصحية داخل البلاد، نتيجة الانخفاض الحاد في التمويل المخصص للقطاع، مشيرةً إلى أن أكثر من 7.4 ملايين شخص باتوا يواجهون صعوبات متزايدة في الحصول على الأدوية والعلاج.
وخلال مؤتمر صحفي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، أوضحت بيثكي أن 417 مرفقاً صحياً في سوريا تأثر منذ منتصف العام الجاري، من بينها 366 مرفقًا اضطر إلى تعليق أو تقليص خدماته بشكل كبير.
وبيّنت أن تداعيات نقص التمويل خلال الشهرين الماضيين فقط أدت إلى تعطّل 210 آلاف إحالة طبية، وعدم إجراء 122 ألف استشارة لحالات الصدمات، إضافة إلى 13,700 حالة ولادة تمت من دون مساعدة طبية مؤهلة، وحرمان عشرات الآلاف من جلسات الدعم النفسي والعلاجات الدورية.
وأشارت بيثكي إلى أن 58% فقط من المستشفيات و23% من مراكز الرعاية الصحية الأولية تعمل بكامل طاقتها حالياً، فيما يعاني القطاع من نقص مزمن في الأدوية والكهرباء والمعدات الطبية، مما يجعل النظام الصحي هشًا وعُرضة للانهيار.
وأضافت أن المرحلة الحالية، التي تشهد انتقال سوريا من حالة الطوارئ إلى مرحلة التعافي، تشهد فجوة خطيرة في التمويل الإنساني، إذ يتراجع الدعم الدولي قبل أن تكون الأنظمة الوطنية قادرة على تحمل مسؤولياتها بالكامل.
ونبّهت المسؤولة الأممية إلى تفاقم المخاطر الصحية الناجمة عن الجفاف وسوء الصرف الصحي والمياه غير الآمنة، ما أدى إلى انتشار أمراض مثل الكوليرا وداء “الليشمانيات” والقمل والجرب، في حين يهدد نقص الكهرباء سلاسل التبريد الخاصة باللقاحات والمستشفيات.
وأوضحت بيثكي أن نحو ثلاثة ملايين شخص عادوا إلى مناطق تفتقر إلى البنية الصحية الأساسية، ما زاد من الضغط على المرافق العاملة أصلاً بطاقة محدودة.
وختمت بيثكي بالقول إن “صورة التمويل قاتمة”، مشيرةً إلى أن نداء منظمة الصحة العالمية لعام 2025 يبلغ 141.5 مليون دولار، فيما لا تزال هناك فجوة تمويلية تقدر بـ 77 مليون دولار حتى تشرين الأول الماضي.
وأكّدت أن “الحفاظ على استمرارية الخدمات الصحية اليوم هو جسر لتعافي سوريا غداً”، محذّرةّ من أن غياب الدعم الدولي الكافي قد يؤدي إلى انهيار النظام الصحي في وقت تلوح فيه بوادر التعافي.
